الفاتيكان: لا تغيير في موقفنا من قضية الصحراء

السفير هلال أكد رفض الرباط المشاركة في مفاوضات لا تحضرها الجزائر

TT

الفاتيكان: لا تغيير في موقفنا من قضية الصحراء

نفت السفارة البابوية لدى المغرب حدوث أي تغيير في موقفها تجاه قضية الصحراء، وذلك على أثر استقبال بابا الفاتيكان فرانسيس الأول مجموعة من الأطفال الصحراويين المقيمين في مخيمات جبهة البوليساريو بتندوف (جنوب غربي الجزائر) الأربعاء الماضي.
وأوضحت السفارة في بيان لها صدر أمس أنه «تبعا لما ورد في عدد من الصحف والمقالات، التي نقلت أخبارا غير صحيحة أو مجزأة، فإن السفارة البابوية لدى المملكة المغربية تحرص على التوضيح أن موقف الكرسي الرسولي من قضية الصحراء لم يتغير». مشيرا إلى أن «الاستقبالات الأسبوعية التي يخصصها قداسة البابا للحجاج من جميع أنحاء العالم ذات طابع ديني محض، ولا تحمل أي دلالة سياسية».
وكانت وكالة الأنباء الصحراوية، التابعة لجبهة البوليساريو، ومواقع إلكترونية متفرقة قد نشرت خبر استقبال بابا الفاتيكان «رسل السلام الصحراويين» داخل القاعة الكبيرة وسط دولة الفاتيكان، وقالت إن الاستقبال جرى بحضور ممثل جبهة البوليساريو الانفصالية في إيطاليا، ورؤساء جمعيات ومتضامنين مع القضية الصحراوية، وآلاف الأشخاص الذين جاؤوا إلى الفاتيكان من كل بقاع العالم.
وجاء الاستقبال في إطار ما يطلق عليه «عطل السلام»، التي تمولها مجموعة من الهيئات والمنظمات الدولية. وظهر الأطفال الصحراويون في الصورة المرفقة بالخبر وهم يرتدون الألبسة التقليدية الصحراوية، ويحملون أعلام الجبهة. وقالت المنابر الإعلامية ذاتها إنهم سلموا بابا الفاتيكان رسالة خطية من الشعب الصحراوي وهدية رمزية، عبارة عن لوحة ترمز إلى السلام وحفنة صغيرة من تراب. بينما تمنى البابا «لرسل السلام الصحراويين العيش في سلام وأمن وطمأنينة».
في المقابل، ذكرت تقارير إعلامية أن المبادرة لقيت انتقادات واسعة بسبب «استغلال جبهة البوليساريو الأطفال لخدمة أجنداتها السياسية، وربْح موقف من دولة الفاتيكان». مبرزة أيضا أن اللقاء خلف ردود فعل معارضة وسط الموالين للجبهة، بدعوى مخالفة الأعراف والتقاليد الصحراوية، إذ رأى المعارضون أن جبهة البوليساريو فتحت الباب للمسيحيين من أجل مباشرة عمليات التبشير في أوساط أطفال تيندوف، وهو ما من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على الهوية الصحراوية، والمرجعية الدينية للصحراويين، حسب تعبيرهم، بينما اعتبر مؤيدون للحدث أن المبادرة «من شأنها التأثير على موقف الفاتيكان من قضية الصحراء»، وهو ما جرى نفيه.
وفي سياق متصل، قال عمر هلال، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، إن موقف المغرب من قضية الصحراء «محسوم»، موضحا أن إجراء أي جولة من المفاوضات حول هذا النزاع الإقليمي لا يمكن أن يتم من دون مشاركة الجزائر، باعتبارها طرفا رئيسيا. وأضاف هلال في تصريحات صحافية أن الاجتماع الذي عقد الأربعاء الماضي بالأمم المتحدة لم يسجل أي تقدم في الملف، حيث اقتصر على تقديم عرض لهورست كوهلر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، حول ما استمع إليه خلال جولته الإقليمية في المنطقة نهاية يونيو (حزيران) الماضي. كما كشف كوهلر خلال الاجتماع ذاته عن أن حوارا بين الأطراف المعنية من الممكن عقده نهاية العام الحالي.
في سياق ذلك، أكد هلال أن المغرب يرفض الجلوس إلى أي طاولة حوار، دون مشاركة الجزائر باعتبارها طرفا رئيسيا في القضية، موضحا أن أي حوار جدي يهدف إلى تحريك الملف لا يمكن أن يحدث إلا بحضور الجزائر، بدل إجراء محادثات دون جدوى، كما حدث سابقا في محادثات «مانهاست»، مشددا على أن المغرب «واضح في هذه المسألة»، وأنه «لا يقبل التفاوض مع طرف لا يمتلك قراره»، في إشارة إلى جبهة البوليساريو.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.