«تفاؤل حذر» بقرب تشكيل الحكومة اللبنانية

الحريري يستكمل مباحثاته مع «الاشتراكي» و«القوات» بعد لقائه باسيل

الرئيس سعد الحريري خلال استقباله وزير المال علي حسن خليل أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري خلال استقباله وزير المال علي حسن خليل أمس (دالاتي ونهرا)
TT

«تفاؤل حذر» بقرب تشكيل الحكومة اللبنانية

الرئيس سعد الحريري خلال استقباله وزير المال علي حسن خليل أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري خلال استقباله وزير المال علي حسن خليل أمس (دالاتي ونهرا)

رفع الحراك الأخير للرئيس المكلف سعد الحريري على خط تشكيل الحكومة منسوب التفاؤل بقرب إعلان تأليفها، إذا نجحت الاتصالات التي يستكملها بحل العقدتين المسيحية والدرزية، وهو تفاؤل ينظر إليه المقربون من الحريري «بحذر»، ربطاً بمقترحات سابقة فشلت في التوصل إلى إعلان الحكومة في نهاية المطاف.
ودخلت المباحثات لتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة جولة جديدة من النقاشات تضافرت فيها جهود القوى السياسية للتوصل إلى صيغة، تنهي حال المراوحة، وسط تعويل على دور لرئيس مجلس النواب نبيه بري لحل العقدة الدرزية بالتواصل مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، في حين يتولى الحريري بحث صيغة جديدة مع حزب «القوات اللبنانية» لحل عقدة التمثيل المسيحي.
وبعد لقاء «إيجابي جداً» بين الرئيس الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، جاء بعد لقاء بين الحريري وبري أول من أمس، ينتظر أن يتواصل الحريري مع «الاشتراكي» و«القوات» لإنجاز مسودة جديدة للحكومة يقترحها على الرئيس ميشال عون. وقللت مصادر مواكبة للحراك الأخير من فرضية الحسم في إنجاز الطبخة الحكومية، قائلة لـ«الشرق الأوسط»، إن المرحلة «هي مرحلة نقاشات لتذليل العقد الحكومية»، معولة على لقاءات الحريري بـ«الاشتراكي» و«القوات» لإنجاز المسودة.
وبدا واضحاً أنه رغم الحراك السياسي الفعال الذي قام به الرئيس المكلف، لم يظهر أن هناك خرقاً أساسياً تحقق حتى الآن لحلحلة العقد القديمة، بعد اللقاء مع باسيل. ووصفت مصادر مطلعة على موقف الرئيس الحريري لـ«الشرق الأوسط» الجو السائد بأنه «تفاؤل حذر»، موضحة أنه «بناءً على الحراك القائم، هناك بعض الأفكار الجديدة التي سيعرضها الرئيس الحريري على المعنيين بتشكيل الحكومة ستظهر نتيجتها إذا تم الإعلان عن الحكومة».
وإذ شددت المصادر على أن «الحراك أفضل من الجمود»، قالت إن «الحراك الفعال لا يعني التوصل إلى نتيجة بعد»، مضيفة «التجربة تؤكد أننا في حاجة إلى انتظار النتائج الفعلية لهذا الحراك، وهو إعلان الحكومة». وقالت المصادر «إذا لاقت تلك الأفكار المطروحة من جديد قبولاً لدى المعنيين، ووصلت إلى حل نهائي للعقد، فمعنى ذلك أن إعلان الحكومة قد يكون في الأسبوع المقبل». وعن الحذر في إشاعة تلك الأجواء الإيجابية، قالت المصادر، إن «الحذر مبني على تفاؤل سابق لم يوصل إلى نتيجة»، مضيفة «نحن اليوم متفائلون بحذر».
ووسط تكتم عن الأفكار التي تبادلها الرئيس المكلف مع الوزير باسيل، اكتفت مصادر باسيل بالقول، إن الجو «إيجابي»، مؤكدة أن باسيل متفق مع الحريري على قيام حكومة وحدة وطنية. ولفتت المصادر إلى أن الحريري «سيواصل اتصالاته على هذا الأساس وفقاً للمعايير العادلة التي شدد باسيل على الالتزام بها».
من جهتها، نقلت «إم تي في» عن مصادر مقربة من باسيل تأكيدها أن الاجتماع ممتاز، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الشخصي، قائلة إن «الاتفاق كان تاماً؛ إذ إن الحريري مدرك أن تكتل لبنان القوي لم يطلب أكثر من حقه، وبالتالي فلا مشكلة معه من الأساس، بل مع الذين يطالبون بأكثر من حجمهم وحقهم». وشددت المصادر على أن الاجتماع «أكد بما لا يقبل الشك أن الاتفاق السياسي بين التيار الوطني الحر والحريري قائم وثابت خلافاً لكل محاولات التشويش عليه». ورأت المصادر، أن الحريري يعرف تماماً أن الوقت ضاغط، مشيرة إلى أن باسيل كان يدعو «إلى البحث عن حل للعقد عند غيرنا» ويقول «نحن جاهزون عندما يقرر الرئيس الحريري التواصل معنا وهذا ما حصل ‏بالفعل».
وفي سياق لقاء الحريري - باسيل، اعتبر النائب شامل روكز أن اللقاء «خطوة إيجابية باتجاه تشكيل الحكومة»، موضحاً أن «المسألة لا تزال في أولها، وهناك سلسلة خطوات ستتبع هذا اللقاء». وشدد روكز في حديث إذاعي على أن «حصة رئيس الجمهورية مكرسة بالعرف، وهي تشمل كل الطوائف ومن بعدها تأتي حصص الكتل»، وقال «إذا هذه المرة رئيس الجمهورية هو ميشال عون، فهذا لا يعني أن نخرج عن هذا العرف». وعن الخلاف على حصة «القوات اللبنانية»، رأى أن «حزب القوات ينال حصته وفق حجمه النيابي»، مشدداً على أنه «إذا كانت هناك إرادة للحلحلة، فسيتم ذلك».
وفي سياق الاتصالات التي استعادت زخمها لتسهيل تأليف الحكومة، استقبل الرئيس الحريري في «بيت الوسط» المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل الذي قال إن «هناك حراكاً جديداً على الصعيد الحكومي» و«نأمل أن تتقدم الأمور».
غير أن مصادر «القوات» ذكرت أن العقد الأساسية «ما زالت في مكانها، حيث لم تتم معالجتها بعد»، مشددة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن ما يتم التداول به من مقترحات لحلول للحصة المسيحية، مثل إعطاء «القوات» ثلاث حقائب خدماتية من أصل أربع، وحرمانها من حصة «نائب الرئيس» أو حرمانها من الحقيبة السيادية: «هي مجرد أفكار لا تنم عن تصورات أو حلول فعلية»، داعية إلى «الانتظار حتى نرى كيف يمكن الأمور أن تتطور»، مشيرة إلى أن الاتصالات «لا تزال في بداياتها».
وقالت مصادر «القوات»، إن اللقاءات مثل لقاء الحريري – باسيل «مرحب بها»، لافتة إلى أن رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع «كان أكد منذ اللحظة الأولى بأنه يجب الاستمرار في فتح قنوات التواصل دون التوقف أمام شكليات معينة؛ لأن المطلوب هو تشكيل الحكومة العتيدة». ورأت المصادر أن «اللقاء هو نوع من كسر الجليد القائم بين الطرفين في ظل مواقف باسيل السابقة وجاء بعد التباينات في مواقفهما»، مضيفة «لا يمكن القول إن هناك شيئاً جديداً رغم محاولة البحث في بعض المخارج من أجل الوصول إلى الحكومة العتيدة». وأكدت المصادر، أنه «لا يمكن الكلام عن حلحلة فعلية، بل حلحلة في أجواء سياسية»، آملة أن «لا يستمر باسيل في تصعيد مواقفه بمواجهة طرف ما لأسباب سياسية خاصة».
وفي حين لم تتضح بعد المقترحات لحل العقدة المسيحية، يتمسك «الحزب التقدمي الاشتراكي» بأن يكون التمثيل الدرزي بأكمله من حصته، وينظر الحزب بإيجابية نحو حراك الرئيس الحريري وتنسيقه مع الرئيس نبيه بري. وعما إذا كان هناك أي لقاء قريب بين الحريري وجنبلاط، قالت مصادر الحزب، إن خطوط الاتصال «مفتوحة دائماً مع الرئيس الحريري، ولا شيء يمنع حصول مثل هذا اللقاء».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.