انخفاض الجريمة في لبنان بنسبة 20 في المائة والقبض على المرتكبين خلال 72 ساعة

الانفلات الأمني يبقى مصدراً للقلق ما دام السلاح الفردي منتشراً من دون ضوابط

أحد محلات بيع الأسلحة في بيروت ... وفي الاطار مسلحون في أحد الشوارع
أحد محلات بيع الأسلحة في بيروت ... وفي الاطار مسلحون في أحد الشوارع
TT

انخفاض الجريمة في لبنان بنسبة 20 في المائة والقبض على المرتكبين خلال 72 ساعة

أحد محلات بيع الأسلحة في بيروت ... وفي الاطار مسلحون في أحد الشوارع
أحد محلات بيع الأسلحة في بيروت ... وفي الاطار مسلحون في أحد الشوارع

«تدنت نسبة الجرائم الفردية في لبنان على رغم انتشار السلاح في أيدي اللبنانيين، لكن انتشار الأخبار وتداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دون التدقيق المطلوب تؤدي إلى التضخيم السلبي للواقع». هذا ما أكده مصدر أمني مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «الشعب اللبناني مسالم مقارنة مع غيره من الشعوب». وأضاف المصدر، أن «71 جريمة فردية سُجّلت في النصف الأول من العام الحالي، في حين كانت قد حصلت 89 جريمة في الفترة ذاتها من العام الماضي. كما أن القبض على المرتكبين يتم خلال فترة لا تتخطى 72 ساعة بعد وقوع الجريمة».
كلام المصدر الأمني جاء لنفي تقرير أشار إلى أن 62 جريمة قتل فردية حصلت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، ليوضح أن «الإحصاءات الدقيقة هي التي تصدر رسمياً، وهي تدل على انخفاض بنسبة 20 في المائة». ويشير التقرير إلى أن «نسبة غير اللبنانيين من مرتكبي الجرائم تصل إلى نحو 25 في المائة بين لاجئين سوريين وفلسطينيين وجنسيات أخرى. كما أن حوادث النشل والسرقة تدنت بنسبة 50 في المائة عما كانت عليه سابقاً». ويضيف «هناك مقاييس علمية وعالمية تفرض نفسها. ففي لبنان ولكل مائة ألف مواطن لا تتجاوز نسبة الجريمة 3 في المائة، وهي أفضل من بعض الدول الأوروبية، وأفضل بكثير مما هي في الدول الأميركية، حيث تصل النسبة إلى أكثر من 6 جرائم لكل مائة ألف مواطن».
في المقابل، تجد الجمعيات والمؤسسات المختصة أن الانفلات الأمني في لبنان يبقى مثيراً للقلق ما دام السلاح متوافراً من دون ضوابط، وتحذر من نوعية جرائم لم يعتدها المجتمع اللبناني بين أفراد العائلة الواحدة، أو بسبب خلاف على أولوية المرور أو ركن سيارة، أو جراء نوبة غضب بتأثير المخدرات أو الكحول. وأحياناً، تكون الأسباب ثأرية، أو تعديات بناء، أو حتى ممارسة هواية إطلاق النار. حتى وصلت الأمور إلى قتل مشجع فريق رياضي مشجعاً آخر لفريق خصم، كما حصل خلال المونديال قبل شهرين.
ويقول مستشار رئيس الحكومة للأمن الإنساني ورئيس حركة «السلام الدائم»، فادي أبو علام، لـ«الشرق الأوسط»، «سترتفع نسب الجريمة الفردية مع استمرار فوضى السلاح. وفي تقرير دولي شمل 150 دولة احتل لبنان المرتبة التاسعة لجهة حيازة السلاح». ويضيف «الرغبة في التسلح تعود إلى الحرب الأهلية وترسباتها، وإلى شعور الأفراد بحاجتهم إلى حماية ذاتية؛ لأن القانون يغيب في مراحل التوتر الأمني، هذا بالإضافة إلى العادات والتقاليد». ويشير أبو علام إلى أن «قانون تنظيم السلاح يتم بموجب مرسوم اشتراعي صدر في عام 1959، ولم تتعدل مواده، ولا ضوابط أو بنود تضمن الوقاية مع وجود السلاح لدى العامة. فالترخيص بحد ذاته لا يكفي، ويحتاج إلى تفاصيل كفيلة بمنع جريمة قد تقع في لحظة غضب وجنون موقت أو لحظة فوضى عابرة. كما أن الترخيص عشوائي؛ إذ كيف يمكن السماح لأشخاص تعرضوا إلى العنف الأسري حمل الأسلحة؟ النتائج نراها في الجرائم الأسرية. والأخطر أنه مقابل 30 ألف ترخيص في لبنان هناك ما يقارب 3 ملايين قطعة سلاح فردي».
إلا أن أستاذ علم الاجتماع الدكتور إلياس مطر يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجريمة تبقى بحدود أقل بكثير من المبالغات في الإعلام، وذلك يعود إلى نوعية الثقافة والروابط العائلية والاجتماعية في لبنان. وإن كان لا يمكن إنكار التغيير في القيم الموروثة جراء العولمة والتواصل والاتصال. وهو لا بد أن ينعكس، كماً ونوعاً، على الجريمة الفردية قياساً إلى عشر سنوات مضت». ويضيف «هناك أيضاً الخصوصية اللبنانية والحرب التي تزال تراكماتها تتفاعل، وخصوصية في منطقة الشرق الأوسط مع الحروب والعنف السائد حولنا».
ويشدد مطر على أن «بقاء الطبقة السياسية ذاتها التي قامت بالحرب الأهلية ساهم بمرارة وغضب كامنين لدى شرائح واسعة من المجتمع قد ينفجر جرائم لسبب أو لآخر. فعدد لا يستهان به من اللبنانيين يكره زعيماً بعينه لأنه وميليشياته تسببوا بقتل أقرباء وتدمير منازل وتهجير جماعات وإخلاء مناطق. والتجارب الشخصية تتفاعل وتتضخم لأن هذه الطبقة لا تزال تحكم من دون أن تقدم حلولاً معيشية تريح المواطن وتنسيه فظاعة ما حصل، فيشعر بمزيد من القمع والقهر والفقر ولا يجد متنفساً إلا من خلال العنف. كما أن الاكتظاظ السكاني الحاصل له تداعياته. هناك ستة ملايين شخص تتجمع غالبيتهم في نحو 4 آلاف متر مربع؛ ما يسهل ارتكاب الجرائم».
ويرى أبو علام، أنه «إضافة إلى عنصر السلاح، لدينا الفقر والبطالة واختلال موازين التربية والأخلاق والانفلات الأمني وسقوط هيبة الدولة، واجتماع هذه العوامل كلها ساهم في ارتفاع نسبة الجريمة في لبنان».
وعن العقاب والملاحقات، يقول أبو علام «القوى الأمنية تقوم بواجباتها، وأفضل مما تعمل مثيلاتها في العالم. لكن القضية تتجاوزها مع تفشي خطاب الكراهية سياسياً ومذهبياً. والأهم أن لا توعية على القانون. ما يبقي لبنان في خانة الخطر ويحتاج إلى اهتمام أكثر جدية لمعالجة الجرائم الفردية».
من جهته، يؤكد مطر أن «الوضع ليس بهذه الخطورة، فكل الأسباب تصنف ضمن العوامل الظرفية، سواء لجهة الاكتظاظ أو تردي الاقتصاد أو لجهة غلبة السلاح وتفشيه أو تحكم الطبقة السياسية بالمواطنين، وأي انفراج سينعكس إيجاباً لأن طبيعة اللبناني المحب للحياة واللامبالي بالصعوبات لها الغلبة على الأوضاع الصعبة».
ويرفض المصدر الأمني أي تهويل بشأن واقع الجريمة في لبنان؛ نظراً إلى الجهود المكثفة لضبط الأمن. ويؤكد أن «لا تدخلات سياسية عندما يتم القبض على أي مرتكب، وتوجيهات المدير العام لقوى الأمن الداخلي واضحة بهذا الشأن»، ويكرر «إن لبنان من أكثر المناطق أمناً في العالم؛ وذلك نتيجة جهود القوى الأمنية والتنسيق الكامل مع الأجهزة المختصة لضبط الأوضاع. ولدى جهاز الأمن الداخلي شهادات وتنويهات دولية بالاحترافية العالية التي يتمتع بها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».