لا سينما من دونها

> على الرغم مما يبدو من نشاط السينما العربية الآتية من بلدان مختلفة في مشرق هذا العالم أو في وسطه أو غربه، فإن هناك قدراً لا بأس به من فوضى العمل وفوضى التصويب؛ بحيث تطيش كثير من المحاولات في اتجاهات مختلفة، ليس من بينها - بالضرورة - ما يزمع المبدع الوصول إليه.
> هناك كثير من الأفلام ذات الحسنات، وأكثر منها الأفلام التي تبدو كما لو كانت ملامحها الفنية هي حسنات فعلية.
هناك عشرات الأفلام الجيدة تواكبها عشرات أخرى من الأفلام التي ترضخ لظروف خارجة عن إرادة الفنان، أو يؤم العمل عليها من لديه الأفكار دون الإمكانات والرغبات دون القدر الكافي من شروط تحقيقها على نحو صحيح.
> بعض العوامل وراء كل ذلك فردية. في مقابل كل مخرج جيد لدينا ثلاث أو أربع مواهب، إما في طور التكوين وإما بعيدة عنه. في مواجهة عشرين فيلماً تستحق الإشادة هناك حفنة قليلة من التي تستحق أن توصف بالتكامل أو بصفات الإبداع الحقيقية.
> على أن بعض العوامل الأخرى ليست من مسؤولية صانعي الأفلام. هناك عناصر غائبة أو مغيّبة تجعل من المستحيل اختراق هذا السقف المنخفض من النجاحات إلا فيما ندر. أحد هذه العناصر هو غياب البيئة الثقافية والفنية في أكثر من بلد منتج.
> تحديداً، لا يواكب الأعمال السينمائية في أكثر من عاصمة أي جهد رسمي لدعمها في أي مرحلة. ولا نية للمحطات التلفزيونية العربية لمد يد المساعدة إلى السينمائيين، بشراء أفلامهم بعد إنتاجها، إلا بسعر الخردة. من بينها أيضاً انشغال موزعي الأفلام العرب بالسباق صوب الأفلام الترفيهية وحدها، لعدم إيمانهم بنتائج الفيلم المختلف. كذلك غياب النوادي السينمائية وغياب المجلات السينمائية التي يمكن لها أن تشكل الأرضية الصالحة للثقافة الأعمق مما هو متوفر على المواقع الإلكترونية.
> إنه من الممكن صنع أفلام جيدة؛ لكن المطلوب هو صنع سينما وليس صنع أفلام. وهذا الإطار الأوسع لا يمكن تحقيقه مع غياب الضروريات المذكورة.