تونس: «تقرير الحريات الفردية» يفجر جدلاً بين الأحزاب الليبرالية والتيارات المحافظة

يتضمن مقترحاً للمساواة في الإرث بين الجنسين وإعادة النظر في المهر

TT

تونس: «تقرير الحريات الفردية» يفجر جدلاً بين الأحزاب الليبرالية والتيارات المحافظة

في انتظار إعلان الرئيس التونسي الاثنين المقبل عن المصير النهائي لتقرير الحريات الفردية والمساواة، الذي يجري الإعداد له منذ نحو سنة، وبمناسبة احتفال تونس بالعيد الوطني للمرأة، ما زالت ردود الأفعال المتباينة تتوالى حول هذا التقرير، خاصة أنه يتضمن مقترحات أثارت جدلا سياسيا واجتماعيا ودينيا قويا، وفي مقدمتها مقترح المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وإلغاء عقوبة الإعدام، وإعادة النظر في المهر، وإلغاء نظام رئاسة الزوج للعائلة. علاوة على إلغاء المصطلحات الدينية من القانون التونسي.
وفي هذا السياق سلم راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، يوم الأربعاء الماضي لرئيس البلاد رسالة تضمنت «موقف الحركة النهضة من مشروع لجنة الحريات الفردية والمساواة». وأكد المكتب التنفيذي للحركة أن الغنوشي «استمع إلى مقاربة رئيس الجمهورية حول المسائل المتعلقة بالإرث، وقضايا الحريات الشخصية، وما هو مبرمج للحسم في الأفق القريب وما هو مفتوح للتداول».
وأكد عماد الخميري، المتحدث باسم حركة النهضة، أن تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة سيكون «منطلقا لحوار مجتمعي واسع»، وقال إن موقف حزبه من التقرير منسجم مع ما دعا له رئيس الجمهورية السنة الماضية، عبر تأكيده على ضرورة عدم المساس بالشعور الديني للمواطنين من خلال الإصلاحات المقترحة.
لكن محرزية العبيدي، القيادية في حركة النهضة، أوضحت في تصريح إذاعي أن الحزب يرفض مقترح المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وأن «النهضة» سترد على مشروع القانون الذي سيقدمه الرئيس إلى البرلمان «بطريقة بناءة وإيجابية»، على حد تعبيرها.
بدورها، قالت يمينة الزغلامي، عضو البرلمان التونسي عن حركة النهضة، إنه لا يمكن تمرير هذا القانون بقوة في مسألة تهم المجتمع والأسرة التونسية برمتها، وأكدت اختلاف السياق الزمني بين قانون الأحوال الشخصية، الذي أقره الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، وقانون الحريات الفردية المطروح حاليا للنقاش، مشيرة في هذا الصدد إلى أن بورقيبة قام بإشراك علماء الزيتونة في ذاك القانون الذي حافظ على تماسك الأسرة، وعلى الروابط المميزة للأسرة التونسية.
في غضون ذلك، تحشد التيارات الدينية المناوئة للمشروع المواطنين ضد هذا القانون، حيث دعت إلى تنظيم مسيرات مناهضة له، ينتظر أن تنطلق يوم غد السبت وسط العاصمة التونسية.
وكان حزب «تيار المحبة» قد نظم الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة، ودعا إلى سحب هذا القانون. كما انتقد «حزب التحرير»، المنادي بعودة الخلافة، هذا التقرير، حيث اعتبره عبد الرؤوف العامري، رئيس المكتب السياسي للحزب في مؤتمر صحافي «تشريعا للتفسخ المجتمعي وانحلاله من كل قيد آيديولوجي وديني وأخلاقي»، مضيفا أن لجنة الحريات الفردية والمساواة «ناقضت الإسلام بمقترحات تحاكم الأحكام الشرعية الثابتة»، على حد تعبيره.
ووفق متابعين للشأن السياسي المحلي، ستجد رئاسة الجمهورية نفسها قبل يوم الاثنين المقبل، أي موعد الإعلان عن موقف الرئيس من هذا المقترح، تحت ضغط التيارات الحداثية والليبرالية المطالبة بشدة باحترام المواثيق الدولية، التي صادقت عليها تونس فيما يتعلق برفض كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة، وبالتالي ضرورة إقرار قانون الحريات الفردية والمساواة، وضغط مماثل من التيارات المحافظة، التي ترى في هذا القانون يشكل تهديدا لكيان الأسرة التونسية، وتجاوزا لأحكام الشريعة الإسلامية. فيما تذهب بعض التيارات الدينية الأكثر تشددا إلى اعتبار هذا القانون «استجابة لضغوط غربية، خاصة أوروبية، لإقرار مثل هذا القوانين، واشتراط مواصلة دعم المسار الديمقراطي في تونس بالمصادقة على مثل تلك القوانين».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.