الرباط: لا حلّ لقضية الصحراء من دون مشاركة الجزائر

مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء قدم إحاطة أمام مجلس الأمن

TT

الرباط: لا حلّ لقضية الصحراء من دون مشاركة الجزائر

قدم هورست كوهلر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، مساء أول من أمس، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، أطلع فيها أعضاء مجلس الأمن على جولته الإقليمية الثانية، التي قام بها في الفترة الممتدة من 23 يونيو (حزيران) إلى الأول من يوليو (تموز) الماضيين، والتي قادته إلى الجزائر وموريتانيا والمغرب ومخيمات جبهة البوليساريو (جنوب غربي الجزائر).
فيما يتوقع أن يدعو كوهلر أطراف النزاع إلى مشاورات قبل نهاية العام الحالي.
وحسب مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن، فقد أعرب المبعوث الشخصي للأمين العام عن شكره للسلطات المغربية على تيسير زيارته إلى الأقاليم الجنوبية (الصحراء)، وتمكينه من الالتقاء بكامل الحرية بمختلف الأشخاص الذين رغب في مقابلتهم، والاطلاع على المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة، وذلك وفقا لما أوردته أمس وكالة الأنباء المغربية.
وذكرت المصادر ذاتها أن الكثير من أعضاء المجلس رحبوا بالأجواء التي جرت فيها الجولة الإقليمية للمبعوث الشخصي، لا سيما زيارته إلى المحافظات الصحراوية، مشيرة إلى أن غالبية الأعضاء أعربوا أيضا عن ارتياحهم لنتائج مختلف اللقاءات والزيارات التي قام بها المبعوث الشخصي، داعين إياه إلى مواصلة العمل والتفاعل مع جميع الأطراف للحفاظ على زخم إحياء المسلسل.
وفي ختام المشاورات المغلقة لمجلس الأمن بشأن قضية الصحراء، أدلى جوناثان ألن، السفير الممثل الدائم بالنيابة للمملكة المتحدة، والذي تتولى بلاده رئاسة المجلس لهذا الشهر، بتصريح مقتضب لممثلي وسائل الإعلام حول محتوى المناقشات بين المبعوث الشخصي للأمين العام، هورست كوهلر وأعضاء مجلس الأمن. وذكر في هذا الإطار أن «الرئيس هورست كوهلر لقي دعما كبيرا من قبل المجلس لمقاربته ولمقترحه بمحاولة معرفة ما إذا كان بإمكانه الجمع بين الأطراف قبل نهاية السنة. وأكدنا جميعا على أهمية المشاورات مع جميع الأطراف المعنية»، مضيفا أن الرئيس كوهلر «أدرك فحوى الرسالة المتعلقة بضرورة إجراء مشاورات مسبقة ومعززة مع جميع الأطراف المعنية. وأنا مقتنع بأنه سيقوم بهذا الأمر، بما في ذلك ما يتعلق بالمعايير والشكل وباقي الأمور».
وبمجرد الإعلان عن تقديم هذه الإحاطة، قام المغرب بمساعٍ دبلوماسية مكثفة لدى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، وفي الرباط وببعض العواصم للتعبير عن التعاون الكامل للمغرب من أجل إنجاح زيارة كوهلر، مع التشديد على أولوية القيام بتقييم معمق وشامل لفحوى المباحثات بين المبعوث الشخصي والأطراف، وضرورة مواصلة حوار شفاف ومسؤول وهادئ لضمان إعادة إطلاق المسلسل السياسي. كما أكد المغرب أنه لا يمكن أن يكون هناك حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء دون التشاور معه، ودون انخراط الجزائر.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن طلب في قراره رقم 2414 بتاريخ 27 من أبريل (نيسان) الماضي من البلدان المجاورة، وبالتالي الجزائر، «تقديم مساهمة مهمة في هذا المسلسل، وإبداء التزام أكبر من أجل المضي قدما نحو حل سياسي». فيما شدد عدد من أعضاء مجلس الأمن على ضرورة التقدم بحذر في إطار إحياء المسلسل، من خلال التشاور مع الأطراف، وخاصة المغرب بشأن جميع الأفكار والمقترحات.
وخلال مختلف لقاءات الوفد المغربي مع المبعوث الشخصي منذ تعيينه، أعربت المملكة عن التزامها بالمسلسل الأممي، وفقا لمرتكزات موقفها الذي ذكر به الملك محمد السادس في خطابه خلال الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء في 6 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2017. ويبني المغرب موقفه من قضية الصحراء على أربعة أسس هي أنه لا حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها. ثم الاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. وأنه يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع أن تتحمل مسؤوليتها كاملة قصد إيجاد حل نهائي له. كما يشدد المغرب على الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيئة الدولية الوحيدة المكلفة رعاية مسار التسوية.
ويرفض المغرب بشكل قاطع أي تجاوز، أو محاولة للمس بحقوقه المشروعة، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.