الليرة التركية تواصل الهبوط ومخاوف المستثمرين تتصاعد

استمرار التوتر مع واشنطن يقود إلى أزمات اقتصادية

TT

الليرة التركية تواصل الهبوط ومخاوف المستثمرين تتصاعد

واصلت الليرة التركية تراجعها الحاد مقابل الدولار في تعاملات أمس، الأربعاء، على خلفية التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، وهبط سعر العملة التركية إلى مستوى نحو 5.28 ليرة مقابل الدولار. وجاء الانخفاض الذي سجّلته ابتداء من مساء الاثنين عقب إعلان واشنطن أنها تراجع الإعفاءات الممنوحة للصادرات التركية إلى السوق الأميركية.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، قال الممثل التجاري الأميركي، إن الولايات المتحدة تراجع إعفاء تركيا من الرسوم الجمركية في السوق الأميركية، وهي خطوة قد تؤثّر على صادرات تركية بقيمة 1.7 مليار دولار.
وفقدت الليرة نحو 27 في المائة هذا العام، منها 5.5 في المائة يوم الاثنين الماضي وحده، لتصل إلى 5.4250 ليرة للدولار مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق وأكبر انخفاض في جلسة واحدة في 10 سنوات.
وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نهاية الأسبوع الماضي، أنها تقوم بمراجعة التجارة التركية المعفاة من الضرائب في أسواق الولايات المتحدة بموجب ما يعرف بنظام الأفضليات المعمم بعد أن فرضت أنقرة «رسوما انتقامية» على سلع أميركية قيمتها 1.8 مليار دولار، ردا على رسوم واردات الصلب والألمنيوم الأميركية التي تم رفعها في مارس (آذار) الماضي بنسبة 25 و10 في المائة على التوالي.
وحول الضرر الذي يمكن أن يقع على تركيا إذا قررت الولايات المتحدة إزالة تركيا من نظام الأفضليات، قال البروفسور دوغا آر ألب، الباحث في مجال النزاعات الدولية، إن العقوبات التي قد تُفرض على الواردات التركية سيكون لها قيمة رمزية أكبر في العلاقات التركية الأميركية، وهو ما يعني أن تركيا والولايات المتحدة ليستا حليفتين استراتيجيتين.
وأضاف آر ألب في مقابلة صحافية أمس أن تركيا واحدة من أكبر الدول المصدرة للصلب إلى الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يضر صناعة الصلب التركية بطريقة مباشرة.
ولفت إلى أن أنقرة تريد الآن الرد على الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب، وترغب أيضا في أن تنتقم عبر فرض رسوم على عدد من السلع التي تستوردها من الولايات المتحدة، وهو نوع من الإجراء الانتقامي. ونبه إلى أن الولايات المتحدة ليست أكبر شريك تجاري لتركيا، حيث تأتي بعد دول الاتحاد الأوروبي وروسيا.
وبشأن توجه تركيا لتوسيع تعاونها مع روسيا والصين، وتأثير ذلك في العلاقات الأميركية التركية، قال آر ألب إن ما تقوم به تركيا، كما تفعل أي قوة إقليمية في مرحلة ما، هو تنويع شركائها، وهذه سياسية مستقلة عن حكومة إردوغان، وكانت تعمل عليها منذ نهاية الحرب الباردة.
وأوضح أن تركيا تحاول الانضمام لتجمع بريكس والحفاظ على ثرواتها من خلال بناء الشراكات ليس فقط مع روسيا ولكن أيضا مع الصين. وهذا ليس بالضرورة ضد الولايات المتحدة؛ ولكنه تغير في العلاقات. واعتبر أن التوترات السياسية المتصاعدة بين أنقرة وواشنطن تجعل توجه تركيا نحو روسيا والصين يبدو وكأنه خيار سياسي، لكنه خيار مهم بالنسبة لتركيا في هذه المرحلة.
في سياق متصل، قال رئيس وكالة التصنيف الائتماني اليابانية العالمية أورهان أوكمان، إن الاقتصاد التركي والقطاع المالي العام في تركيا لا يزال قويا، مشيرا إلى أنه رغم ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية، فإن المستثمرين يرون أن الأزمة الحالية يمكن التغلب عليها.
وأضاف أوكمان أن الاقتصاد التركي يواجه اضطرابات متعددة الأبعاد في الفترة الأخيرة منذ انتخابات 24 يونيو (حزيران) البرلمانية والرئاسية المبكرة، مؤكدا أنه رغم الاضطرابات السياسية وحالة عدم اليقين التي تعيشها تركيا، فإن بيئة الأعمال والقدرة التنافسية لا تزال مستقرة، والمرونة المالية لا تزال سليمة.
وأشار أوكمان إلى أن القطاع المصرفي يستمر في الحفاظ على قوته من حيث الربحية والسيولة وكفاية رأس المال.
ووصف أوكمان العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة على تركيا بأنها «عقوبات رمزية»، وفي حال التوسع فيها فإن إمكانية دخول الاقتصاد التركي في الركود وفي أزمة المدفوعات ستكون كبيرة، وستؤدي إلى أزمة في الاستقرار النقدي فضلا عن عواقب الأضرار الاجتماعية.
وشدد على ضرورة تحسين تركيا علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب من أجل تجنب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المحتملة، وتحليل سياساتها الداخلية والخارجية لاستعادة ثقة المستثمرين، فضلا عن استعادة الثقة في استقلالية البنك المركزي.
على صعيد آخر، ارتفعت صادرات الماكينات التركية بنسبة 21.2 في المائة، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأفاد بيان صادر عن اتحاد مصدري الماكينات التركي، أمس، بأن قيمة صادرات الماكينات بلغت 9.8 مليار دولار.
وأشار البيان إلى أن قطاع الماكينات التركي، نجح في زيادة صادراته إلى جميع البلدان المتطورة، حيث جاءت ألمانيا، والولايات المتحدة، وبريطانيا في مقدمة الدول المستوردة.
وأوضح البيان أن الصادرات التركية من الماكينات إلى الولايات المتحدة، رغم اتباعها سياسة حمائية، ازدادت بنسبة 28.7 في المائة.
وأوضح البيان أن القطاع يصدر شهريا الماكينات بقيمة 100 مليون دولار، إلى السوق الأميركية. وأكد أن القطاع يواصل زيادة صادرته إلى الولايات المتحدة، مشيرا إلى وجود زبائن في السوق الأميركي لديهم رغبة كبيرة لشراء الماكينات التركية التي تتميز بجودة عالية.
ولفت إلى أن صادرات التوربينات والأسطوانات الهيدروليكية، التي تم تصديرها للولايات المتحدة خلال الفترة المذكورة، ازدادت 1.5 مرة، وارتفعت صادرات المحركات وملحقاتها وقطع الغيار إلى ضعفين.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).