قصة إنقاذ مهاجر مصري على الحدود الليبية

واجه الموت وحيداً في «وادي الوديان»

روماني بعد أن تقطعت به السبل على الحدود المصرية -الليبية (صورة خاصة من عائلته)
روماني بعد أن تقطعت به السبل على الحدود المصرية -الليبية (صورة خاصة من عائلته)
TT

قصة إنقاذ مهاجر مصري على الحدود الليبية

روماني بعد أن تقطعت به السبل على الحدود المصرية -الليبية (صورة خاصة من عائلته)
روماني بعد أن تقطعت به السبل على الحدود المصرية -الليبية (صورة خاصة من عائلته)

في وقت متأخر من ليل الاثنين الماضي، بدأت عملية إنقاذ مهاجر غير شرعي على الحدود الليبية مع مصر، يدعى روماني يحيى يسي، ويبلغ من العمر 39 سنة، ويعمل نجاراً، كان ضمن ثمانية مهاجرين مصريين آخرين في الطريق إلى ليبيا، لكن تقطعت بهم السبل في مكان ما في الصحراء، قبل أن تعثر السلطات عليه بعد تفتيش 13 مسلكاً صخرياً بمحاذاة هضبة السلوم قرب ساحل البحر.
وتقوم السلطات المصرية منذ سنوات بتشديد الرقابة على حدودها مع ليبيا لمنع الهجرة غير الشرعية، التي تحولت إلى صداع دولي وإقليمي، بعد أن اتخذ آلاف المهاجرين الأفارقة أراضي ليبيا كطريق للعبور نحو أوروبا، باستخدام قوارب تنطلق من السواحل الليبية للوصول إلى السواحل الأوروبية. لكن بعض المصريين يكتفون بالعمل في ليبيا، مثل روماني، ولا يخاطرون بركوب البحر.
وقال روماني، وهو من مدينة الفشن بمحافظة بني سويف في جنوب القاهرة، في آخر اتصال هاتفي له بذويه على حدود ليبيا: «رفيقي مات، وحولي جثث كثيرة في الجبل، وأسمع صوت البحر. أبلغوا العالم لإنقاذي».
وتمكنت السلطات من العثور عليه، بعد أن توصل رجال الحدود إلى حصر المنطقة، التي يمكن أن يكون روماني موجوداً بداخلها، وهي منطقة «وادي الوديان»، التي تقع تحت الحافة الشمالية للهضبة الضخمة، التي تفصل مصر عن ليبيا.
من جهته، قال العمدة قدورة المالكي، القيادي المحلي بالسلوم، مستعرضاً تفاصيل إنقاذ روماني: «أمضينا يومين وليلتين في البحث عن روماني بكل السبل لاستعادته حياً. والكل كان يشارك للوصول إليه حتى تمكنّا من إنقاذه».
وبالتزامن مع ذلك عثر الحرس الليبي من الجانب الآخر من الحدود، على ثلاث جثث لمهاجرين غير شرعيين من مصر، يعتقد أنهم كانوا من بين الثمانية الذين حاول روماني العبور معهم إلى ليبيا، قبل أن يتفرقوا إلى ثلاث مجموعات. المجموعة الأولى ماتت عطشاً في صحراء جغبوب جنوباً، والمجموعة الثانية المكونة من ثلاثة أفراد سلمت نفسها مبكراً لحرس الحدود. أما روماني وأحد رفاقه فقد حاولا العبور من جهة الشمال، من طريق «وادي الوديان».
لكن هذه الحادثة الحزينة لا تعد استثناء أو حالة معزولة. فقبل هذه الواقعة بأسبوع واحد اعتقلت السلطات المصرية في السلوم نحو 210 متسللين من مصر ومن جنسيات أخرى، حيث يسدد كل مهاجر نحو 700 دولار لمهربين من أجل إدخالهم إلى ليبيا. لكن بعض المهربين يتركونهم لمواجهة مصيرهم المحتوم قبل كيلومترات من اجتيازهم الحدود، خوفاً من القبض عليهم من طرف دوريات الأمن.
وكان روماني، وهو مسيحي وأب لابنتين، يعمل في ورشة نجارة في ليبيا بشكل قانوني منذ عهد معمر القذافي، ويرسل مدخراته إلى أسرته في بني سويف. وقد رفض العودة إلى مصر في أثناء اندلاع ما يعرف بـ«ثورات الربيع العربي». لكن عائلته شعرت بالقلق عليه عقب قيام تنظيم داعش بذبح 21 مصرياً مسيحياً في مدينة سرت الليبية عام 2015.
يقول صموئيل عدلي، أحد أقارب روماني: «لقد جاء روماني في زيارة إلى مصر قبل شهرين، ووجد ابنته الأولى مخطوبة، وابنته الثانية على وشك الزواج... فأشرنا عليه بالبقاء في مصر وسط أسرته. لكنه كان مصمماً على العودة إلى عمله في ليبيا، خصوصاً أن أجره من الورشة التي ألحقناه للعمل فيها ببني سويف، كان زهيداً».
ويبدو أن روماني لم يتمكن من تجديد تأشيرة دخوله لليبيا، ولا تجديد تصريح العمل، ولا غيرها من الأوراق الخاصة بالسفر بطريقة قانونية إلى هذا البلد الذي يعاني من الفوضى، ومن الصراع السياسي، وارتباك العمل في السفارات والقنصليات في الخارج.
وبمرور الوقت بدا أن روماني أصبح مصمماً أكثر على العودة إلى عمله في ليبيا بأي طريقة. لكن أسرته أخفت جواز سفره، وطلبت منه البقاء في بلده. لكنه أصر مجدداً على السفر إلى ليبيا.
يقول صموئيل: «أخذنا منه جواز سفره. لكن بعد إلحاح أرسلت إليه جوازه ببلدته في الفشن. وفي يوم الاثنين الماضي اتصل بزوجته، وقال لها إنه سيذهب عند أحد أصدقائه في مدينة الإسكندرية... وعندما سافر اتصل بها في الساعة الواحد ليلاً، وقال لها: أرجوكِ أبلغي عني السلطات... أنا لا أعرف أين أنا. أنا في منطقة جبلية في السلوم... كان معي شخص واحد، لكنه مات. وتوجد جثث آخرين من حولي. أنا في جبل، وأسمع صوت البحر».
بدوره، قال مسؤول محلي إن «السلطات حددت الموقع الموجود فيه، وهو عبارة عن متاهة صخرية ضخمة، فبدأنا نستعين بالأدلّاء من حرس الحدود، ومن المواطنين المتطوعين لاقتفاء آثار روماني والبحث عنه. المنطقة كانت صعبة».
ويضيف العمدة المالكي موضحاً أن أجهزة الأمن قامت على الفور بتسيير دوريات بحثاً عن روماني، «لكن المهمة كانت صعبة بسبب خروج هاتف روماني عن الخدمة. لقد شكّلت السلطات الأمنية في السلوم فريقاً للبحث، وتسيير زوارق وقوارب بحرية لمسح المنطقة الساحلية المحاذية للوادي من ناحية البحر، للوصول إلى روماني قبل أن يلفظ أنفاسه».
وفي آخر اتصال من روماني قبل أن يتوقف هاتفه عن العمل، تلقى نصائح سريعة من رجال الأمن لكي يحافظ على نفسه على قيد الحياة، ومن بينها أن يظل متماسكاً، وألا ينهار من مشاهد الجثث، وأن يحاول إشعال أي مصدر للنار بأي وسيلة في الليل، حتى يمكن الوصول إليه، ومعرفة مكانه.



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.