جنوب السودان: تحذيرات من عرقلة اتفاق السلام بسبب انعدام الثقة بين أطراف النزاع

قال عدد من المعتقلين السابقين من أعضاء المكتب السياسي في الحزب الحاكم في جنوب السودان، إن انعدام الثقة بين الرئيس سلفا كير وزعيم المعارضة ريك مشار، سيمثل عقبة أمام تنفيذ اتفاق السلام.
وقال كبير الباحثين في مشروع «كفاية» الأميركي، الدكتور سليمان بلدو لراديو «دبنقا»، الذي يبث من هولندا، إن اتفاق تقاسم السلطة والترتيبات بين فرقاء جنوب السودان، كانت وراءه دوافع سياسية وأمنية واقتصادية، وشكلت حافزاً للخرطوم لكي تدخل وسيطاً لتحقيق السلام، مشيراً إلى أن توقف النفط انعكس سلباً على عائدات السودان من رسوم العبور، كما أدى إلى تخفيض قدرة جوبا على تسديد أقساط التعويضات الانتقالية المتفق عليها، بموجب اتفاق السلام الشامل لعام 2005 في إنهاء الحرب بين شمال وجنوب السودان، التي استمرت لأكثر من 21 عاماً.
وأوضح بلدو أن الحكومة السودانية لديها مصلحة مباشرة في هدوء الأوضاع في جنوب السودان، حتى تتمكن من مساعدة جوبا في إعادة تأهيل مناطق إنتاج النفط وبدء ضخه، وقال إن ضخ نفط جنوب السودان سيشكل عائداً اقتصادياً للخرطوم لتحسين أوضاعها الاقتصادية ودعم مصادر النقد، مبرزاً أن من بين أبرز الدوافع لتوسط الخرطوم في نزاع جارتها الجنوبية، هو إعطاء صورة إيجابية عن السودان أمام المجتمع الدولي والإقليمي.
كما أشار الخبير السوداني إلى أن الحكومة السودانية تسعى عبر وساطتها إلى إعادة تأهيل صورة السودان، من دولة متسببة في النزاعات والاضطرابات في جنوب السودان، إلى دولة تساعد في الحلول، وقال بهذا الخصوص: «الخرطوم لديها مصلحة مباشرة في المساعدة في تشكيل المستقبل السياسي لجنوب السودان، لكي تضمن هيمنتها السياسية على الأوضاع في هذه الدولة»، مبرزاً أن جدية السودان الحقيقية في تأمين واستقرار جنوب السودان لن تتحقق، ما لم ترفع الخرطوم المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها على جوبا منذ استقلال البلاد عام 2011.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد أعلن في خطابه خلال حفل توقيع الاتفاق النهائي للسلام بالجنوب، بالخرطوم الأحد الماضي، أن ضخ نفط الجنوب سيستأنف في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، موضحاً أنه قد يشكل إضافة كبيرة للبلدين.
إلى ذلك قال دينق ألور، وزير الخارجية السابق في جنوب السودان، إن انعدام الثقة بين الرئيس سلفا كير ميارديت وزعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، الذي سيتولى منصب النائب الأول، يمثل عقبة في تنفيذ اتفاق السلام الموقع أخيراً. وأضاف أن ضمان تنفيذ الاتفاقية مرتبط ببناء الثقة بين الزعيمين، إلى جانب تنفيذ الترتيبات الأمنية وتكوين جيش وطني ومؤسسات أمنية قومية قوية في الفترة الانتقالية، داعياً إلى دور كبير يجب أن تلعبه دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد) في مراقبة تنفيذ الاتفاقية، في ظل تراجع دعم المجتمع الدولي في توفير الضمانات. ورأى أن إعادة ضخ النفط وإنعاش الاقتصاد عبر تأمين وحماية حقول مناطق إنتاج النفط، ومحاربة الفساد، تمثل الأولويات، إلى جانب قيادة حملة دولية لإعادة النازحين واللاجئين إلى ديارهم.
من جهة أخرى، نفى توماس سيرليو، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، توقيع فصيله على اتفاق السلام في الخرطوم، وجدد اعتراضه بأن الاتفاقية تعزز الموقف الحكومي في التسوية السياسية، وقال بهذا الخصوص: «رفضنا التوقيع، وما حدث هو أن هناك مجموعة تم شراؤها، وهم من وقعوا بالإنابة عنا. لذلك نقول إنه كانت هناك مؤامرة في الخرطوم».