الجبهة الإسلامية تنفي اجتماعها بالسفير الأميركي.. وترفض قتال «القاعدة»

الجبهة الإسلامية تنفي اجتماعها بالسفير الأميركي.. وترفض قتال «القاعدة»
TT

الجبهة الإسلامية تنفي اجتماعها بالسفير الأميركي.. وترفض قتال «القاعدة»

الجبهة الإسلامية تنفي اجتماعها بالسفير الأميركي.. وترفض قتال «القاعدة»

نفت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» أمس إجراء أي محادثات بين السفير الأميركي في سوريا، روبرت فورد وقيادات من «الجبهة الإسلامية» التي تعتبر أكبر تكتل للفصائل الإسلامية المقاتلة في سوريا. وأشارت المصادر إلى أن «الجبهة تلقت دعوة من الإدارة الأميركية عبر وسطاء، للتحاور حول إمكانية عودتها للعمل تحت مظلة الجيش الحر، لكنها لم تقدم جوابا حتى الآن».
وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مصادر في الجبهة أن «مسؤولين أميركيين يعتزمون إجراء محادثات في إسطنبول مع قادة من الجبهة التي تقاتل القوات النظامية في سوريا». ولفتت تقارير إعلامية أن «المباحثات ستركز على إمكانية تسليح الجبهة في مواجهة تنامي نفوذ الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، خاصة في ظل تشتت الفصائل المشكلة للجيش الحر».
وفيما قال مسؤول الإعلام في جبهة «أحرار الشام» أبو مجد الشامي لـ«الشرق الأوسط» بأن أي لقاء لم يحصل مع فورد، استبعد الشامي حصوله في الفترة المقبلة، من دون أن يسقط إمكانية الحوار مع الأميركيين مستقبلا، معتبرا أن «كل شيء يعتمد على مصالح شعبنا مستقبلا»، وأضاف: «حسب المستجدات يكون القرار».
أما مسؤول المكتب السياسي في «الجبهة» أبو عبد الله الحموي، فقد سارع إلى نفي عبر «ما نُقِل عن المعارضة السورية بخصوص لقاء ضم الجبهة الإسلامية والسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد»، معتبرا أن هذا الكلام «كذب وهدفه واضح، ولن نسمح ببث الفتنة». وأوضح الحموي عبر حسابه الشخصي على «تويتر» أن «الجبهة» لن تحارب تنظيم «القاعدة لأنها وُجِدت لتكون رباطا جامعا للمجاهدين، وهي تنطلق مما يمليه عليها الواجب الشرعي، وقرارها حر لا يقبل الارتهان، ولن تخوض حروبا بالوكالة»، مؤكدا «وحدة صف المجاهدين مهما وقع بينهم من خلاف».
ولفتت مصادر المعارضة إلى أن الجبهة الإسلامية واقعة بين خيارين صعبين فإذا قبلت التحاور مع الأميركيين ستضع نفسها بمواجهة ميدانية مع القوى المتطرفة «داعش» والنصرة» التي ستتهمها بالعمالة للغرب وإذا رفضت إجراء هذه المحادثات ستكون بعيدا عن المجتمع الدولي.
ورجحت المصادر أن يكون «توقيت دعوة الولايات المتحدة للحوار مع الجبهة بعد سيطرتها على مواقع للحر هدفه الضغط عليها كي تحدد موقفها وتعود للعمل مع الجيش الحر».
وكانت الولايات المتحدة قد عبرت عن قلقها من سيطرة «الجبهة الإسلامية» على مواقع للجيش الحر في معبر باب الهوى، وقررت تعليق مساعداتها للجيش الحر.
من جانبه، وضع عضو الائتلاف الوطني المعارض وممثله في أميركا، نجيب الغضبان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الدعوة الأميركية في سياق توجه مشترك بين الولايات المتحدة وقيادة المعارضة لتجميع القوى العسكرية المعتدلة في إطار واحد لمواجهة القوات النظامية والكتائب المتشددة مثل «داعش» و«النصرة».
ويعكس الحديث عن لقاء بين واشنطن والمقاتلين الإسلاميين مدى سطوة «الجبهة الإسلامية» في المعارك الدائرة بسوريا مقارنة بالجيش الحر الأكثر اعتدالا والذي يدعمه الغرب.
وكشف الغضبان أن «قيادات الجبهة الإسلامية سبق لهم أن اجتمعوا مع سياسيين أميركيين»، معتبرا أن «الاجتماع الثاني فيما لو تم، سيبنى عليه بمقررات من غير المستبعد أن يكون التسليح من بينها».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت: إن الولايات المتحدة ودولا أخرى أجرت فعلا محادثات مباشرة مع بعض المجموعات الإسلامية التي تقاتل في الحرب الأهلية في سوريا.
ودعا الغضبان «الجبهة الإسلامية إلى تحديد موقفها والالتزام بمبادئ الثورة بعيدا عن التطرف»، آملا أن «تنضم فصائلها إلى الجيش الحر وراء بندقية واحدة لمواجهة النظام السوري».
وسبق للجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية أن أعلن عن سعي من قبل واشنطن لفهم أعمق للجماعات الإسلامية المعارضة في سوريا. وأشار ديمبسي إلى أن بلاده ترى أهمية في التعرف على الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا كي تزيد فهمها لنياتها في الحرب الدائرة في البلاد.
وكانت الجبهة الإسلامية تشكلت مؤخرا من اندماج 6 ألوية إسلامية مقاتلة في سوريا، وسيطرت منذ أيام على مقرات هيئة أركان «الجيش الحر» الذي يدعمه الغرب.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.