ميانمار ما زالت تحلم بالديمقراطية بعد 30 عاماً من انتفاضة «8888»

المصحح: أحمد سعيد
المصحح: أحمد سعيد
TT

ميانمار ما زالت تحلم بالديمقراطية بعد 30 عاماً من انتفاضة «8888»

المصحح: أحمد سعيد
المصحح: أحمد سعيد

يقول بو كي، وهو أحد الطلاب الذين شاركوا في تظاهرات 8 أغسطس (آب) عام 1988، وحاليا هو الأمين العام المشترك لجمعية مساعدة السجناء السياسيين في ميانمار، التي تقدم العون لنحو 5 آلاف سجين سياسي وراء القضبان منذ عام 1988: «نعيش في ظل نظام هجين، حيث يتم تقاسم السلطة بين الحكومة الديمقراطية والجيش». ويسيطر الجيش على السلطة السياسية، وكثير من كبريات الشركات، والموارد الطبيعية في ميانمار، كما يواصل شن الحرب ضد الجماعات العرقية في البلاد، ما يحبط محاولات أونغ سو تشي، الرئيسة الفعلية في البلاد للوفاء بوعد انتخابي آخر يتمثل في تحقيق السلام.
ويواصل الجنرالات أفعالهم بمنأى من العقاب ودون الاكتراث بالقانون، بما في ذلك ولاية راخين، حيث أسفرت «عمليات التطهير» في عام 2017 عن مقتل ما لا يقل عن 7 آلاف شخص من أقلية الروهينغا، علاوة على فرار أكثر من 700 ألف شخص عبروا الحدود إلى بنغلاديش المجاورة. ووصفت الأمم المتحدة هذه العمليات بأنها نموذج مثالي «للتطهير العرقي».
في 8 أغسطس (آب) عام 1988، قاد «جيمي» آلاف الطلاب والنشطاء في مسيرة عبر شوارع عاصمة ميانمار حينئذ (يانجون) وصلت بهم إلى مجلس المدينة، حيث خطب في الحشود، وطالب بإقامة نظام متعدد الأحزاب والتخلص من الحكومة العسكرية التي حكمت ميانمار بقبضة من حديد منذ انقلاب عام 1962. وقد أصيب اقتصاد البلاد بالشلل. ووعد القادة العسكريون بإجراء إصلاحات، ولكن بعد أن سيطر الناشطون على الإدارات المحلية، نفذ الجيش انقلابا عسكريا وحشيا قتل فيه الآلاف، كما شكل مجلسا عسكريا ظل يحكم البلاد على مدار الـ22 عاما التالية. وعلى مدار الأيام القليلة التالية، قُتل مئات الطلاب والمحتجين بالرصاص في شوارع يانجون، التي كانت لا تزال تعرف باسم رانجون في هذا الوقت، وأيضا في أنحاء البلاد.
وقد ثبت أن وعد سان سو تشي بتعديل دستور 2008 - الذي يمنح الجيش صلاحية السيطرة على 3 وزارات أمنية وعدد من مقاعد البرلمان تضمن له استخدام حق النقض ضد التغييرات الدستورية – لا يزال يمثل تحديا صعبا، فلم تفلح سو تشي حتى الآن في إحداث تغيير، سواء عبر البرلمان أو من خلال اجتماعات سرية مع قادة الجيش. ورغم أن سو تشي قادت «حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» في 2015 إلى فوز ساحق في أول انتخابات ديمقراطية بالبلاد منذ عقود، يشعر سكان ميانمار بعد مرور النصف الأول من ولايتها الأولى بالإحباط بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، وتعثر عملية السلام لوضع حد للحرب الأهلية، والإخفاق في كبح جماح الجيش الذي لا يزال يتمتع بالقوة، وعدم تحقيق الديمقراطية الكاملة.
وأسس نشطاء أحزابا سياسية، في حين لجأ البعض إلى العمل السري، أو فروا إلى الغابات، لحمل السلاح ضد الحكومة الجديدة. وقضى البعض منهم عقودا وراء القضبان.
وفي الذكرى الثلاثين للانتفاضة الدموية، يعكف مينت أونج، أحد النشطاء الذين رافقوا جيمي عام 1988، على تشكيل حزب سياسي جديد ليتحدى حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية»، الذي أنشأته أونج سان سو تشي بعد أن برزت كرمز في عام 1988.
ويقول أونج، الذي ينتمي إلى جماعة مناهضة للنظام العسكري، تدعى «جيل 88»، مثل جيمي: «أيدنا (الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية) في انتخابات عامي 2012 و2015، لكننا نرى الآن أن الديمقراطية تتراجع... لقد فقدنا صوتنا».
ويقول الخبير في شؤون ميانمار، بيرتيل لينتنر، للوكالة الألمانية: «من الخطأ وصف التطورات الأخيرة في بورما (ميانمار) بالديمقراطية». ويضيف لينتنر: «يتمتع الناس ببعض الحريات التي لم يكن من الممكن تصورها حتى عام 2011، لكن السلطة الفعلية لا تزال في قبضة الجيش». ويقول بو كي: «الحرب الأهلية مستمرة، ولا يزال التعذيب منتشرا ولا تزال هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. قطعنا شوطا طويلا، لكن أمامنا الكثير... الحكومة أمامها الكثير لتقوم به». ويقول مينت أونج، إن حزبه الجديد، الذي سيطلق عليه اسم حزب الشعب، سيعمل مع الجماعات العرقية والأطراف الأخرى لتغيير دستور 2008. ويضيف أن هناك «بعض النقاط يمكننا تغييرها في البرلمان، دون الحاجة للحصول على أغلبية 75 في المائة. كما سنعمل مع المجموعات العرقية والتحالفات الأخرى خارج البرلمان من أجل إحداث تغيير».
ويقول مين زاو أوو، الذي قاتل بعد ثورة 1988 ضمن صفوف جماعة طلابية مسلحة في الشرق قبل أن يعود في نهاية المطاف إلى ميانمار كمفاوض سلام، إن الجيش أجبر سو تشي على تحقيق التوازن بين مصالح التحرر، والحفاظ على الاستقرار. ويتابع: «كانت سو تشي رمزا للحركة، وقد أبقت الحركة على قيد الحياة». ويقول السجين السياسي السابق والمحلل خين زاو وين، إن كلا من «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» وحزب الشعب، الذي وصفه بأنه «حزب ضعيف ذو آفاق ضيقة»، تجاهلا الشباب، الذين يمكنهم إحداث تغيير حقيقي. وأوضح لوكالة الأنباء الألمانية في تحقيقها من رانجون أن «المنظمات والأساليب التي عفا عليها الزمن لم تعد ذات جدوى... يجب على ميانمار الاعتماد على الابتكار الحقيقي، ولكن هذا لا يبدو وشيكا».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.