«صمتك كثير وظهيرتي لزجة» لفيء ناصر

«صمتك كثير وظهيرتي لزجة» لفيء ناصر
TT

«صمتك كثير وظهيرتي لزجة» لفيء ناصر

«صمتك كثير وظهيرتي لزجة» لفيء ناصر

صدرت عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» في بيروت، مجموعة شعرية بعنوان «صمتك كثير وظهيرتي لزجة»، للشاعرة العراقية فيء ناصر المقيمة في لندن. في تذييله للمجموعة، كتب الناقد العراقي حاتم الصكر: «في زمن التراجع الشعري وتصحر العاطفة والخيال واجترار الرؤى والأساليب، تفاجئنا شاعرة لا ينقصها الخيال الجامح وكمية الجنون المطلوبة لوصفة كتابة شعر مختلف... فنبتهج إذ نلامس عوالمها: رعيتها الأكاذيب كما يقول عنوان أولى قصائدها. فليكن! فما أعذبُ الشعر إلا أكذبه. إيهام نعلم أنه مصنوع. في فضائه صور تنضج على نار المخيلة، ولغة تنفتح لاستيعاب هيجان العاطفة لتصل إلى تفاصيل صغيرة تختبئ كهدايا الأعياد في زوايا الكلام (كل صباح... بوجه أحمق... أجرجر كتبي إلى المدرسة... وحيدة أقود كذبتي... والمخاتلات الملونات رفيقاتي...).
من أجواء الديوان نقرأ:
في يومٍ مشمس
أغلقي بوابة ذاكرتكِ
ودعي اليأسَ يتغذى من أصفى نبعٍ فيكِ
ودفءٌ لطيفٌ من كوكب بعيد
دعيه يبلُّ خلاياكِ
ويعمي طيور أساكِ
الطريقة المثلى
لعدِّ مراحل العدم
لرتق هذا الكون المشقوق
الجلوس بصمت
الجلوس
فقط
بعيداً عن الآدميين
يقع الديوان في 128 صفحة من القطع المتوسط.



سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

فواز حداد
فواز حداد
TT

سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

فواز حداد
فواز حداد

لدى السوريين عموماً عناوين غير مختلف عليها حول سوريا الجديدة: دولة مدنية. ديمقراطية. سيادة القانون. دستور. انتخابات. تداول السلطة. المواطنة. حرية التعبير والرأي. المساواة بين الرجل والمرأة. تَمتُّع إخوتنا الأكراد بحقوقهم كاملة في دولة لا تمثل كل طائفة ولا عرقية على حدة، وإنما جميع السوريين طائفة واحدة.

هذه هي سوريا الجديدة التي نطمح إليها، تبدو دولة مثالية حلمنا بها دائماً، ثم استعصى الحلم علينا، إلى أن نجحت الثورة ووضعتنا على أعتابها. لم يبقَ سوى أن نخطو نحوها، لكن لا بد أولاً من صناعتها على أرض الواقع؛ فهي وإن كانت متخيلة، فلا ينبغي بقاؤها أسيرة المخيلة.

يواجه تحقيق الدولة أكثر من معضلة، أهمها مسألة العلمانية. سوريا بلد متدين؛ ما يشمل جميع حملة الأديان؛ المسلمين والمسيحيين بمذاهبهم كلها دونما استثناء، كذلك الأكراد.

تفصل العلمانية الدين عن الدولة؛ ما يشكل حماية لجميع العقائد. ويتحدد الاختلاف حول تفسير العلمانية، ويتراوح بين الاعتدال والتشدد، وأعتقد أن هناك شِبه توافق على علمانية معتدلة حسب التعريف السابق، من دون الدخول في التفاصيل؛ ما يشكل الفضاء الروحي للإنسان، في حين أن المتشددة تلغي الدين ورموزه وتجلياته، وقد يبلغ بها الأمر المطالبة بتقنين المساجد ومنع الأذان، والدروس الدينية في المدارس.

وحتى لا يبقى هذا الجانب محل نزاع، ولا محل تجاذب سلبي في الدولة الجديدة، ينبغي التأكيد على حرية الاعتقاد، وصيانة المعتقد واحترامه، وعدم التعدي عليه. إن السوريين شعب مؤمن، خصوصاً مع ارتفاع نسبة الإيمان في العقد الأخير، في طبقات المجتمع من دون استثناء؛ الفقراء والأغنياء، نلاحظه في انتشار الحجاب الذي كان الرد الشعبي على القمع، والرد على التسيُّب الأخلاقي. فللأديان رأي في حياة البشر وسلوكياتهم وتوجهاتهم، وإن كانت غير ملزمة، لكنها غير ممنوعة من التعبير عنها.

يجب تحقيق توازن نحن بحاجة إليه؛ أي التعامل مع الواقع وليس إهماله، فالعلمانية مثل الديمقراطية؛ ليست ديناً، ولا بديلاً عنه، ولا تحل محله، ويحظر توريطه في أجندات سياسية. إن إدراك مُنظِّري العلمانية الصلبة أنهم لا يعيشون وحدهم في هذا البلد؛ يعني أنهم لا يستطيعون فرض مفاهيمهم المتطرفة على المجتمع.

إن ضمانة حرية المعتقد من ناحية الإيمان أو عدم الإيمان، من الحريات الشخصية التي لا يجوز المساس بها. والسبب؛ نحن لسنا بلداً غربياً، يجب ألا يكون الدين محل تجاذب... الوزارة ليست حزبية وإنما تكنوقراط لإنقاذ البلد من الضائقة الاقتصادية المستفحلة... الوزارة لا تمثل جهات ولا أحزاباً.

لدى الشعب السوري طاقات عظيمة تهدر في داخل البلد وخارجه. نحن بحاجة إلى استعادة أبنائنا، لكن يجب أن نقدم لهم الحوافز ولو بالحد المعقول.

* روائي سوري