طهران {لا تخشى} التفاوض مع واشنطن وتشك في جدية ترمب

إيرانية تمر أمام لوحة جدارية على مقر السفارة الأميركية السابقة في وسط طهران أمس (أ.ف.ب)
إيرانية تمر أمام لوحة جدارية على مقر السفارة الأميركية السابقة في وسط طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

طهران {لا تخشى} التفاوض مع واشنطن وتشك في جدية ترمب

إيرانية تمر أمام لوحة جدارية على مقر السفارة الأميركية السابقة في وسط طهران أمس (أ.ف.ب)
إيرانية تمر أمام لوحة جدارية على مقر السفارة الأميركية السابقة في وسط طهران أمس (أ.ف.ب)

في اليوم الأول من بدء العقوبات الأميركية، ساد ترقب حذر أمس في طهران، وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إن «بلاده لا تخشى المفاوضات مع الولايات المتحدة»، غير أنه أبدى شكوكاً في جدية الرئيس الأميركي للحوار.
وقال بيان للبيت الأبيض، أول من أمس، حول بدء العقوبات، إن ترمب منفتح على حوار اتفاق أكثر شمولاً، يتضمن أنشطة إيران لتطوير الصواريخ الباليستية، ودعمها للإرهاب.
وجاء البيان بعد أيام قليلة من دعوة ترمب المسؤولين الإيرانيين إلى حوار مباشر من دون شرط مسبق، وهو ما أثار جدلاً كبيراً في الأوساط الإيرانية بسبب انقسام المسؤولين حول قبول أو رفض الدعوة.
واستبعد قاسمي حدوث أي لقاء بين الرئيسين الإيراني والأميركي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر المقبل، لافتاً إلى أن عودة العقوبات أغلقت الباب بوجه المفاوضات المباشرة بين طهران وواشنطن، وقال: «من المستبعد أن يكون ترمب أهلاً للمفاوضات، كل يوم يتبع سياسة متناقضة مختلفة؛ إنه أهل للمزاح أكثر (من الحوار)».
كان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد اعتبر، أول من أمس، أن دعوة الرئيس الأميركي «تأتي في إطار الحرب النفسية»، واستعار روحاني صورة الرجل الذي يغرز السكين في الظهر ويريد التفاوض، ولفت إلى أن بلاده «لطالما رحّبت بالمفاوضات»، لكن على واشنطن أن تثبت أولاً حسن نياتها، بالعودة إلى اتفاق 2015. وجدد قاسمي عبارة روحاني حول الحرب النفسية، وقال إن «الرئيس الأميركي يريد أن يرمي الكرة في ملعب إيران».
ونفى قاسمي علمه بتوجيه رسالة من قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري إلى الرئيس الأميركي، الأسبوع الماضي، مؤكداً عدم وجود انقسام في الجهاز الدبلوماسي الإيراني حول القضايا العالمية والإقليمية، وصرح بأنه «لا يمكنني تفسير رسالة قائد الحرس، ولا أرغب في تفسير تفاصيلها. من يجب أن يتسلموا الرسالة، من المحتمل أنهم تسلموها».
وكان قائد «الحرس الثوري»، الأسبوع الماضي، قطع الطريق على روحاني، الذي تجاهل رسائل الرئيس الأميركي، بعدما هدد الولايات المتحدة بإغلاق مضيق هرمز، وقال إن «الشعب الإيراني لن يسمح للمسؤولين بالحوار مع الشيطان الأكبر»، وذلك في ثاني رد من نوعه على الرئيس الأميركي ورد على لسان قادة «الحرس الثوري»، نيابة عن روحاني. وكان الرد الأول قد ورد على لسان قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي رد على تحذير وجهه ترمب لروحاني.
واستمرت، أمس، حالة الترقب والحذر في الأسواق الإيرانية، وأعلن البنك المركزي سعراً ثانوياً للدولار، تسمح الحكومة بموجبه لمحلات الصيرفة ببيع وشراء الدولار. وفي حين أبقت على السعر الثابت عند 42 ألف ريال، أقر سعر الدولار في الأسواق بـ89500 ريال.
وكان روحاني قد طلب من الإيرانيين عدم شراء الدولار. وقالت بيانات للبنك المركزي إن أكثر من 100 ألف دولار جرى بيعها بعد إعلان السعر الثانوي، في حين قالت وكالة فارس، في تقرير لها منتصف نهار أمس، إن السوق تنتظر تداول الدولار بالسعر الحكومي.
كما أقر البنك المركزي سعر الدرهم الإماراتي عند 22 ألف ريال. وقالت صحف موالية للحكومة، أمس، إن السوق تفاعلت مع حزمة البنك المركزي بإيجابية، لكن صحف معارضة للحكومة أشارت إلى خلاف ذلك.



«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)

قال «الحرس الثوري»، على لسان المتحدث باسمه، إن «سماء الكيان الصهيوني مفتوحة وغير محمية بالنسبة لإيران»، مضيفاً: «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب»، نافياً تضرّر الدفاعات الجوية وتعطّل دورة إنتاج الصواريخ في الهجوم الذي شنّته إسرائيل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأفاد الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، بأن المناورات الهجومية والدفاعية التي بدأتها قواته مع الجيش الإيراني تستمر لثلاثة أشهر، لافتاً إلى أنها «تجسّد صفحة جديدة من قوة الردع الإيرانية»، وتشمل الكشف عن «مدن صاروخية وتجارب صواريخ باليستية».

وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقّدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

وأشار نائيني ضمناً إلى التطورات السورية، والإطاحة بنظام بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي إنه «بسبب تحولات الأسابيع الأخيرة، نشأت لدى العدو حالة من الحماس الكاذب والفهم الخاطئ؛ حيث حاول تصوير التطورات الحالية على أنها ضعف للجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال حرب إدراكية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأشار نائيني إلى تبادل الضربات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر الماضي. وقال إن الهجومين الإيرانيين «كانا جزءاً صغيراً فقط من القوة اللامتناهية».

وأضاف أن «العدو يعلم أن السماء فوق الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا على خلاف دعايتها الإعلامية، ويمكننا التحرك بحجم ودقة وسرعة أكبر، مع قدرة تدميرية أكبر». وتابع: «العدو يقوم يومياً بإنتاج قضايا وأفكار مشكوك فيها للتأثير في الإرادة والروح الوطنية».

وتوعّد نائيني بما وصفه «بتغيير إدراك العدو المضلل مرة أخرى»، وأردف: «نقول لأعدائنا إننا دائماً مستعدون، وعلى أهبة الاستعداد، ولا نتهاون أبداً. في اللحظة التي تُعطى فيها الأوامر، سنُظهر قوتنا كما في السابق».

وزاد أن المناورات «هي قصة القوة والثبات والردع». وقال إن «العدو الصهيوني يعاني من وهم وخطأ في الحسابات». وأضاف أن رسالة المناورات الدفاعية والهجومية «ستصل إلى العدو في الأيام المقبلة».

قادة من الجيش و «الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب البلاد (تسنيم)

وبدأ الجيش الإيراني والوحدات الموازية في «الحرس الثوري» مناورات سنوية تستمر لمدة ثلاثة أشهر، في البر والبحر والجو.

وقال نائيني إن «الجزء الأساسي من المناورات سيكون في يناير، وسيستمر حتى نهاية العام، وهي مناورات دفاعية وهجومية وتركيبية، تم تصميمها استجابة للتهديدات الأمنية الجديدة».

ولفت المتحدث إلى أن المناورات «أقرب للتمارين على محاكاة المعارك الفعلية». وقال إن «الهدف الرئيسي منها هو تعزيز القوة لمواجهة التهديدات العسكرية المحتملة، والتصدي للإرهاب والتخريب في البلاد، ورفع الروح الوطنية، وتغيير حسابات العدو».

وقال إن «ادعاءات إسرائيل بشأن ضعف دفاعات إيران بعد هجوم 26 أكتوبر غير صحيحة؛ إذ لم تتوقف إيران عن إنتاج الصواريخ، ونظامها الدفاعي مستمر ومتطور».

وبشأن التهديدات التي كرّرها مسؤولون إيرانيون لشن عملية إيرانية ثالثة ضد إسرائيل، قال نائيني إنه «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب».

وأضاف أن «الشعب الإيراني يثق بذكاء وتدبير قادته العسكريين، وأن أي عملية مستقبلية ستكون أكثر قوة ومفاجأة». وأشار إلى أن «العدو يتلقى رداً على شروره بأساليب متنوعة وفي مواقع جغرافية متعددة».

وذكر في السياق نفسه، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي «خسر ألف جندي منذ (طوفان الأقصى)». وعدّ نائيني دعم «المقاومة وتطوير التعبئة العالمية» بأنها «أساس في العقيدة العسكرية الإيرانية».

وأضاف في السياق ذاته أن عملية «(الوعد الصادق) أظهرت ضعف أجواء الكيان الصهيوني أمام الهجمات الإيرانية».

ومع ذلك، أشار إلى أن إيران لن تبدأ أي حرب، لكن المناورات المقبلة تهدف إلى تعزيز الردع والاستعداد الدفاعي والهجومي لحماية الشعب والثورة ومواجهة أي تهديد.

وقالت وسائل إعلام إيرانية، الاثنين، إن الدفاعات الجوية أجرت تدريبات قرب المواقع الحساسة.

وقال نائيني إن الدفاعات الجوية التابعة للجيش أجرت مناورات قرب منشأة نطنز النووية في وسط البلاد. كما أشار إلى نشر وحدة «صابرين» للقوات الخاصة في الوحدة البرية لـ«الحرس الثوري» في غرب البلاد.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية مطلع أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ضربات متبادلة

في أوائل أكتوبر، أعلنت إيران عن إطلاق 200 صاروخ باتجاه إسرائيل، حيث أفادت تل أبيب بأن معظم هذه الصواريخ تم اعتراضها بواسطة دفاعاتها الجوية أو دفاعات حلفائها.

وأكدت طهران أن الهجوم جاء رداً على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بالإضافة إلى قيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، وذلك خلال غارة إسرائيلية استهدفت جنوب بيروت، إلى جانب اغتيال هنية.

في 26 أكتوبر، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على مواقع عسكرية في إيران، مستهدفة منشآت صاروخية ومنظومات رادار، ما أدى إلى تدميرها.

وحذّرت إسرائيل إيران من أي ردّ إضافي بعد تعهد مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين بتنفيذ عملية ثالثة. وجاء تصاعد التوترات قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي أُجريت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأسفرت عن فوز دونالد ترمب.

في 3 نوفمبر، أعلنت الولايات المتحدة عن نشر قدرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تصل «خلال الأشهر المقبلة»، في خطوة تهدف إلى «دعم إسرائيل» وتحذير إيران، وفقاً لبيان صادر عن البنتاغون.

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران 26 أكتوبر الماضي (شبكات التواصل)

وشهد شهر أبريل (نيسان) الماضي تبادلاً غير مسبوق للضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل، رغم تجنبهما الانزلاق إلى حرب شاملة.

في 13 أبريل، تصاعدت المخاوف من اندلاع تصعيد إقليمي حين شنت إيران هجوماً غير مسبوق باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت الأراضي الإسرائيلية، وذلك رداً على ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونُسبت إلى إسرائيل.

وفي 19 أبريل، سُمع دوي انفجارات في وسط إيران، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية بوقوع هجوم استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة أصفهان. يُعتقد أن هذا المطار يتولى حماية منشأة «نطنز»، وهي المحطة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران.