أهالي قرية سورية يرون في القوات التركية حماية من هجوم النظام

طفل يجلس على سجاد محلي يحاك في محافظة إدلب (رويترز)
طفل يجلس على سجاد محلي يحاك في محافظة إدلب (رويترز)
TT

أهالي قرية سورية يرون في القوات التركية حماية من هجوم النظام

طفل يجلس على سجاد محلي يحاك في محافظة إدلب (رويترز)
طفل يجلس على سجاد محلي يحاك في محافظة إدلب (رويترز)

كثير من سكان قرية الصرمان السورية في إدلب يرون في رفع العلم التركي على مشارفها حماية لهم من هجوم مُحتمل لقوات النظام منذ أقامت القوات التركية نقطة مراقبة بالقرية في مارس (آذار) الماضي.
وفر جميع سكان القرية، أوائل العام، عندما شن النظام هجوما على مناطق قريبة تخضع لسيطرة مسلحي المعارضة في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا. وبينما عاد البعض حينما توقف القصف، فإن الغالبية لم تعد إلا عندما وصل الأتراك لإقامة نقطة مراقبة في صوامع الحبوب بموجب اتفاق مع حليفي الرئيس بشار الأسد، روسيا وإيران.
وتتمحور حرب سوريا، المستعرة منذ سبع سنوات، في الشمال الغربي الآن بعد أن سحق الأسد، المدعوم من روسيا وإيران، المعارضة في معظم أنحاء البلاد. وتشكل إدلب وأجزاء مجاورة من محافظتي حماة وحلب أحد آخر المعاقل الرئيسية للمعارضة المسلحة. وأشار الأسد، الذي انتعش بفوزه الأخير في الجنوب الغربي، في مقابلة مع وسائل إعلام روسية الشهر الماضي، إلى أن إدلب قد تكون الهدف التالي.
وتدفق نازحون سوريون على إدلب هربا من مناطق أخرى من البلاد استعادها الأسد. وحذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن ما يصل إلى 2.5 مليون شخص قد يفرون باتجاه الحدود التركية في حالة حدوث هجوم على إدلب.
وتسبب ذلك في إصدار تحذيرات في تركيا، التي تستضيف بالفعل نحو 3.5 مليون لاجئ سوري، وتخشى من أن الهجوم الحكومي سيقود المزيد عبر حدودها. لكن هذا لم يحقق شيئا يُذكر على الأرض لتخفيف القلق بشأن هجوم. وتوقف الاقتصاد المحلي. وأغلقت المصانع في المنطقة، المعروفة بإنتاج الحُصر البلاستيكية المنسوجة، وتوقفت مبيعات الوقود وبدأت الإصلاحات في المنازل تتعطل.
وقال شاب من سكان ريف إدلب يدعى عبد الغني الطويل (19 عاما) لـ«رويترز»: «بسبب خوف العالم (الناس) من اقتحام النظام على إدلب. من فترة خمس أشهر، وقت صار الضرب ناحية أبو الضهور، خفنا النظام يفوت علينا، طفينا معاملنا ورحنا. يعني من أصل 110 معامل تم عندنا معملين شغالين بكل الضيعة. وحاليا بهاي الفترة كمان عم نتخوف من هذا الشي والعالم ما حد عم بيخزن كلياتها عم تخاف من النظام، ونحنا بعد نهارين بدنا نطفي المعمل». وأقامت القوات التركية 12 نقطة مراقبة في منطقة إدلب بموجب اتفاق توصلت له مع روسيا وإيران في آستانة للحد من الأعمال القتالية بين المعارضة والحكومة السورية في مناطق خفض التصعيد.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن اتفاق آستانة قد ينهار إذا استهدفت قوات الحكومة السورية إدلب. وتسبب هجوم حكومة دمشق أوائل العام في تشريد آلاف الأشخاص الذين لا يزال كثيرون منهم يعيشون في خيام بحقول الزيتون والتين خارج قرية الصرمان. ويرى أهل الصرمان أن مصيرهم مرتبط على الأرجح بالدبلوماسية العالمية وهو ما يُشعرهم بالقلق.
وقال رجل من سكان ريف إدلب يملك مصنعا لإعادة تدوير النفايات، ويدعى خالد الطويل: «نقاط المراقبة تعطينا شوية ضمانات بس ولكننا لا نضمن دول واتفاقات دول وإيش عم بيصير بين الدول». وينظر الأسد للقوات التركية باعتبارها قوة احتلال غير شرعية وتعهد باستعادة كل شبر في سوريا.
ويقول محللون إن أولويات روسيا، لا سيما علاقتها مع تركيا، تعد أمرا حيويا في اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت إدلب ستتعرض لهجوم من عدمه.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.