الحكومة تعيد هيكلة مصر جغرافيا

ترسيمات جديدة للحدود الداخلية وحركة تغييرات في المحافظين

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه عددا من رجال الأعمال في منتدى أخبار اليوم للحوار أمس (رئاسة الجمهورية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه عددا من رجال الأعمال في منتدى أخبار اليوم للحوار أمس (رئاسة الجمهورية)
TT

الحكومة تعيد هيكلة مصر جغرافيا

الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه عددا من رجال الأعمال في منتدى أخبار اليوم للحوار أمس (رئاسة الجمهورية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه عددا من رجال الأعمال في منتدى أخبار اليوم للحوار أمس (رئاسة الجمهورية)

في إشارة إلى بدء الحكومة النظر في إعادة هيكلة محافظات مصر جغرافيا، قال اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية، إنه من المقرر أن تنتهي لجنة ترسيم الحدود بين المحافظات خلال شهرين، لافتا إلى أن ما تجري مناقشته حاليا في هذا الشأن هو عبارة عن اجتماعات تمهيدية لمناقشة الخلافات بين المحافظين فيما يتعلق بترسيم الحدود بين المحافظات. وأعلن لبيب أنه سيجري الإعلان عن حركة تغييرات جديدة في المحافظين خلال 10 أيام أي قبل عيد الفطر المبارك. وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بديوان عام الوزارة، أن الحركة الجديدة ستتضمن من سبع إلى تسع محافظات، مشيرا إلى أن هناك بعض المشاورات التي تجرى حاليا حول حركة المحافظين ولم يجر حتى الآن الاستقرار على عدد نهائي من المحافظات، مؤكدا عدم فصل مدينتي حلوان وأكتوبر عن محافظتي القاهرة والجيزة، وهو الفصل الذي أحدث بلبلة في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وجرى التراجع عنه لاحقا.
وأكد لبيب خلال المؤتمر الصحافي، أنه لن يسمح لهاتين المحافظين (القاهرة والجيزة) بالتوسع والتمدد العمران. وأشار إلى أنه لم يستقر حتى الآن على عدد المحافظات الجديدة التي سيجري إنشاؤها، وأن ما يجري تداوله حاليا هو عبارة عن مقترحات.
وتعاني مصر التي تبلغ مساحتها مليون كيلومتر مربع من عدم التوازن ما بين الوادي والصحراء، حيث يثق أكثر من 75 في المائة من هذه المساحة في النطاق الصحراوي الجاف، ما ينعكس بشكل سلبي على مشروعات التنمية في محافظاتها التي تبلغ 27 محافظة، وتمتد بين قارتي أفريقيا وآسيا.
وشكلت هذه الإشكالية نقطة محورية في البرنامج الانتخابي للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث ركز البرنامج على أن تتضمن خارطته للمستقبل إقامة مدن في الصحراء بما يتيح انتشار أعداد السكان المتنامية على 100 في المائة من مساحة الأراضي المصرية. ويعيش المصريون الآن على ستة في المائة من هذه المساحة. وتستهدف رؤية الرئيس السيسي - بحسب برنامجه - إلى تحقيق معدلات تنمية غير مسبوقة وإلى إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد المصري بعد أن يفسح المجال لذلك بخريطة إدارية جديدة (مقترحة) وكذا خريطة استثمارية (مقترحة) للمحافظات كي ينتشر المواطنون المصريون محققين الحلم المصري على 100 في المائة من الأراضي المصرية. كما تتضمن إقامة 48 مدينة جديدة وثمانية مطارات إضافة إلى مزارع سمكية ومشاريع للطاقة المتجددة يمكنها توليد عشرة آلاف ميغاواط من الكهرباء.
وكشف البرنامج عن أن الخريطة الجديدة تبرز المساحات الكبيرة المقترح إضافتها للمحافظات الموجودة حاليا إضافة لعدد من المحافظات الإدارية الجديدة في الصحراء الغربية والشرقية، كما كان من أبرز معالم الخريطة الجديدة هو وجود ظهير ساحلي لمحافظة القاهرة على البحر الأحمر، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تطل فيها القاهرة على البحر. ويقول خبراء إن إعادة هيكلة وترسيم الحدود بين المحافظات المصرية، يستهدف فتح آفاق جديدة أمام المحافظات التي حرمت من التنمية لتجد طرقها إلى جذب الاستثمارات.
ويشير الخبراء إلى أنه في ضوء هذه الخريطة الجديدة، فإن محافظات أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبني سويف، تفتح لها نوافذ وامتدادات حتي شاطئ البحر الأحمر بهدف إعادة انتشار سكانها داخل حدود محافظتهم باتجاه البحر مع التأكيد على أن لسكان هذه المحافظات الأولوية في استغلال المياه الجوفية، وزراعة الأراضي الجديدة، والتعدين، وتصنيع خاماتها، وإقامة المدن السياحية بعد استحداث ست مدن سياحية جديدة بتلك المحافظات، وبحدودها الجديدة المطلة على البحر الأحمر وذلك لفتح آفاق جديدة أمامهم للتجارة مع العالم، وصيد الأسماك وتحليه المياه، واستحداث مصادر طاقة جديدة تمكنهم من تحقيق التنمية الشاملة لهم.
هذا وتمتد خريطة الرؤية المستقبلية لمحافظات مصر إلى شمال وجنوب سيناء ومحافظة مطروح، والتي من المنتظر أن يجري استحداث محافظتين جديدتين هما السلوم والعلمين، لتفعيل التنمية بتلك البقعة الغالية، وتُحَقَق العدالة كذلك بنزع الألغام من حقول الألغام المنتشرة، الأمر الذي يتيح لأبناء تلك المحافظة الأراضي الشاسعة لاستصلاحها وتنميتها وتعميرها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.