أرامل ويتامى «الدواعش} مشكلة تؤرق السلطات الليبية

طفلتان لأب سوداني كان ينتمي لـ«داعش» قبل مقتله على يد قوات الجيش (المركز الليبي للدراسات)
طفلتان لأب سوداني كان ينتمي لـ«داعش» قبل مقتله على يد قوات الجيش (المركز الليبي للدراسات)
TT

أرامل ويتامى «الدواعش} مشكلة تؤرق السلطات الليبية

طفلتان لأب سوداني كان ينتمي لـ«داعش» قبل مقتله على يد قوات الجيش (المركز الليبي للدراسات)
طفلتان لأب سوداني كان ينتمي لـ«داعش» قبل مقتله على يد قوات الجيش (المركز الليبي للدراسات)

ما إن يخلع تنظيم داعش قدماً من مدينة ليبية، بعد طرده منها تحت ضربات الجيش، حتى يضعها في أخرى، مخلفاً وراءه عدداً من الأطفال اليتامى؛ الذين جيء بهم من الخارج، حسبما كشف العميد عبد السلام عاشور، وزير داخلية حكومة «الوفاق الوطني» أمس، الذي أكد أن التنظيم الإرهابي بات يسكن الجنوب الليبي، وأنشأ له قاعدة قوية هناك.
وتعد مدينة درنة الساحلية (شمال شرق) مثل باقي المدن الليبية التي هاجمها تنظيم داعش، وتوغل فيها لسنوات طوال منذ إسقاط النظام السابق في 2011، وحرص عناصره على التزوج من جنسيات كثيرة، وقد أثمرت هذه الزيجات عشرات الأطفال، الذين باتوا يشكلون «خطراً داهماً على البلاد. إمّا بانخراطهم في صفوف التنظيم والقيام بعمليات إرهابية، أو أن يصبحوا قيمة مضافة للانضمام لعصابات الجريمة المنظمة»، حسب تقرير أعده المركز الليبي للدراسات الأمنية.
وفي هذا السياق أكد المركز أن «عدداً من الأجانب في تنظيم داعش تزوجوا من ليبيات في درنة»، موضحاً أن الإحصاءات التي توفرت لديه تؤكد أن 37 فتاة ليبية تزوجن من «دواعش» أجانب في المدن التي كان التنظيم يسيطر عليها. وقدّم المركز نموذجاً على هذه الزيجات، إذ قال في بيان أمس إن «(داعشياً) من السودان تزوج فتاة ليبية منذ قرابة 6 سنوات، لكنه قُتل في مواجهات مسلحة على أيدي قوات الجيش الوطني في درنة الشهر الماضي، وترك بنتين صغيرتين دون مأوى أو معيل»، مطالباً الجهات المسؤولة في الدولة ببحث هذه القضية، ووضع آليات للتعامل مع هذا الملف الشائك. وسبق لقوات عملية «البنيان المرصوص»، التابعة لحكومة «الوفاق الوطني» بعد تحرير مدينة سرت في 18 من ديسمبر (كانون الأول) 2016، أن كشفت عن عقود زواج لعناصر «داعش» من سيدات من مختلف الجنسيات، كانت ضمن وثائق ما يعرف بـ«المحكمة الشرعية»، التابعة لـ«ديوان القضاء والمظالم» في «ولاية طرابلس». وقال المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» في حينها، إن الوثائق عبارة عن «عقود نكاح» معتمدة من قاضي «محكمة الأحوال الشخصية»، لافتاً إلى أن أغرب ما جاء في العقود هو الصداق، وذهب إلى أن المدعو أبا منصور التونسي عقد على مريم النيجيرية بصداق المؤجّل منه «حزام ناسف»، فيما عقد أبو سعيد المالي على فاطمة النيجيرية بصداق، المؤجّل منه «بندقية كلاشنكوف»، وفي بعض حالات الزواج كان وكيل الزوجة فيها «مكلّفاً من السلطان»، فيما تظهر الحالة الاجتماعية لإحدى الزوجات بأنها «مخالعة لزوج سابق».
وعلى خلفية وجود «داعش» في بعض أجزاء البلاد، قال العميد عبد السلام عاشور إن تنظيم داعش كوّن قاعدة قوية في الجنوب الليبي، الذي يعاني حالة من الغياب الأمني لأجهزة الدولة، وتسيطر على بعض مناطقه عناصر ما يعرف بالمعارضة التشادية، والسودانية، وعصابات تهريب البشر.
واعترف عاشور في مقابلة مع وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء، أمس، بـ«عدم قدرة وزارته على محاربة كل هذه الجماعات منفردة»، مشدداً على أن «الجنوب تم استغلاله بشكل سيئ من كل هذه العصابات، ويجب تكاتف الجهود لمعالجة هذا الأمر سريعاً».
في السياق نفسه، تحدث مصدر مسؤول في الهلال الأحمر الليبي عن «مصير 25 طفلاً من يتامى تنظيم داعش ينتظرون العودة إلى بلدانهم»، لكن ما زال مصيرهم غامضاً لأن دولهم «لم تبد أي رغبة في تسلمهم».
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن من بين هؤلاء الأطفال 13 طفلاً من مصر، والباقون من غانا وتونس والنيجر والسنغال، مشيراً إلى أنهم يوجدون في مركز الرعاية منذ قرابة عام.
وانتهى المصدر إلى أن هؤلاء الأطفال «يجب أن تحتويهم دولهم، مخافة أن يتحولوا إلى مجرمين على أيدي عصابات الاتجار في البشر، أو ينضموا مرغمين إلى صفوف التنظيم الإرهابي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.