جزيرة جربة التونسية... متحف للتراث والعادات

تضم أقدم كنيس يهودي و280 مسجداً

جزيرة جربة التونسية... متحف للتراث والعادات
TT

جزيرة جربة التونسية... متحف للتراث والعادات

جزيرة جربة التونسية... متحف للتراث والعادات

سحرت زائريها على مر التاريخ بمناخها الرائع وأجوائها الجميلة وشواطئها الناعمة وأشجار النخيل الباسقة وعاداتها الضاربة في عمق التاريخ.
هذه هي جربة التونسية، التي أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونيسكو في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2016. وتعتبر من بين المناطق السياحة التونسية التي حافظت على عاداتها وتقاليدها في المأكل والملبس وعادات الزواج وطبعت المنطقة بعمارتها البسيطة المتماشية مع موقعها على البحر.
أول ما يطالع زائرها لونها الأبيض، الذي يُسيطر على المشهد العام وتفرضه حرارة الشمس، إضافة إلى مآثرها التاريخية وعلى رأسها المساجد. جربة من بين أهم المقاصد السياحية في البحر الأبيض المتوسط فهي تتميز بطابع البساطة ومحافظة سكانها على عاداتهم وعدم تغيير نمط العيش المعتمد في معظمه على الفلاحة، وما يجود به البحر كما يتقن سكانها الكثير من الصناعات اليدوية على غرار فخار مدينة «قلالة» الشهير.

مساجد للعبادة والحماية
تاريخ جربة بدأ مع رحلة «أوليس» منذ أكثر من 30 قرنا، لهذا من البديهي أن تضم بين حناياها وأسوارها حصوناً وقلاعاً كانت تحرسها من هجمات الغزاة وأطماعهم المتواترة عبر التاريخ فضلاً عن مساجد يُقدر عددها بـ280 مسجداً استقطبت على مرور الأحقاب طلبة العلم. يغلب على هذا اللون الأبيض ومعمار بعيد عن أي زخرفات أو تعقيدات. بل لا يستعمل فيها حتى الرخام الذي يميز المعمار التونسي. مما يمنح شخصيتها وبساطتها، وأشجار غابات النخيل والزيتون التي تظلل أغلبها.
من أهم مساجدها الجامع الكبير الذي يوجد شمال الجزيرة الذي يعود بناؤه إلى القرن العاشر للميلاد، وجامع فضلون، الذي يقع شمال شرقي الجزيرة، ويقال إن تاريخه يعود للقرن الرابع عشر للميلاد. هناك أيضاً جامع سدويكش المبني تحت الأرض ويعد من أغرب المساجد في تونس.
تجدر الإشارة إلى أن المساجد الواقعة على شواطئ الجزيرة كانت بمثابة نقاط المراقبة والإنذار المبكر في جزيرة يحيط بها البحر من كل جانب ومهددة في أي وقت. وهذا ما يُفسر بناءها المتين وتوفرها على تجهيزات دفاعية تماما مثل المواقع العسكرية الأخرى، حسب بعض المؤرخين. ويوجد في جزيرة جربة أيضاً أقدم كنيس يهودي يحجه عدد كبير منهم من الدول الغربية، ويقضون أياماً في طقوس تعبدية خاصة بهم مما يعطي للجزيرة أهميتها التاريخية، وعلى أنها منطقة تتعايش فيها كل الأديان بسلام منذ أقدم العصور. ويعود تاريخ هذا المعبد اليهودي الذي سمي بـ«الغريبة» إلى سنة 586 قبل الميلاد، ويعود أصل التسمية إلى طفلة يهودية نبذها أهلها فاستقرت خارج حارة اليهود في الجزيرة. وكان عدد اليهود قبل استقلال تونس سنة 1956 في حدود 100 ألف يهودي، غير أن عددهم انخفض بشكل ملحوظ نتيجة هجرتهم خارج تونس، وبقي منهم عدد ضئيل وهو لا يزيد عن ألفي يهودي في الوقت الحاضر.

أكثر من مائة فندق
أما على مستوى الأنشطة السياحية؛ فهي متعددة، وتعتمد في معظمها على بساطة العيش وحب اكتشاف العادات من تذوق غلالها الموسمية إلى الاستجمام والاستمتاع بمناخها المعتدل صيفاً وشتاءً.
ويفوق عدد الفنادق في الجزيرة المائة فندق من فئة أربع أو خمس نجوم تتوفر على كل عناصر الراحة والتسهيلات العصرية. كما توجد بها إقامات سياحية هي عبارة عن بيوت عائلية قديمة تم تحويلها إلى مضافات تستوعب عددا محدودا من السياح، وتُعتبر من بين المشاريع السياحية الناجحة، بعد أن لم تعد سلاسل الفنادق الفخمة تُغري السائح الذي يريد أن يتعرف على الحياة الأصلية للسكان وعلى عاداتهم وتقاليدهم.
ولأنها وجهة سياحية مهمة، افتتحت فيها منذ بضع سنوات الكثير من مراكز العلاج بمياه البحر تقدم خدمات طبية متميزة. الآن أصبح عددها يزيد على 15 مركزا وهو ما أثرى المنتج السياحي فيها، لا سيما أن قربها الجغرافي من مواقع السياحة الصحراوية يفتح الأبواب لاستغلالها عبر رحلات منظمة إلى تخوم الصحراء التونسية في مدنين وتطاوين وقبلي وتوزر.
أسعار الفنادق تكون مرتفعة خلال موسم الذروة (الصيف) ومنخفضة خلال باقي الفصول، ومن أهمها فندق «صدربعل برستيج - جربة» وهو من فئة خمس نجوم ويقدم إقامة فاخرة، كما يتوفر على منتجع صحي للاستجمام والمعالجة بمياه البحر. يصل سعر الليلة فيه إلى 587 دينارا تونسيا (نحو 225 دولارا).
فندق «سيدي منصور» وهو من فئة أربع نجوم ويبعد نحو ثمانية كلم عن جامع فضلون ويتسع لنحو 250 غرفة وتقدر الليلة الواحدة فيه بنحو 91 يورو.
فندق «وردة الصحراء» وهو من فئة ثلاث نجوم ويقع في منطقة «أغير» ويقدر سعر الليلة فيه بنحو 307 دنانير تونسية، أي ما يعادل 102 دولار.
فندق «دار نجمة - الحدادة»، وهو من فئة نجمة واحدة ويقارب سعر الليلة فيه 135 دينارا تونسيا (نحو 52 دولارا).
- يمكن الوصول إليها عبر مطار جربة جرجيس الدولي أو عن طريق البر من جهة جرجيس، وهي كذلك من بين المناطق السياحية المهمة في الجنوب الشرقي التونسي.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.