هجمات بسيارات مفخخة في بغداد.. وانتحاريون يحتلون لساعات المجلس البلدي في تكريت

شرطيان عراقيان يعاينان حطام سيارة في موقع انفجار ببغداد أمس (رويترز)
شرطيان عراقيان يعاينان حطام سيارة في موقع انفجار ببغداد أمس (رويترز)
TT

هجمات بسيارات مفخخة في بغداد.. وانتحاريون يحتلون لساعات المجلس البلدي في تكريت

شرطيان عراقيان يعاينان حطام سيارة في موقع انفجار ببغداد أمس (رويترز)
شرطيان عراقيان يعاينان حطام سيارة في موقع انفجار ببغداد أمس (رويترز)

تضاربت المعلومات بشأن عملية اقتحام المجلس البلدي في تكريت أمس، بين أن يكون الموظفون داخل المبنى قد حرروا أنفسهم بأنفسهم، مثلما أعلن المجلس البلدي نفسه، وبين ما أعلنه جهاز مكافحة الإرهاب من أن عملية التحرير نفذتها قوة جرى تدريبها خارج العراق.
وكان مسلحون مجهولون اقتحموا أمس مقر المجلس البلدي في تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، واحتجزوا نحو 40 رهينة في سلسلة عمليات تكررت خلال الفترة الأخيرة في العديد من المحافظات العراقية، وكانت آخرها محافظة كركوك حين اقتحم مسلحون مجمعا تجاريا مجاورا لمقر للاستخبارات الوطنية هناك.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها إن «القوات الأمنية في محافظة صلاح الدين أحبطت محاولة لاقتحام المجلس البلدي في تكريت بواسطة أربعة انتحاريين وعجلة مفخخة». وأضاف البيان أن «القوات الأمنية قتلت اثنين من الانتحاريين، في حين فجر الاثنان الآخران نفسيهما، وأدى الحادث إلى استشهاد أحد عناصر الشرطة وأحد المدنيين».
من جهته، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب أنه تمكن من تحرير المحتجزين داخل مبنى المجلس البلدي في تكريت. وقال المستشار الإعلامي في مكافحة الإرهاب سمير الشويلي، في تصريح، إن «القوة التي قامت باقتحام المجلس البلدي في تكريت هي قوة تدربت تدريبا خارج العراق لمثل هكذا مهمات صعبة، واستطاعت قتل جميع الإرهابيين باستثناء أحد الإرهابيين الذي فجر نفسه»، مضيفا أنه جرى «تحرير المحتجزين داخل مبنى المجلس المحلي من دون خسائر بشرية».
لكن أحد موظفي المجلس صرح بأنه «بعد سماع إطلاق النار من قبل قوات الشرطة والمسلحين خارج الأبواب الرئيسة للمجلس تمكن موظفون وأعضاء المجلس من القفز من فوق السياج الخارجي لمبنى البلدية». وأضاف أن «عضو المجلس رشيد العجيلي واثنين من عناصر حماية المبنى قتلوا بنيران الاشتباكات التي حدثت بين القوات الأمنية والمسلحين»، لافتا إلى أن «ثلاثة انتحاريين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة فجروا أنفسهم عند بوابة المجلس».
عملية اقتحام المجلس البلدي في تكريت تزامنت مع سلسلة هجمات بسيارات مفخخة ضربت مناطق مختلفة من العاصمة العراقية بغداد. وطبقا للمصادر الأمنية فإن نحو 50 قتيلا وأكثر من 80 جريحا وقعوا حصيلة انفجار عدة سيارات مفخخة في بغداد، من بينها واحدة بالقرب من مجلس محافظة بغداد، بينما انفجرت سيارات أخرى في أحياء البياع وحي العامل غرب بغداد، والصدرية وشارع فلسطين شمال شرقي بغداد.
وفي محافظة نينوى (350 كم شمال بغداد)، هاجم مسلحون حافلة لنقل الركاب غرب الموصل، وقتلوا ستة رجال وست نساء، بحسب ما أفاد رائد في الشرطة ومصدر في الطب العدلي وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهتها، أكدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن الخروقات الأمنية التي باتت تتكرر تدل بوضوح على أن هناك أيادي خفية تحاول العبث بأمن البلاد. وقال عضو اللجنة وعضو البرلمان العراقي عن كتلة «متحدون»، مظهر الجنابي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «تكرار هذه الحوادث المؤلمة يدل على وجود فشل بات واضحا، ولا يمكن إيجاد حل له إلا بتغيير شامل، فضلا عن أن هناك أيادي خفية مدعومة من قوى إقليمية (في إشارة إلى إيران) بهدف العبث بالعراق ومقدراته من أجل أن تكون لها اليد الطولى في هذا البلد». وأضاف الجنابي أن «ترك الأمور تمشي على عواهنها مع بقاء نفس الأشخاص وفي نفس المناصب، مع استمرار عمليات الاعتقالات العشوائية، لا بد أن يرسم علامات استفهام حقيقية بشأن ما يجري خصوصا، وإننا كلجنة أمن ودفاع أصبحنا في واد والجهات الأخرى في واد آخر».
من جهته، أكد الخبير الأمني الدكتور معتز عبد الرحمن، مدير المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستراتيجية الجديدة لتنظيم القاعدة تقوم على أساس قضم المزيد من الأراضي وتحويل بعض المدن إلى مدن ساقطة، وبالتالي فإن هناك سيناريو جديدا للتنظيم بات يأخذ مديات خطيرة تتمثل في تحقيق موطئ قدم في بعض المناطق». وأضاف أن «المشكلة التي نواجهها هي أنه لا توجد قوة في أي مكان قادرة على احتواء الضربة الأولى لـ(القاعدة) وامتصاصها، بدليل أن (القاعدة) تسيطر على أي مكان تريده حتى تأتي قوات من مكان آخر وتخوض معركة جديدة من أجل تحريره». وأضاف أن «هناك مخاوف من أن يصل هذا السيناريو إلى بغداد في ظل هذا الإرباك وعدم التركيز»، محذرا من «إمكانية سيطرة (القاعدة) على مقرات بعض الفضائيات المنتشرة في أماكن مختلفة من العاصمة، وهو ما يمكن أن تكون له تداعيات مخيفة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».