«داعش» يعدم رهينة من السويداء لإجلاء مقاتليه من حوض اليرموك

قريبات ضحايا تفجيرات السويداء الذي أودى بالعشرات في الـ25 من الشهر الماضي يودعن الجثامين (إ.ب.أ)
قريبات ضحايا تفجيرات السويداء الذي أودى بالعشرات في الـ25 من الشهر الماضي يودعن الجثامين (إ.ب.أ)
TT

«داعش» يعدم رهينة من السويداء لإجلاء مقاتليه من حوض اليرموك

قريبات ضحايا تفجيرات السويداء الذي أودى بالعشرات في الـ25 من الشهر الماضي يودعن الجثامين (إ.ب.أ)
قريبات ضحايا تفجيرات السويداء الذي أودى بالعشرات في الـ25 من الشهر الماضي يودعن الجثامين (إ.ب.أ)

لجأ تنظيم داعش المتطرف إلى أسلوب الإعدامات مرة أخرى للضغط على المفاوضين بهدف إجلاء مقاتليه من حوض اليرموك، حيث يخوض النظام هجوماً واسعاً لإقصائه من آخر جيوبه في جنوب غربي البلاد، باتجاه بادية شرق السويداء، في وقت يضيق فيه الخناق أكثر عليه، حيث بات محاصراً في جيوب متفرقة وصغيرة في الداخل السوري، إثر طرد «قوات سوريا الديمقراطية» له من الحدود مع العراق أمس.
ونفذ التنظيم أول عملية إعدام لرهينة من ضمن الرهائن الدروز الثلاثين الذين أسرهم إثر هجومه الأخير على قرى درزية في محافظة السويداء، حيث تناقل السكان مقاطع فيديو أرسلها التنظيم لعائلة فتى تظهره قبل وبعد إعدامه، وهو ما أثار المخاوف من لجوء التنظيم إلى إعدامات أخرى من ضمن المجموعة بموازاة تعثر المفاوضات بين النظام ووجهاء والروس والتنظيم.
وبعد الإعلان عن الإعدام، استؤنفت المفاوضات بين الطرفين بغية التوصل إلى اتفاق نهائي بعد رفض شروط التنظيم التي تنص على نقل عناصر من حوض اليرموك إلى بادية السويداء مقابل إفراجه عن المختطفين، بحسب ما أفاد «المرصد السوري» الذي قال إن عملية التفاوض «تتمحور الآن حول بندين اثنين رئيسيين؛ وهما تسليم التنظيم للمختطفين مقابل تسليم مسلحي السويداء جثث وجرحى التنظيم الموجودة لديهم على خلفية هجمات الأربعاء الدامي».
واختطف التنظيم لدى انسحابه إلى مواقعه التي يتحصن فيها على الأطراف الشمالية للمحافظة 30 امرأة وطفلاً تقريباً الأسبوع الماضي، وفقد 17 رجلاً آخرون بحسب مصادر متطابقة. وقام التنظيم الخميس بقطع رأس أحد المختطفين، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 19 عاماً كان قد اختطف مع والدته من قرية الشبكي، حسبما ذكر مدير شبكة «السويداء 24» المحلية للأنباء نور رضوان، أمس. كما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أنه أول رهينة من مخطوفي السويداء يتم إعدامه منذ الهجوم.
وتسلمت عائلة الشاب صوراً لجثمانه وشريطين مصورين، يبين الأول عملية قطع رأسه ويظهر الثاني، الذي نشرته الشبكة على موقعها، الشاب وهو يتحدث. ودعا الشاب في الفيديو إلى الاستجابة لمطالب التنظيم «حتى لا يلاقي الجميع مصيرهم كمصيري».
وقال المرصد إن «عملية الإعدام جاءت بعد تعثر المفاوضات بين تنظيم داعش وقوات النظام حول نقل مقاتلي التنظيم إلى البادية السورية من جنوب غربي درعا، وبسبب عملية الإعدامات التي تمت بحق أكثر من 50 من مقاتلي (جيش خالد بن الوليد) المبايع للتنظيم، ومقتل مدنيين في ريف درعا الجنوبي الغربي».
وكان الشيخ يوسف جربوع، أحد مشايخ عقل الطائفة الدرزية في سوريا قد صرح الجمعة لوكالة «الصحافة الفرنسية»، بأن روسيا، حليفة النظام السوري، تتولى التفاوض مع تنظيم داعش لإطلاق سراح المختطفين.
وأثارت عملية الإعدام مخاوف درزية من تكرار العملية، إذ قال الشيخ حمود الحناوي، أحد شيوخ طائفة الموحدين الدروز في سوريا، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس (الأحد): «نخشى بدرجة كبيرة قيام التنظيم بتنفيذ مزيد من عمليات الإعدام بحق الأبرياء المحتجزين لديه». وقال: «هم لم يطرحوا دفع فديات، وإنما طرحوا شروطاً تعجيزية لا نملك تنفيذها، كنقل عناصرهم المحاصرين بحوض اليرموك في ريف درعا الغربي إلى منطقة البادية في ريف السويداء الشرقي... وهذه أمور تتعلق بالدولة والجيش». وأشار الحناوي إلى أن المفاوضات بين أهالي السويداء و«داعش» لا تتم بشكل مباشر وإنما عبر وسطاء. وقال: «كنا نتمنى أن يكون هناك اتصال مباشر من أجل الإسراع في التفاهم، ولكن للأسف لم يحدث هذا. والوسطاء بيننا وبين التنظيم حالياً هم أشخاص سبقت لنا الاستعانة بهم لتحرير أسرى احتجزهم التنظيم في حوادث فردية متفرقة في الماضي». وتزامنت المفاوضات مع وصول مزيد من التعزيزات العسكرية إلى القرى الواقعة على الخط الأول المحاذي لباديتي السويداء الشرقية والشمالية الشرقية، في وقت يواصل فيه النظام هجومه على حوض اليرموك لإقصاء التنظيم من آخر جيب حدودي له في سوريا، لينحصر وجوده لاحقاً في جيوب متفرقة في الداخل. وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، أمس، تطهيرها الشريط الحدودي بين سوريا والعراق من مسلحي تنظيم داعش في محافظة دير الزور. وقال مدير المركز الإعلامي في القوات مصطفى بالي في تصريح لشبكة «رووداو» الإعلامية، إن «قواتنا تمكنت من تطهير كامل الشريط الحدودي بين سوريا والعراق من (داعش) بدعم من التحالف الدولي». وأضاف بالي أن «قوات سوريا الديمقراطية أمنت الشريط الحدودي السوري - العراقي شمال دير الزور بتنسيق مع الجانب العراقي».
ومُني «داعش» خلال العامين الماضيين بهزائم متلاحقة في سوريا، بعد أن برز بقوة في عام 2014، ولم يعد يسيطر سوى على أقل من 3 في المائة من مساحة البلاد، هي عبارة عن مناطق محدودة متناثرة في أقصى محافظة دير الزور شرقاً، وفي البادية شرق حمص، فضلاً عن الجيب الجنوبي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.