باخرة لتوليد الكهرباء تعيد الصراع بين «أمل» و«التيار»

أنصار بري يتهمون الشركة بـ«التعامل الجائر» مع أهل الجنوب

باخرة توليد الكهرباء في مرفأ الجيّة في جنوب لبنان (أ ب)
باخرة توليد الكهرباء في مرفأ الجيّة في جنوب لبنان (أ ب)
TT

باخرة لتوليد الكهرباء تعيد الصراع بين «أمل» و«التيار»

باخرة توليد الكهرباء في مرفأ الجيّة في جنوب لبنان (أ ب)
باخرة توليد الكهرباء في مرفأ الجيّة في جنوب لبنان (أ ب)

لم يحل التقارب المستجد بين رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري دون استمرار التجاذب بين الطرفين في ملف الكهرباء. إذ فجّرت باخرة توليد الطاقة التركية الثالثة سجالا بين الفريقين بعدما نجح «التيار» في استثمار رفض حركة «أمل» استقبال هذه الباخرة في معمل الزهراني في الجنوب، شعبيا، وبالتحديد بعد قرار نقلها إلى معمل الذوق في جبل لبنان، وتأكيد وزير الطاقة أنها ستؤمن الكهرباء 24 ساعة يوميا لسكان مناطق كسروان والمتن وجبيل.
وكانت «أمل» قد أعلنت صراحة في بيان أنها رفضت استقبال الباخرة، لأنها اعتبرت أنها «ستعطل إنشاء معمل جديد في الزهراني ما يشكل فرصة واعدة لحل أزمة الكهرباء التاريخية في لبنان ككل»، كما بررت الرفض بأنه بهدف التصدي للأضرار البيئية. ونفذ نواب كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري اعتصاما رمزيا أمام البوابة الرئيسية لمعمل الزهراني الحراري، احتجاجا واستنكارا لما قالوا إنه «تعامل جائر من كهرباء لبنان بحق الجنوب».
وشدد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل الذي شارك في الاعتصام على أنه ليس المطلوب مزيد من البواخر إنما «حل مستدام يقوم على إنشاء معامل ثابتة»، واصفا الحديث عن أن رسو الباخرة في منطقة الزهراني سيغذي الجنوب بالكهرباء 24 ساعة، بـ«الكذبة الفنية». وأشار خليل إلى أنه «كان المطلوب ربما أن تزيد ساعات التغذية بين ساعة ونصف وساعتين فقط لمنطقة الجنوب، وهذا بيان مؤسسة كهرباء لبنان، وهذا هو الرأي الفني لكل الخبراء بهذه المسألة، لكن تمت إشاعة أنه يمكن للباخرة تأمين الكهرباء 24 ساعة لإثارة الرأي العام في الجنوب، وكأن رفض الباخرة أصبح هو المشكلة بعد أن كان رفض البواخر هو المطلب الشعبي العارم والذي لا يريد هدر أموال».
ويُعارض «الثنائي الشيعي» كما الحزب «التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» طرح البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية، ويعتبرون أنه يزيد عجز الدولة الذي وصل في هذا القطاع إلى 36 مليار دولار من أصل 80 ملياراً هي نسبة الدين العام، ليشكل 45 في المائة من حجم المديونية العامة في لبنان. ويتمسك «الوطني الحر» و«المستقبل» بالطرح، مؤكدين أنه ضروري في المرحلة الانتقالية حتى الانتهاء من بناء المعامل الثابتة على الأراضي اللبنانية.
إلا أن اتفاق «حزب الله» و«أمل» على رفض البواخر، لم ينسحب مؤخرا على رفض دخول الباخرة التركية الثالثة إلى الزهراني. إذ تؤكد المعلومات أن «حزب الله» كان يؤيد دخولها لزيادة التغذية بالتيار الكهربائي خلال الأشهر الـ3 المقبلة.
وقد قابلت الاستياء الجنوبي حماسة في مناطق كسروان والمتن الموعودة بتأمين الكهرباء 24 ساعة حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعدما تم نقل الباخرة إلى معمل الذوق. وأكد وزير الطاقة سيزار أبي خليل أن «التغذية في كل لبنان ستتحسن بفضل الباخرة المجانية خلال 3 أشهر»، لافتا إلى أن الطاقة الإضافية ستصرف في كسروان وقسم من المتن وجبيل وتصل إلى 24 ساعة. وأوضح أبي خليل أنه «عندما ينتهي بناء معمل دير عمار ستزول الحاجة إلى المعامل العائمة، وسنحظى بكهرباء بشكل متواصل». وقال: «مسألة الباخرة المجانية أظهرت بشكل واضح ما يحول دون تأمين الكهرباء للبنانيين منذ 9 سنوات حتى اليوم».
واعتبر الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين أن لا عذر جديا لرفض استقبال الباخرة في الزهراني، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «كل ما يحصل يندرج بإطار تضارب المصالح ويؤكد أن تأمين الكهرباء في لبنان 24 ساعة هو حلم يستحيل أن يتحقق لأن لا مصلحة لأي من القوى المتحكمة بالبلد بذلك». وأضاف شمس الدين: «طالما أن هناك نحو 3000 مولد كهربائي على مستوى لبنان يستفيد من عائداتها ما لا يقل عن 20 ألف شخص يعملون في هذا المجال ومحسوبون على أحزاب وقيادات سياسية، فإن الحل الكامل للأزمة لا يبدو ممكنا أقله في المرحلة الراهنة ووفق المعطيات الحالية».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.