المجلس المدني للطبقة يستعجل المساعدات الأميركية

السفير روباك جال في المدينة وشمال سوريا

TT

المجلس المدني للطبقة يستعجل المساعدات الأميركية

زار السفير الأميركي ويليام روباك الخميس الماضي مدينة الطبقة جنوب نهر الفرات، والتقى مع رئيس المجلس التشريعي للإدارة المدنية الشيخ حامد الفرج، والرئيسة التنفيذية هند العلي، ومسؤولي إدارة الطبقة، وعقد اجتماعاً استمر مدة 4 ساعات.
ونقل مصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن السفير الأميركي بدأ حديثه بأنه مكلف بمتابعة الملف السوري وسيقوم بزيارة المدن والبلدات في الشمال السوري التي تحررت من قبضة تنظيم داعش بدعم ومساندة قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة الأميركية، وسيطلع بشكل مباشر على احتياجات هذه المناطق التي اتشحت بالسواد طوال سيطرة عناصر التنظيم، وتقديم المعونات والمساعدات إلى المدنيين والسكان. وأكد لمسؤولي إدارة الطبقة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعهد ببقاء القوات الأميركية والتحالف الدولي في مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات، بما فيها مدينة الطبقة الواقعة جنوب النهر لـ«منع حدوث فراغ أمني أو ظهور عناصر (داعش) أو تنظيمات إرهابية متطرفة».
والطبقة هي المدينة الوحيدة الواقعة جنوب نهر الفرات خاضعة إلى سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي والولايات المتحدة الأميركية، وتشكل منقطة تماس وعقدة مواصلات تربط المناطق الخاضعة للقوات النظامية، بالحدود الإدارية للمناطق الخاضعة لنفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» شمال شرقي البلاد، وقامت واشنطن ببناء قاعدة عسكرية في المدينة، وتفقد السفير الأميركي ويليام روباك خلال زيارته للطبقة، الجنود الأميركيين العاملين فيها.
وفي 2 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 وبعد تحرير المدينة من قبضة عناصر «داعش»، تم تأسيس إدارة مدنية ضمت مجلساً تشريعياً وآخر تنفيذياً، إلى جانب الهيئة العليا للعدالة والقضاء. والمجلس التشريعي بمثابة برلمان مصغر؛ يترأسه الشيخ حامد عبد الرحمن الفرج شيخ قبيلة الولدة العربية، والأخيرة منتشرة في مناطق الجزيرة السورية ومدينة الرقة وبلداتها.
وفي بداية حديثه لـ«الشرق الأوسط»، نفى الشيخ حامد صحة الإشاعات المتداولة مؤخراً بين سكان الطبقة بتسليم الطبقة للنظام السوري، على إثر لقاءات جمعت ممثلين من «مجلس سوريا الديمقراطية» والنظام السوري في دمشق قبل أسبوع، وقال: «رسمياً، لا يوجد أي اتفاق حول تسليم الطبقة أو إنشاء مربع أمني، أو استعادة أي منطقة خاضعة لسيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)».
إلا أن الإدارة المدنية وبهدف إعادة تأهيل سد الفرات وتشغيله من جديد، اجتمعت بداية الشهر الماضي في الطبقة، مع وفد مشترك ضم خبراء روساً وفنين من وزارة الموارد المائية في حكومة النظام، واتفق الجانبان على عودة جميع الموظفين والخبراء العاملين سابقاً في السد إلى عملهم، مقابل تأمين قطع الغيار وتشغيل السد من جديد، وبحسب مصادر مطلعة، طلب الوفد الروسي وممثلو النظام شروطاً بمرافقة الأجهزة الأمنية لحماية الخبراء والفنين الذين سيعملون في السد، لكن الإدارة المدينة رفضت هذه الشروط؛ الأمر الذي عرقل المباحثات.
وعلق الشيخ حامد على هذه اللقاءات قائلاً «ما جرى ليس اتفاقاً سياسياً، إنما يقع في النطاق الخدمي. فالموظفون السابقون للسد ما زالوا على رأس عملهم، وباعتبار السد ثروة وطنية هناك حاجة إلى المعدات وقطع الصيانة»، لافتاً أن الإدارة في الطبقة: «ليست لدينا مشكلة في أن يدير موظفو النظام بالتنسيق مع العمال الحاليين المعينين من قبل الإدارة منشأة السد بشكل مشترك، بما يخدم المصلحة الوطنية العامة».
وقامت الولايات المتحدة الأميركية ببناء قاعدة عسكرية بمدينة الطبقة، تقع في منطقة الإسكان العسكري بالحي الثالث في المدينة، وللمرة الأولى يقوم سفير أميركي بارز بزيارة الطبقة، وعن اللقاءات التي شارك فيها الشيخ حامد يزيد، قال «كانت زيارة رسمية وخلال لقاءاتنا مع روباك أكد تعهد بلاده والرئيس الأميركي بحماية المناطق المحررة من قبضة إرهابي (داعش)، وتولى التنسيق مع الروس لحماية الحدود الفاصلة مع النظام».
وشكلت الإدارة المدنية بالطبقة جهازاً للشرطة وآخر للمرور، بالإضافة إلى قوات النجدة لسد الفراغ الأمني، تلقوا التدريبات على يد خبراء ومسؤولين عسكريين من التحالف الدولي والقوات الأميركية العاملة في المنطقة.
وقالت هند العلي، إن مسؤولي الإدارة المدنية وخلال اجتماعهم مع روباك، ركزوا على عملية إعادة الإعمار واحتياجات هيئات الصحة والتعليم والبلديات، وطالبوا بتقديم الدعم المباشر للإدارة المدنية ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وتوفير الدعم للمنظمات الدولية والمحلية للمساعدة في التنمية وعودة عجلة الحياة لشكلها الطبيعي.
وعن أبرز التحديات التي تواجه عمل إدارة الطبقة، قالت رئيسة المجلس التنفيذي، إنها تنحصر بالوضع الأمني، وأضافت العلي: «الطبقة على تماس مع مناطق النظام جنوب غرب، ومفتوحة على البادية الشامية جنوب شرقي والتي لا يزال ينتشر فيها فلول عناصر (داعش)»، وكشفت عن أن جهاز الأمن العام ألقى القبض قبل أيام على خلية نائمة مؤلفة من 6 أشخاص تتبع التنظيم كانت تخطط لتنفيذ عمليات انتحارية داخل المدينة، وأضافت «عند مداهمة المكان قامت سيدة داعشية بتفجير نفسها، حيث كانت تلبس حزاماَ ناسفاً، لكن للأسف العملية أودت بحياة أحد عناصرنا وإصابة اثنين آخرين بحالة حرجة».
ومن بين العقبات التي تواجه عمل المجلس، فتح المدارس واعتماد منهاج دراسي؛ فالدورة التعليمية في الطبقة توقفت قرابة 4 سنوات متتالية بعد سيطرة عناصر «داعش» على المدينة، وبعد التحرير قامت لجنة التربية والتعليم بتقييم أضرار المدارس وبدأت بترميم بعضها حيث حولها عناصر التنظيم إلى مقرات عسكرية وسجون سرية، وقالت هند العلي «يوجد حالياً 180 مدرسة جاهزة للعام الدراسي المقبل، ويوجد 50 ألف طالب وطالبة لارتياد المدارس، وهناك نحو 300 معلم ومعلمة خضعوا للدورات التعليمية والتربوية، ولم نحسم قضية المنهاج الدراسي»، كما لا توجد أي دائرة أو مؤسسة حكومية عادت للعمل في الطبقة، حتى موظفو الحكومة السورية يسافرون ويقبضون الرواتب، إما من مدينة حلب أو من العاصمة السورية دمشق، بحسب رئيسة المجلس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».