الحكومة الفلسطينية: تدشين إسرائيل كنيساً وبؤرة استيطانية في سلوان محاولة لإشعال حرب دينية

بذريعة إقامة «مركز تراث ليهود اليمن»

مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يهود محتجين على توقيف متهربين من الخدمة العسكرية (رويترز)
مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يهود محتجين على توقيف متهربين من الخدمة العسكرية (رويترز)
TT

الحكومة الفلسطينية: تدشين إسرائيل كنيساً وبؤرة استيطانية في سلوان محاولة لإشعال حرب دينية

مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يهود محتجين على توقيف متهربين من الخدمة العسكرية (رويترز)
مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يهود محتجين على توقيف متهربين من الخدمة العسكرية (رويترز)

اعتبرت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية تدشين السلطات الإسرائيلية كنيساً وبؤرة استيطانية جديدة في حي سلوان جنوبي المسجد الأقصى، تصعيداً جديداً ضمن الهجمة الاحتلالية الإسرائيلية التي تدعمها الإدارة الأميركية الحالية، ومحاولة لإشعال نيران حرب دينية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، في بيان أصدره الجمعة، إن «تدشين الكنيس وإقامة البؤرة الاستيطانية في حي سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك وبمشاركة وزراء في حكومة نتنياهو يعتبر واحدا من محاولات هذه الحكومة المتطرفة لإشعال نيران حرب دينية غريبة عنا وعن بلادنا وعن ثقافتنا، كما يعتبر تحدياً سافراً للأمتين العربية والإسلامية وللمجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية».
وأضاف أن «تلفيق إقامة هذه البؤرة الاستيطانية تحت اسم مركز تراث يهود اليمن، يهدف إلى التغطية على العنصرية التي بلغت الحناجر لدى المسؤولين الإسرائيليين، لأن قصة يهود اليمن تتمثل في أنهم فروا من اضطهاد الغربيين من معتنقي اليهودية إلى سلوان حيث أغاثهم الأهالي وأوجدوا لهم ملجأ آمناً بينهم لسنوات، واليوم تتكالب العنصرية من أجل تحويل تلك الحادثة التي تفيض إنسانية والتي تثبت أخلاقية وتحضر أهل البلاد الأصليين، إلى بشاعة ووحشية تتمثل في الاستيطان والسرقة والسطو على ممتلكات المواطنين ومقدساتهم».
وطالب المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، الحكومات العربية والإسلامية بالعمل على تقديم الدعم اللازم لصمود الفلسطينيين في مدينة القدس العربية المحتلة والذين يتعرضون لمخاطر التهجير والترحيل عن ديارهم ومدينتهم. كما قال.
وجدد مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الإجراءات الاحتلالية والتصعيد الاستيطاني الخطير الذي يهدد البلاد والمنطقة والعالم. وشارك كل من وزير شؤون القدس في الحكومة الإسرائيلية زئيف الكين، ووزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف، في حفل تدشين مشروع ترميم الكنيس اليهودي. فيما حضر متاي دان رئيس حركة عطيرت كوهنيم الاستيطانية كضيف شرف على الحفل.
ووصف الكين المنافس على رئاسة بلدية الاحتلال في القدس، رئيس حركة «عطيرت كوهنيم» بأنه «الكاهن الأعظم، الذي نعمل جميعا من أجله في الحكومة وفي الكنيست في كل مرة يجب فيها أن نتجند للعملية الهامة، للعودة إلى أماكن شعب إسرائيل».
وقالت ريغف: «شكرا لمتاي دان وعطيرت كوهنيم على العمل المقدس الذي يقومان به، سنواصل العمل من أجل شعب إسرائيل ودولة إسرائيل وتوراة إسرائيل». وكانت جمعية «عطيرت كوهنيم» قد أخلت قبل ثلاث سنوات، وبعد صراع قضائي طويل، عائلة فلسطينية كانت تقيم في البناية التي يدعى بأنها كانت كنيساً للمهاجرين اليمنيين في حي «باطن الهوا» المكتظ في سلوان. وتعيش في الحي مئات العائلات الفلسطينية و21 عائلة يهودية.
ووصل المشاركون في الحفل إلى المكان، تحت حراسة مشددة لقوات الشرطة الإسرائيلية. حيث افتتح الكنيس في منطقة بطن الهوى ببلدة سلوان بمشاركة الوزراء وأعضاء الكنيست وكبار الحاخامات وسط إغلاق وحصار مشدد فرض على شوارع وأحياء البلدة. وأوضح مركز معلومات وادي حلوة - سلوان، أن وزير الزراعة الإسرائيلي أوري آريئيل وأعضاء كنيست وحاخامات، وحوالي 300 مستوطن افتتحوا الكنيس في «عقار أبو ناب»، وقاموا بإدخال كتابين من التوراة داخله، وسبق ذلك مسيرة انطلقت من حي العين مرورا بحي البستان وصولا إلى مكان الكنيس، حيث قاموا خلالها بتشكيل حلقات رقص وغناء طوال المسيرة.
وتم قبل الحفل اعتقال أحد سكان الحي وممثل المواطنين الفلسطينيين زهير رجبي، بعد استدعائه لمحادثة تحذيرية مع ضابط «الشاباك» الإسرائيلي. وقال رجبي إن «رجل الشاباك قال بأنه شاهد على (فيسبوك) أننا كنا نخطط لمظاهرة وأنه لا يريد أن يعتقلني وأن ذلك ليس في مصلحتي، فأخبرته أننا أردنا أن نقول لميري ريغف إن هناك أشخاصا يعيشون هنا وأن هذا هو منزلهم وإنني لم أخالف القانون».
وسيطر المستوطنون على عقار عائلة أبو ناب عام 2015، وهو عبارة عن 5 شقق سكنية. حيث يعتبر هذا البناء ذو طابع مميز بقبابه وتدعي الجمعيات الاستيطانية أن العقار كان في أواخر القرن التاسع عشر عبارة عن كنيس ليهود اليمن وبدأت المطالبة بإخلاء العقار منذ عام 2004، علما بأنه يقع ضمن مخطط «عطيرت كوهنيم» للسيطرة على 5 دونمات و200 متر مربع من حي «بطن الهوى»، بحجة ملكيتها ليهود من اليمن منذ عام 1881.
ويعتبر هذا الكنيس الأول في بلدة سلوان، ومنذ الاستيلاء عليه بدأ المستوطنون الذين يعيشون بالبؤر الاستيطانية بالبلدة التوافد إليه خلال الأعياد اليهودية المختلفة وإقامة الصلوات والطقوس الدينية فيه.



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.