منانغاغوا يفوز برئاسة زيمبابوي والمعارضة ترفض وتحتكم إلى القضاء

عودة الازدحام إلى شوارع العاصمة... وقوات للجيش تتمركز خارج مقر حركة التغيير

منانغاغوا يفوز برئاسة زيمبابوي والمعارضة ترفض وتحتكم إلى القضاء
TT

منانغاغوا يفوز برئاسة زيمبابوي والمعارضة ترفض وتحتكم إلى القضاء

منانغاغوا يفوز برئاسة زيمبابوي والمعارضة ترفض وتحتكم إلى القضاء

رفضت المعارضة في زيمبابوي الجمعة نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التي وصفتها بأنها «مزورة» «وغير قانونية» بعد إعلان فوز إيمرسون منانغاغوا فيها بالرئاسة بفارق ضئيل، في حين تخيم على البلاد أجواء من التوتر. وشكك زعيمها نلسون شاميسا في النتيجة التي أجريت وخسر فيها أمام الرئيس الحالي منانغاغوا المنتمي لحزب (الاتحاد الوطني الأفريقي - الجبهة الوطنية (زانو) الحاكم. وكان قد رفض مورغان كوميتشي زعيم حركة التغيير الديمقراطي أمام كاميرات التلفزيون في مقر لجنة الانتخابات النتائج قبل دقائق من إعلان فوز منانغاغوا بها.
وقال الرئيس منانغاغوا، الذي حصل على فترة ولاية تستمر خمسة أعوام، أمس الجمعة، إن حرية التعبير أمر لا غنى عنه في «زيمبابوي الجديدة»، وانتقد قيام الشرطة بإبعاد صحافيين في وقت سابق كانوا ينتظرون إفادة صحافية من منافسه الرئيسي. وقال شاهد من وكالة رويترز إن شرطة مكافحة الشغب في زيمبابوي أبعدت صحافيين ينتظرون مؤتمرا صحافيا لزعيم المعارضة نلسون شاميسا أمس الجمعة وصاح أفراد الشرطة فيهم: «إلى الخارج، إلى الخارج»، الأمر الذي دانه منافسه المنتصر. وكتب منانغاغوا على «تويتر»: «المشاهد التي حدثت اليوم في فندق برونتي لا مكان لها في مجتمعنا ونجري تحقيقا عاجلا في الأمر لنفهم ما حدث بالضبط». وأضاف: «فزنا في الانتخابات بحرية ونزاهة وليس لدينا ما نخفيه أو نخشاه. أي شخص حر في مخاطبة الإعلام في أي وقت». لكن زعيم المعارضة شكك في نتيجة الانتخابات وطالب بإعلان نتائج «سليمة ويمكن التحقق منها». وقال شاميسا فيما بعد للصحافيين إن الحزب الحاكم استخدم العنف ضد أنصار المعارضة بعد الاقتراع لأنه خسر الانتخابات، وهي الأولى منذ أطاح الجيش سلميا بروبرت موغابي (94 عاما) من السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال شاميسا: «سنبحث كل الوسائل القانونية والدستورية اللازمة لضمان حماية إرادة الشعب». وقال متحدث باسم حركة التغيير الديمقراطي في وقت مبكر الجمعة إن الحزب يعتزم التوجه إلى القضاء رغم أن الأمل يبدو ضئيلاً في قلب النتيجة. ورفضت اللجنة الانتخابية المزاعم بالتحيز والتزوير وأشاد المراقبون الدوليون بتنظيم الانتخابات في أجواء سلمية.
ومضى الاقتراع بسلاسة نسبيا، ما زاد الآمال بانتهاء عهد النزاعات والانتخابات التي تتسم بالعنف. لكن أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات وتسببت في مقتل ستة أشخاص كشف الانقسامات العميقة في البلاد، وهي انقسامات ازدادت على مر العقود التي أمضاها موغابي في السلطة، وكشف أيضا لجوء قوات الأمن لاستخدام القوة المفرطة. وبعد ثلاثة أيام من إطلاق مزاعم ومزاعم مضادة بشأن نتيجة الاقتراع حقق منانغاغوا (75 عاما) الفوز. وأعلنت مفوضية الانتخابات في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة إن منانغاغوا حصل على 2.46 مليون صوت في مقابل حصول شاميسا (40 عاما) على 2.15 مليون صوت. والأصوات التي حصل عليها منانغاغوا نسبتها 50.8 في المائة، وهو ما يزيد بفارق طفيف على نسبة النصف المطلوبة لتجنب اللجوء لجولة ثانية. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات أكثر من 80 في المائة في معظم محافظات البلاد العشر. وتسبب التأخير في إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية والهامش الضئيل للفوز في إثارة اتهامات من المعارضة بالتزوير.
وقال مراقبو الاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء إن الانتخابات شابتها الكثير من المشكلات ومنها تحيز وسائل الإعلام وترهيب الناخبين وانعدام الثقة في مفوضية الانتخابات. ودعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، الذي يرأس أيضا مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي، جميع مواطني زيمبابوي لقبول نتيجة الانتخابات. والجمعة، بدت الشوارع والأسواق مزدحمة كالمعتاد في حين تمركزت شاحنة تابعة للجيش وشاحنتين مزودتين بمدافع مائية خارج مقر حركة التغيير الديمقراطي. أما في ضواحي مدينة مباري فاحتفل أنصار حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي بالفوز. وقال تنداي مكدازي اختصاصي تكنولوجيا المعلومات البالغ من العمر 32 عاماً: «هذه زيمبابوي جديدة، نحن سعداء». ولم يبد انزعاجاً من فوز منانغاغوا بفارق ضئيل، قائلاً إن «هذا برهان على أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة».
وقال تشارلز لوري من مؤسسة فيريسك مابلكروفت لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مهمة منانغاغوا لم تكن مجرد الفوز في الانتخابات بل إقناع المجتمع الدولي بأن زيمبابوي تبدأ بداية جديدة من خلال الفوز بطريقة نزيهة وعادلة». ووصف لوري قمع الاحتجاجات بأنه «عرض واضح حول كيف يعتزم منانغاغوا أن يحكم».
منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1980، عرفت زيمبابوي رئيسين فقط هما موغابي الذي حكم بقبضة من حديد لمدة 37 عاماً ومنانغاغوا الذي كان يده اليمنى. وكان قد وعد الرئيس الجديد بانتخابات حرة ونزيهة من شأنها أن تنهي سنوات القمع الوحشي وعزلة زيمبابوي الدولية وتجذب الاستثمارات الأجنبية لإنعاش الاقتصاد المنهار.
واتهم منانغاغوا بالتورط في حملة ترهيب الناخبين خلال انتخابات عام 2008 عندما انسحب زعيم المعارضة مورغان تشانغيراي من الدورة الثانية بعد مقتل 200 من مؤيديه على الأقل.
ويواجه الرئيس تحديات هائلة لا سيما فيما يتعلق بإنهاض الاقتصاد الذي تركه موغابي في وضع كارثي بعد الاستيلاء على المزارع المملوكة من البيض وأمام التضخم الهائل وهروب رؤوس الأموال. ويواجه الرئيس كذلك مؤسسات صحية وتعليمية بالية بعد أن كانت مزدهرة، في حين هاجر الملايين من سكان زيمبابوي بحثاً عن عمل.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية مصمم الأزياء ستيفن نيانغاني (34 عاماً)، الذي لا يكسب ما يكفي لدفع الرسوم المدرسية لولديه: «لا يمكننا حتى أن نقول إلى أين نحن ذاهبون. لدي شكوك حيال أن حياتنا ستتحسن».
وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء الاقتصادية أن أهداف الإدارة الجديدة تشمل تحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي بنسبة 6 في المائة على الأقل على مدار الخمس سنوات المقبلة، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة خمسة مليارات دولار أميركي، واستثمارات محلية بقيمة 10 مليارات دولار سنويا. وتعد نقص السيولة النقدية عقبة كبيرة في طريق النمو وعائقا للاستثمار. واعتمدت زيمبابوي في الأساس على الدولار الأميركي منذ إلغاء عملتها في 2009 لإيقاف تضخم أدى إلى تضاعف الأسعار يوميا.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.