تركيا تُعدّ للرد «بالمثل وبلا تأخير» على العقوبات الأميركية

إردوغان يترأس أول اجتماع للمجلس العسكري... والقبض على عشرات الضباط

إردوغان يزور ضريح أتاتورك قبل ترؤسه اجتماع مجلس العسكري في أنقرة أمس (رويترز)
إردوغان يزور ضريح أتاتورك قبل ترؤسه اجتماع مجلس العسكري في أنقرة أمس (رويترز)
TT

تركيا تُعدّ للرد «بالمثل وبلا تأخير» على العقوبات الأميركية

إردوغان يزور ضريح أتاتورك قبل ترؤسه اجتماع مجلس العسكري في أنقرة أمس (رويترز)
إردوغان يزور ضريح أتاتورك قبل ترؤسه اجتماع مجلس العسكري في أنقرة أمس (رويترز)

أعلنت تركيا أنها سترد بالمثل، ودون تأخير، على قرار العقوبات الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية بحق وزيري العدل والداخلية التركيين لدورهما في اعتقال القس الأميركي أندرو برانسون، معتبرة أن ما وصفته بـ«الموقف الأميركي العدائي» لن يخدم أي هدف. كما أعلن الوزيران أنه ليست لديهما أي ممتلكات أو أموال أو حسابات في أميركا ليتم تجميدها.
ودعت وزارة الخارجية التركية الإدارة الأميركية إلى التراجع عن هذا القرار، الذي وصفته بـ«الخاطئ». وأضافت: «نحتج بشدة على قرار العقوبات المتعلق بتركيا الذي أعلنته وزارة الخزانة الأميركية، والذي لا يتماشى مع جدية الدولة، ولا يمكن تفسيره من خلال مفهومي القانون والعدالة». وتابعت الوزارة في بيان صدر على الفور عقب إعلان القرار الأميركي: «لا شك في أن هذا القرار الذي يعتبر تدخلا في نظامنا القضائي، وبشكل ينم عن قلة احترام، ينتهك جوهر علاقاتنا مع الولايات المتحدة، وسيلحق ضررا كبيرا بالجهود البناءة المتواصلة حيال إيجاد حل للمشكلات بين البلدين».
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أعلنت أول من أمس أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على وزيري العدل عبد الحميد غُل، والداخلية سليمان صويلو، متذرعة بعدم الإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون الذي تتواصل محاكمته في تركيا، وهو رهن الإقامة الجبرية حاليا في منزله في إزمير غرب البلاد.
وقالت ساندرز: «بتعليمات من الرئيس (ترمب)، ستفرض وزارة الخزانة عقوبات على وزيري الداخلية والعدل اللذين لهما دور في حبس القس برانسون، وسيتم تجميد الأصول المالية المحتمل وجودها في الولايات المتحدة التابعة للوزيرين المذكورين».
بدورها، أشارت وزارة الخزانة الأميركية في بيان لها، أنها أدرجت غُل وصويلو على قائمة العقوبات «بسبب إدارتهما لمؤسستين لعبتا دورا في حبس برانسون». ووفقا للقوانين الأميركية، يتم تجميد الأصول المالية المحتملة بالولايات المتحدة للأشخاص المدرجين في قائمة العقوبات، ويحظر عليهم إقامة علاقات تجارية مع الأميركيين.
واستنكر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قرار واشنطن حول فرض عقوبات على الوزيرين. وقال: إن «سعي الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على وزيرينا لن يبقى دون رد، وإن مشكلاتنا الثنائية لن تحل طالما لم تدرك الإدارة الأميركية أنها لن تحقق مطالبها غير القانونية هذه عبر هذه الوسيلة. والبيت الأبيض يتدخل في شؤون القضاء التركي عبر فرض العقوبات».
من جهته، قال فؤاد أوكطاي، نائب الرئيس التركي، في تعليق على القرار أمس: «نحن دولة كبيرة بعلمنا ووطننا وشعبنا، وبمقتضى ذلك، فلن نتردد ولو للحظة في اتخاذ الإجراءات اللازمة». وأشار في تغريدات عبر «تويتر» إلى أن «التطورات الأخيرة أظهرت مرة أخرى أن عظمة الدولة غير مرتبطة بكبر حجمها الاقتصادي وقوتها العسكرية ومساحتها الجغرافية، وأن كون الدولة عظيمة يقتضي التحرك في إطار القانون الدولي، والالتزام بالاتفاقات المبرمة، والتمسك بمبدأي العدالة والاحترام، وعدم تفضيل مصالح جماعات صغيرة على مصالح الشعب، والوقوف دائما إلى جانب المظلومين».
وقام مسؤولون في السفارة الأميركية في أنقرة أمس بزيارة لوزارة الخارجية التركية لإطلاع مسؤوليها على تفاصيل العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية.
من جانبه، قال وزير العدل التركي عبد الحميد غل، إنه لا يملك «قرشا واحدا» في الولايات المتحدة، أو أي دولة أخرى خارج تركيا. وأضاف عبر «تويتر»: «لم يكن لدي حلم سوى العيش على هذه الأرض (تركيا)، والموت فيها... إذا حالفني الحظ، ربما سأشتري يوما ما بستان زيتون صغيرا في مسقط رأسي بولاية غازي عنتاب (جنوب)».
بدوره، سخر وزير الداخلية التركي سليمان صويلو من الولايات المتحدة غداة فرضها عقوبات عليه وعلى وزير العدل عبد الحميد غل. وكتب على حسابه على «تويتر» أمس: «هناك شيء ملك لنا في أميركا هو (منظمة فتح الله غولن الإرهابية)، (في إشارة إلى الحركة التي يتزعمها رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن والذي تتهمه تركيا بالتخطيط للمحاولة الانقلابية التي وقعت في يوليو من عام 2016)، لن نتركها هناك، سنستعيدها».
وعلق رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، أن قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على وزيري الداخلية والعدل ليس صائبا. وأشار في تصريحات، أمس، إلى أن القرار الأميركي يمثل إساءة لـ«شرف» الشعب التركي. وقال: «إذا كان هناك مشكلة، يمكن مناقشتها عبر الحوار، وأرى أن القرار المتخذ بخصوص وزيرينا ليس صائباً... ويجب حل الخلافات مع الولايات المتحدة على أرضية سليمة».
وقال: إن «الجميع يعلم أن الشخص القابع في بنسلفانيا (غولن) يقف خلف المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في 15 يوليو 2016. وإن طلب تركيا تسليمه لها أمر طبيعي للغاية». كما حذّر من إمكانية أن يتطور الوضع إلى مرحلة قد تسفر عن نتائج سلبية لكلا البلدين، قائلاً: «نؤمن بضرورة تطوير علاقات جيدة مع جميع الدول».
وأصدرت 4 أحزاب بيانا وقّعه نواب رؤساء الكتل النيابية، أكدت فيه احتجاجها على قرار العقوبات الذي دخل حيز التنفيذ، الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية ضد وزيرين من الحكومة التركية، مشددا على أن هذا «موقف غير مقبول من حيث الصداقة والشراكة القائمة بين البلدين، وعضويتهما المشتركة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)».
وذكر البيان أن «مثل هذه الممارسات، والبيانات التهديدية لا تصب في صالح حل المشكلات التي طالت العلاقات التركية الأميركية، بل تضيف مزيدا من المشكلات إلى ما هو قائم بالفعل».
من ناحية أخرى، ترأس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس أول اجتماع لمجلس الشورى العسكري بتشكيله الجديد. وعبّر إردوغان قبل الاجتماع عن ثقته في أنه سيعزز قوة تركيا أكثر في كفاحها ضد جميع التنظيمات التي تهدد أمنها القومي، وفي مقدمتها حركة غولن وحزب العمال الكردستاني المحظور.
جاء ذلك في كلمة كتبها إردوغان في سجل الزائرين لقبر مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، الذي زاره أمس برفقة أعضاء مجلس الشورى العسكري التركي، قبل الاجتماع. وأشار إردوغان إلى أن الاجتماع ينعقد في ظل تطورات إقليمية وعالمية حساسة.
وبحث المجلس الترقيات وحالات التقاعد في الجيش. وشارك في الاجتماع المغلق نائب الرئيس فؤاد أوكطاي، وكل من وزراء الدفاع خلوصي أكار، والعدل عبد الحميد غُل، والداخلية سليمان صويلو، والخزانة والمالية برات ألبيرق، والتربية ضياء سلجوق، ورئيس الأركان يشار غولر الذي عينه إردوغان حديثا، وقائد القوات البرية أوميت دوندار، وقائد القوات الجوية حسن كوتشوك أكيوز، وقائد القوات البحرية عدنان أوزبال.
بالتوازي مع ذلك، أصدر ممثلو الادعاء التركي مذكرات اعتقال بحق 27 ضابطا من رتب عالية بمشاة البحرية بناءً على مزاعم بصلاتهم بحركة غولن. وقامت الشرطة، أمس، بمداهمات في 8 ولايات في أنحاء البلاد. ومن بين من صدرت أوامر بضبطهم 5 من ضباط يخدمون حاليا في البحرية التركية.
وقال مكتب الادعاء في أنقرة إن «الضباط اتهموا بالتواصل مع أعضاء حركة غولن، الداعية الإسلامي الذي يعيش في منفى اختياري بالولايات المتحدة منذ عام 1999». وعلى مدار العامين الماضيين، جرى اعتقال أكثر من 77 ألف شخص لصلاتهم المزعومة بحركة غولن، كما تم عزل أكثر من 110 آلاف موظف مدني، منهم رجال شرطة وأكاديميون وممثلو ادعاء وقضاة، إلى جانب الحكم بالسجن مدى الحياة بحق أكثر من 1500 شخص بينهم عسكريون وصحافيون.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.