الإدارة الأميركية: روسيا تواصل محاولات التدخل في الانتخابات

خصّص البيت الأبيض المؤتمر الصحافي اليومي، أمس، للتحذير من محاولات روسيا المستمرة للتدخل في الانتخابات النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، واستعراض الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية ووكالات الاستخبارات لحماية الانتخابات من التدخل الروسي.
واتّهم مدير أجهزة الاستخبارات الأميركية، روسيا بشن حملة «واسعة النطاق» للتأثير على الرأي العام والعملية الانتخابية. وقال دان كوتس: «ما زلنا نرى حملة رسائل واسعة النطاق من روسيا لمحاولة إضعاف الولايات المتحدة وتقسيمها».
من جانبها، قالت كرستين نيلسن وزيرة الأمن الداخلي، إن محاولات التدخل الروسي تهدد «الديمقراطية الأميركية». فيما اعتبر كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي)، أن الأخير يحرز تقدماً في العمل مع شركات التواصل الاجتماعي في مواجهة محاولات التدخل الروسي.
على صعيد آخر، أقرّ الكونغرس الأميركي موازنة قدرها 716,3 مليار دولار لوزارة الدفاع الأميركية، بما يُسرّع الإنفاق العسكري ويدعم الموقف الأميركي في مواجهة روسيا، في الوقت الذي بدأ فيه الحزبان الديمقراطي والجمهوري الاستعداد لمعركة الانتخابات النصفية.
ووافق مجلس الشيوخ على قانون موازنة الدفاع بغالبية 87 صوتاً مقابل 10، أول من أمس، بعد أسبوع واحد من حصوله على 359 صوتاً مقابل 54 في مجلس النواب. وقال وزير الدفاع جيمس ماتيس في بيان: «أشعر بالامتنان لتصميم أعضاء الكونغرس من الحزبين على تبنّي قانون موازنة الدفاع خلال وقت قياسي هذا العام»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
ويُفرج القانون عن مبلغ 69 مليار دولار للعمليات الخارجية الجارية (أفغانستان، سوريا، العراق، الصومال...)، ويشتمل على زيادة قدرها 2,6 في المائة على رواتب أفراد القوات المسلحة، ويُتيح صرف عشرات المليارات من أجل الاستثمار في تحديث البحرية والقوات الجوية والصواريخ الأميركية، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويحظر القانون على البنتاغون تسليم أي مقاتلة من طراز «إف - 35» إلى تركيا، في حال لم تلتزم بعدم المضيّ قدماً في مفاوضاتها مع روسيا لشراء منظومة «إس - 400» الدفاعية الجوية الروسية، والتي من المفترض أن هذه المقاتلة قادرة على الإفلات منها.
وكانت الولايات المتحدة قد سلّمت أولى مقاتلاتها من طراز «إف – 35» لتركيا في أواخر يونيو (حزيران)، رغم التوتر المتزايد مع هذه الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي. لكن هذه الطائرات ستظل في الولايات المتحدة لمرحلة أولى طيلة فترة تدريب الطيارين الأتراك، وهي عملية يمكن أن تستغرق عاماً أو اثنين، حسب البنتاغون.
ولتفادي أي «فيتو» من قبل الرئيس، امتنع أعضاء المجلس عن التصويت على تعديل كان سيعارض اتفاقاً للإدارة مع مجموعة «زد تي إي» الصينية للاتصالات، ويخفف من العقوبات على انتهاكات الحظر المفروض على إيران وكوريا الشمالية.
وندّد السيناتور الجمهوري ماركو روبيو بتراجع أعضاء مجلس الشيوخ الذين يعتبرون أن المجموعة الصينية تشكل خطراً على الأمن القومي للولايات المتحدة، وصوّت ضد النص. وقال روبيو: «حان الوقت لنفتح أعيننا». وأضاف: «نحن نخوض منافسة جيوسياسية ليس مع دولة زراعية فقيرة تحاول اللحاق بنا، بل مع قوة عظمى تحاول اعتراض طريقنا بشكل غير منصف وبهدف أن تحل محلنا لتصبح الدولة الأقوى عسكرياً واقتصادياً وجيوسياسياً وتقنياً في العالم».
على صعيد آخر، يُجيز القانون بطلب من البنتاغون منح استثناءات للعقوبات الأميركية على الدول التي تشتري أسلحة روسية لتفادي انتقالها بشكل نهائي إلى صف الكرملين. ويقول مؤيدو هذا البند إن التغيير سيتيح مساعدة بعض الدول على الابتعاد تدريجياً عن النفوذ الروسي.
ويريد ماتيس خصوصاً أن يبدأ ببيع أسلحة إلى الهند، أكبر مستورد عالمي للمعدات الدفاعية والتي تشتري عتاداً روسياً منذ سنوات وتخوض مفاوضات مع موسكو لشراء أنظمتها الدفاعية المضادة للطائرات من طراز «إس - 400».
ويفرض القانون قيوداً على التعاون العسكري مع روسيا، ويخصّص 65 مليون دولار لتطوير الترسانة النووية الأميركية، خصوصاً لجهة تحديث الأسلحة النووية ذات القوة المحدودة. وحملت موازنة العام الحالي اسم السيناتور الجمهوري جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، والموجود في منزله في أريزونا بعد إصابته بسرطان في الدماغ. وقال ماكين: «تمثّل ميزانية الدفاع للعام الحالي فرصة مهمة لاعتماد مقاربة فعالة من أجل مواجهة تهديدات متزايدة في العالم».
وصادق الكونغرس على ميزانية الدفاع لـ57 سنة متتالية، وأشار السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال إلى أن نجاحها «انتصار لمبدأ أن الأمن القومي أهم من السياسة والأحزاب».
في سياق آخر، قدم أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون أمس، قالوا إنه سيزيد الضغوط على روسيا رداً على تدخلها في الانتخابات الأميركية وأنشطتها في سوريا وضم شبه جزيرة القرم.
وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، إن «نظام العقوبات الحالي فشل في ردع روسيا عن التدخل في انتخابات التجديد النصفي (المقررة في وقت لاحق من) العام الجاري»، كما نقلت عنه «رويترز». وكان الكونغرس الأميركي قد أقر في الصيف الماضي مشروع قانون لفرض عقوبات على روسيا، لكن بعض المشرّعين عبّروا عن غضبهم إزاء ما يرونه عزوفاً عن تنفيذ العقوبات من جانب إدارة ترمب.
وتشمل العقوبات فرض قيود مالية على صفقات الدين السيادي الجديدة، وعلى قطاع الطاقة، وبعض المشروعات، وواردات اليورانيوم، إضافة إلى شخصيات سياسية ورجال أعمال.
في إطار آخر، يشارك الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في استعدادات حزبه الديمقراطي للانتخابات النصفية. وأعلن، أول من أمس، دعمه لعشرات المرشحين الديمقراطيين للكونغرس وحكام الولايات الأخرى، مؤكّداً أنه «متحمس» للبقاء قوة سياسية في انتخابات منتصف الولاية المرتقبة في نوفمبر (تشرين الثاني).
ووسط مؤشرات على استعداد ترمب لبدء حملة دعم الجمهوريين في الأشهر القادمة، قال أوباما إنه سيقوم بحملة للعديد من المرشحين قبل انتخابات منتصف الولاية التي تعد الأكثر ترقباً منذ سنوات.
وذكر في بيان أعلن فيه تأييده لـ81 ديمقراطياً من 14 ولاية يعتبرهم جيل القيادة القادم: «أنا متحمس لأثبت أن مرشحينا الديمقراطيين يستحقون أصواتنا هذا الخريف».
ومن هؤلاء المرشحين، هارلي رودا الذي يتنافس مع الجمهوري دانا روراباشر للفوز بمقعد في الكونغرس عن كاليفورنيا يعد حاسماً لمساعي الديمقراطيين لاستعادة السيطرة على مجلس النواب. وأعلن أيضاً دعمه لمرشحة مجلس الشيوخ جاكي روزن عن نيفادا، التي تتنافس مع السيناتور دين هولر في سباق متقارب. وكذلك المرشحة لمنصب حاكم ولاية جورجيا ستيسي أبرامز، التي في حال فوزها ستكون أول حاكمة ولاية من أصول أفريقية - أميركية في الولايات المتحدة. وقال أوباما: «أنا على ثقة بأنهم معاً، سيدعّمون هذا البلد الذي نحبّه، باستعادة الفرص المشتركة وإصلاح تحالفاتنا ودعم تمسكنا الأساسي بالقضاء والنزاهة والمسؤولية ودولة القانون».
ويتنافس نحو نصف عدد المرشحين الأوفر حظاً على مقاعد لمجالس نواب الولايات، بينهم تسعة ديمقراطيين مرشحون لمقاعد في مجلس النواب في أوهايو في معركة سياسية شرسة، وتسعة مرشحين لمجلس النواب والشيوخ في ولاية كولورادو المتأرجحة.
وقالت أبرامز المرشحة لمنصب حاكم جورجيا، إنه «شرف كبير» لها أن تحصل على تأييد أوباما. بدورهما، شكر كل من رودا وروزن الرئيس السابق. ويتوقع أوباما، حسبما أعلن مكتبه، القيام بحملة «في العديد من الولايات هذا الخريف»، وسيعلن تأييده مرة ثانية قبيل اليوم الانتخابي.
من جانبه، يُرجّح أن يقوم ترمب بجولات في البلاد. ويستمتع الرئيس بالحملات الانتخابية، إذ تسمح له هذه التجمعات الحماسية بأن يجدد الوعود التي أدلى بها خلال حملته الانتخابية، ويحتفل بإنجازاته.
وهذا ما قام به مساء الثلاثاء في فلوريدا، حيث قام بحملة لعضو الكونغرس رون ديسانتيس، الذي يخوض معركة داخلية للفوز بترشيح الحزب لمنصب حاكم لولاية فلوريدا. وقال: «لا أقوم بهذا النوع من التأييد بسهولة (...) رغم أنه يبدو أن له تأثيراً».
وأثّر الرئيس الأميركي على سباقات انتخابية مؤخراً. ففي جورجيا، فاز مرشحه في معركة حامية على منصب حاكم جورجيا، في ترشيح الجمهوريين بغالبية ساحقة. والشيء نفسه حصل عندما أيّد عضوة الكونغرس مارثا روبي.