ودائع العراق عادت إلى مصرفه «المركزي» عبر «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»

رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه ينفي وجودها

TT

ودائع العراق عادت إلى مصرفه «المركزي» عبر «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»

بعد مديرية الأمن العام اللبناني، وجهاز المخابرات الوطني العراقي، دخلت «جمعية المصارف» في لبنان على الخط في قضية الودائع العراقية المزعومة في بعض البنوك اللبنانية، بينما يرتقب صدور توضيحات وافية من البنك المركزي العراقي، بصفته المرجعية المعنية التي تولت متابعة الأموال العراقية المودعة في الخارج واستعادتها بعيد سقوط النظام السابق في عام 2003، مع الإشارة إلى ظهور دور مباشر لـ«بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي».
وشدد رئيس «جمعية المصارف» الدكتور جوزيف طربيه على أن الحملات التي طالت بعض البنوك تقع ضمن توصيف «الجريمة المنظمة»، «بعدما استغلت شبكة إجرامية مسألة سقوط النظام السابق للادعاء زوراً بوجود ودائع مالية من دون استناد العملية إلى أي مستندات قانونية»، واستنتج أن «هدف الابتزاز، الذي ترافق مع بث إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي، كان الحصول على ترضية مالية وليس على حقوق مزعومة».
وأكدت مصادر مصرفية مطلعة ومتابعة أن السلطات العراقية، وبالأخص وزارة المال والبنك المركزي، بعد نظام صدام حسين، تحوز جميع الملفات المالية ضمن سائر الملفات التي تولاها بداية الحاكم العسكري الأميركي بول بريمر. وهذه الملفات تشمل الودائع المالية الخارجية للنظام السابق، وكانت ذات صفة رسمية تعود بشكل رئيسي للبنك المركزي، وأيضا لمصرفي «الرافدين» و«الرشيد» الحكوميين.
وفي المعلومات أن بعض المصارف اللبنانية وعددها بين 5 و7 (بين كبيرة الحجم ومتوسطة)، كانت استقبلت فعلا بعض الودائع العراقية الخارجية بعلم البنك المركزي اللبناني وإشرافه، خصوصا لجهة تحديد صاحب الحق وحصره بجهات رسمية بما يضمن التطابق الصارم مع قانون وأنظمة تحمي ضد أي شبهات أو شكوك بتبييض أموال. وقد استجابت المصارف، بعلم البنك المركزي وتوجيهاته أيضا، للطلب الأميركي - العراقي المشترك بالإفصاح عن هذه الودائع وإعادتها بناء على الطلب الوارد، إلى مؤسسات الدولة العراقية عبر تحويلها إلى «بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي»، باسم صاحب الحق المعنوي؛ أي البنك المركزي العراقي... «وتمت العمليات حينها دون أي تردد وبكل شفافية».
وأشار طربيه إلى واقعة إعادة الأموال كاملة إلى البنك المركزي العراقي عبر قناة «بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي»، باعتباره صاحب الحق، مؤكدا أنه «لو كانت للسلطة ودائع وطلبتها، فيتم تحويلها فورا، لأن صاحب الحق يملك وحده حق المطالبة». وأثنى على «جهود مدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم وجهاز المخابرات العراقي في إنهاء عملية الابتزاز وتشويه سمعة المصارف اللبنانية»، ونوه بـ«أهمية مواصلة التحقيقات والملاحقات لكشف المخططين والمحركين لهذه الشبكة الإجرامية، بعدما تم فعلا اعتقال بعض أفرادها المنفذين».
ونبه طربيه إلى «الاستهداف الخطير» الذي تناول القطاع المصرفي اللبناني في الفترة الأخيرة من أجل المس بسمعته ومناعته، وأنه «على الرغم من أن الحملة لم تكن مبنية على حقائق أو وقائع ثابتة، فإن انتشار الإشاعات في عالم التواصل السريع والفضاء الافتراضي، له تأثيراته المضللة على شرائح كبيرة من عملاء مصارفنا؛ المقيمين وغير المقيمين، ويخلق جوا من الارتباك والحيرة ينعكس سلبا على حركتي الادخار والاستثمار في البلاد».
غير أن الجهود المشتركة التي قامت بها الأجهزة الأمنية المختصّة في لبنان والعراق، «أدّت إلى الكشف عن شبكة من مرتكبي أعمال الاحتيال ومروّجي الأخبار الكاذبة والملفّقة بهدف الابتزاز والنيل من سمعة قطاعنا المصرفي، الذي أثبت ولا يزال يثبت تقيّده التام بأصول ومتطلّبات العمل المصرفي السليم والتزامه الكامل والمطلق بقواعد ومعايير الشفافية والإدارة الرشيدة ومكافحة تبييض الأموال وأعمال الإرهاب ومختلف أنواع الجرائم المالية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».