«إخوان ليبيا» ينتقدون تأجيل البرلمان الاستفتاء على الدستور

السراج يناقش إجراءات الإصلاح الاقتصادي مع محافظ المركزي

TT

«إخوان ليبيا» ينتقدون تأجيل البرلمان الاستفتاء على الدستور

هاجمت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا مجلس النواب بعد إعلانه تأجيل حسم التصويت على مشروع قانون الاستفتاء على الدستور الليبي الجديد. وفي غضون ذلك، بحث رئيس حكومة الوفاق، أمس، خلال اجتماع عقده في العاصمة طرابلس، وضم نائبه أحمد معيتيق، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ووزير التخطيط طاهر الجهمي الخطوات التنفيذية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يشمل حزمة من الإجراءات.
ورأى محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في بيان أصدره مساء أول من أمس، أن إرادة أعضاء مجلس النواب «مسلوبة»، لافتا إلى أن من وصفها بالمجموعة المتحكمة في المجلس «تُستخدم من دول إقليمية لإفشال العملية السياسية في ليبيا»، قبل أن يوضح أن المجلس عجز عن عقد جلسة صحيحة لأكثر من سنة.
وقال صوان في تصريحات تلفزيونية، أعاد نشرها بيان للحزب، إن هناك أطرافا «لا تريد الاستقرار السياسي لليبيا بدعم من دول إقليمية، ولا ترغب لليبيا أن تتجاوز أزمتها»، مشيرا إلى أن «عدم وجود إرادة واحدة في المجتمع الدولي جعل بعض الدول الصغيرة تلعب دورا أكبر من حجمها في ليبيا».
وجاءت انتقادات صوان اللاذعة لمجلس النواب بعد جلسة مثيرة للجدل، عقدها أول من أمس، حيث أخفق بعد يومين من المداولات في حسم التصويت على الدستور الجديد، وفتح الطريق أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية تسعى الأمم المتحدة وفرنسا لإجرائها قبل نهاية العام الحالي، رغم معارضة إيطاليا لهذه الخطوة.
إلى ذلك، رفض المهدي البرغثي، وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، قرار الأخير بإعفائه نهائيا من منصبه، وأعلن عدم امتثاله له. ففي أول تعليق له على القرار، الذي وصفه البرغثي في بيان له، مساء أول من أمس، بأنه «لا يمت لمقتضيات المصلحة العامة بصلة»، اتهم السراج بمحاولة التستر على الجناة المسؤولين عن الهجوم الدامي، الذي تعرضت له قوات الجيش الليبي في قاعدة براك الشاطئ العام الماضي. وطالب البرغثي أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة السراج بضرورة اتخاذ موقف واضح حول ما وصفه بـ«تصرفاته المخالفة لمبادئ وأهداف الاتفاق السياسي».
من جهة أخرى، وفي إطار الجدل الدائر بين السلطات الليبية من جهة، وإيطاليا والأمم المتحدة من جهة أخرى، أعلنت شركة «أوغوستا أوفشور» الإيطالية، المالكة للسفينة التي أنقذت مهاجرين قبالة المياه الليبية وأعادتهم إلى طرابلس، أنها قامت بعملية الإنقاذ، التي أثارت جدلا في إيطاليا استجابة إلى طلب قدمته إدارة البحرية الليبية، التابعة لحكومة السراج.
وقالت الشركة إنها تلقت طلبا من إدارة البحرية في صبراتة، مشيرة إلى أن أنشطة الإنقاذ تم تنفيذها تحت تنسيق خفر السواحل الليبي.
وأضافت الشركة بحسب بيان نقلته وكالة «أكي» الإيطالية أن ممثلين عن السلطات الليبية صعدوا إلى القاطرة قبل التوجه إلى قارب المهاجرين، ومن ثم إلى ميناء طرابلس، حيث تم نقل المهاجرين إلى زورق تابع لخفر السواحل الليبي.
واعتبر وزير النقل الإيطالي أن العملية لم تشكل انتهاكا للقانون الدولي، لافتا إلى أن قوات خفر السواحل الإيطالي لم تنخرط، أو تشرف على عملية إنقاذ المهاجرين الذين أعيدوا إلى ليبيا.
بدورها، نفت المفوضية الأوروبية علمها بتفاصيل عملية إعادة 108 مهاجرين إلى ليبيا، بعد أن تم إنقاذهم في البحر من قبل سفينة إيطالية خاصة قبالة السواحل الليبية. وقالت المفوضية إنها على تواصل مع السلطات الإيطالية لمعرفة تفاصيل هذه الحالة بالضبط، وما هو العلم الذي ترفعه السفينة، مؤكدة أنها ليست طرفاً في عمليات الإنقاذ المثيرة للجدل.
اقتصاديا، ناقش رئيس حكومة الوفاق، في اجتماع عقده أمس بطرابلس، وضم نائبه أحمد معيتيق، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ووزير التخطيط طاهر الجهمي، الخطوات التنفيذية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يشمل مجموعة من الإجراءات الاقتصادية.
ونقل مكتب السراج في بيان له عن محافظ مصرف ليبيا المركزي تأكيده جاهزية المصرف والقطاع المصرفي لتنفيذ تلك الإجراءات، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى أن الجانبين تدارسا الآثار المترتبة على تنفيذ هذا البرنامج، الذي سيعتمد خلال الفترة القريبة المقبلة.
وأكد السراج خلال الاجتماع استكمال استعدادات المجلس الرئاسي لوضع الخطوات المتفق عليها موضع التنفيذ.
ويتضمن البرنامج معالجة سعر صرف الدينار، والدعم على المحروقات، وزيادة مخصصات الأسر السنوية من الصرف الأجنبي، وغيرها من الإجراءات التي تستهدف تصحيح تشوهات الاقتصاد الليبي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.