السودان: الحزب الحاكم يتعهد بإجراء انتخابات حرة وشفافة

للوصول إلى تداول سلمي للسلطة

TT

السودان: الحزب الحاكم يتعهد بإجراء انتخابات حرة وشفافة

تعهد الحزب الحاكم في السودان بإجراء انتخابات «حرة ونزيهة وشفافة»، تشارك فيها القوى السياسية كافة في عام 2020، والسعي لما أسماه بـ«التداول السلمي للسلطة في البلاد».
ويحكم حزب المؤتمر الوطني السودان منذ يونيو (حزيران) 1989، برئاسة عمر البشير، وهو واجهة سياسية للإسلاميين، الذين نظموا انقلابا عسكريا على حكومة رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي المنتخبة، بيد أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وبعد قرابة 30 سنة من حكم الحزب بلغت مرحلة «متأزمة»، حسب بعض المراقبين.
ويدعو منتمون للحزب وبعض القيادات فيه إلى تعديل الدستور، لمنح الرئيس عمر البشير دورة رئاسية ثالثة بنهاية دورة حكمة، التي تنتهي في 2020، باعتبارها آخر فرصة له للترشح للرئاسة، وفقا للدستور القائم، وهو ما ترفضه قوى المعارضة وبعض حلفاء الحكومة. وقال عبد الرحمن الخضر، رئيس القطاع السياسي بالحزب، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية «سونا» أمس، إن هدف حزبه المحوري في المرحلة القادمة هو «تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في 2020، تشارك فيها كل الأحزاب السياسية السودانية، ويرضى عنها الداخل والخارج، وصولا للتداول السلمي للسلطة».
وأوضح الخضر، الذي كان يتحدث إلى اجتماع حزبي بالخرطوم، أن «المؤتمر الوطني» سيقود ما أطلق عليه «حوارا فكريا وسياسيا ومجتمعيا مع الأفراد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بغية الوصول إلى تحقيق السلام والتعايش السلمي في كل ربوع الوطن».
وأعلن الخضر أن أكبر التحديات التي تواجه حزبه في الوقت الراهن، تتمثل في إعادة «البناء والسجل الحزبي»، وأنه (الحزب) يعمل بجدية لتجاوز تلك التحديات عن طريق تكوين «فرق عمل متناسقة» تحقق أهدافه.
وقبل قرابة عامين من انطلاقها، تثير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمعة في السودان كثيرا من الجدل. فمن جهة قطعت جل أحزاب وقوى المعارضة، سواء أكانت مدنية أم مسلحة، بعزوفها عن تلك الانتخابات ما لم يتعهد النظام بتوفير «مستلزمات انتخابات حرة ونزيهة»، تتمثل في وقف الحروب، وإتاحة الحريات العامة، وإطلاق حرية الصحافة، وحق الحصول على المعلومات.
وأجرى نظام الحكم طوال سنوات حوارا أطلق عليه «الحوار الوطني»، نتج عن تكوين ما سمي بحكومة «الوفاق الوطني» الحالية، واستحداث منصب رئيس وزراء، بيد أن قوى معارضة رئيسية رأت فيه حوارا بين النظام وحلفائه وأصدقائه، ووصفته بأنه «حوار داخلي»، وتقاسم لـ«كيكة السلطة».
وتواجه البلاد أزمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، انهار بسببها سعر العملة الوطنية «الجنيه»، وبلغ أدنى مستوياته في التاريخ، وتجاوز سعره 47 جنيها للدولار الواحد، وضعفت مواردها من النقد الأجنبي، ما تسبب في أزمة وقود خانقة، وارتفاع جنوني في أسعار السلع الاستهلاكية، ولم تفلح الإجراءات التي اتخذتها السلطات في التخفيف من حدتها.
وتقاتل حركات مسلحة معارضة الحكومة السودانية في 8 ولايات، من جملة ولايات البلاد الـ18، فيما انتظمت المعارضة المدنية والمسلحة في تحالفين رئيسيين هما «نداء السودان»، و«قوى الإجماع الوطني»، إذ يعمل الأول على تنفيذ خريطة الطريق الأفريقية لحل الأزمة السودانية، فيما يدعو الثاني إلى إسقاط نظام الحكم عبر انتفاضة شعبية مدنية.
ومنذ أشهر، أعلنت الحكومة السودانية عن محاربة الفساد، واعتقلت عددا من رموز الحكم ممن أطلق عليهم «القطط السمان»، ضمن خطتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية، لكن بعض المراقبين يشككون في جدية حكومة الخرطوم في محاربة الفساد.
وقال الرئيس عمر البشير الاثنين الماضي خلال افتتاح لجنة تحقيقات في جرائم الفساد تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، إنه مهموم بمكافحة الفساد، واعتبره «سوساً ينخر في عضد الدولة والمجتمع ويخلق طبقات طفيلية»، مبرزا أن حكومته شرعت قوانين واتخذت إجراءات لتقوية مركز «المراجع العام» حرصا على صون المال العام ومحاربة الفساد، وأضاف أنه «بقيام هذه الوحدة المتكاملة... نستطيع أن نطمئن على حراسة المال العام».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».