سياسة عمران خان الشعبوية لا تزال في طور التشكل

عمران خان  (أ.ف.ب)
عمران خان (أ.ف.ب)
TT

سياسة عمران خان الشعبوية لا تزال في طور التشكل

عمران خان  (أ.ف.ب)
عمران خان (أ.ف.ب)

تسرّعت وسائل إعلام غربية عدة في ضمّ الطامح إلى تولي منصب رئيس الوزراء في باكستان، عمران خان، إلى قائمة الزعماء الشعبويين الذين يصعدون إلى المناصب القيادية في أنحاء العالم.
عمران خان الذي يخوض مفاوضات عسيرة مع عدد من الأحزاب لتثبيت ترشيحه وتولي حزبه «حركة الإنصاف» تشكيل الحكومة المركزية وفي حكومتين إقليميتين، أضافته منابر لا يعوزها الاطلاع ولا الصدقية على غرار مجلتي «أتلانتيك» و«تايم» وجريدة «التلغراف» البريطانية، في الأيام القليلة الماضية، إلى السياسيين الشعبويين الذين يحلمون بإدخال تغييرات عميقة على مسارات بلادهم وأحوالها من دون امتلاك أي من أدوات تحقيق هذه الأحلام، ما خلا الكلام. وليس افتراء من الصحف المذكورة وصف عمران خان بالشعبوي، فاستعراض تصريحاته قبل حملته الانتخابية وفي أثنائها، يترك انطباعا أن الرجل يركب فعلا الموجة الشعبوية بحسب مقال في «تايم» الأميركية التي أشارت إلى دوره في الحملة على رئيس الوزراء السابق نواز شريف بعد نشر «أوراق باناما» وظهور أسماء مقربين منه على لائحة المتهربين من الضرائب والمستفيدين من الجنات الضريبية في الخارج. يضاف إلى ذلك أن عمران خان، على غرار الشعبويين المعروفين، يعد بالتخلص من الفساد بسرعة غير واقعية، محملا - في الوقت ذاته - الحكومات السابقة مسؤولية دفع باكستان إلى حافة التحول لدولة فاشلة.
الوعود البراقة ومخاطبة «الشعب» كذاتٍ واحدة مدركة والمبالغة في اتجاهين: تضخيم المشكلات التي تركها السلف واحتكار الأدوات الناجعة لمعالجتها، من سمات الخطاب الشعبوي. وهو ما اتبعه عمران خان، لكن في المقابل، كانت لهجته فيما يتعلق بالمشكلات الداخلية غير حربية ولا تحريضية، ربما بسبب الجراح النازفة حتى اليوم التي تسببت بها صراعات طائفية في كراتشي وعرقية في الشمال وساهمت في تصعيد التوتر في البلاد عموما وفي احتقان العلاقة بين الجيش النافذ وبين الطبقة السياسية.
وإذا كانت بعض سمات السياسي الشعبوي الصاعد إلى رئاسة الجمهورية أو الحكومة، بتأييد جماهيري واضح تتوفر في خان، فإن سمات أساسية أخرى تغيب غيابا كاملا عن الأجواء التي تجري فيها حاليا الاستعدادات لوضع أسس المرحلة السياسية المقبلة في باكستان. فالطبيعة المعقدة والمتعددة، من النواحي السياسية والعرقية والطبقية للبلاد، وتنوع القوى صاحبة النفوذ الكبير، سواء عبر الأحزاب التقليدية وخصوصا حزبي «الشعب» الموالي لآل بوتو و«الرابطة الإسلامية - جناح نواز» المؤيد لنواز شريف، وتخلي القوات المسلحة عن الانقلابات العسكرية كأداة لتحقيق أهدافها مقابل انخراطها غير المعلن في التفاصيل السياسية، عوامل تجعل من المقارنة بين عمران خان وأي حكومة سيشكلها وبين شعبويي أوروبا على غرار المجري فكتور أوروبان أو الإيطالي ماتيو سالفيني مقارنة خارجة عن سياق المعطيات الواقعية.
ينطبق الأمر ذاته على قادة الدول المجاورة لباكستان، التي يُصنَّف البعض رؤساءها في لائحة السياسيين الشعبويين، مثل الزعيم الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اللذين اعتمدا في بناء قاعدتيهما السياسيتين على حملات مكافحة الفساد واعتقال «الرؤوس الكبيرة» (شي جينبينغ) والاعتراض على الحكم السلالي (مودي، قبل أن يبرز تعلقه بتوكيد الهيمنة الهندوسية على البلاد ولو على حساب الازدهار الاقتصادي). في المقابل، تنقص عمران خان تلك القاعدة التي يستطيع الاتكاء عليها وتمحضه ثقة عمياء. فخلال أكثر أعوامه في العمل السياسي، منذ تقاعده من لعبة الكريكت في 1996، انشغل بإثبات «أصالته» إذا صح التعبير وقدرته على منافسة عتاة السياسيين مثل نواز شريف وبا ناظير بوتو وآصف زرداري والبحث عن أساليب جديدة لمقاربة قضايا باكستان الشديدة الوطأة على كل من يحاول التفكير بحلها، مثل الفقر والديون والفساد والصراعات الجهوية والعرقية والعلاقات مع الهند والولايات المتحدة....إلخ.
المهم، أن عمران خان قد لا يكون الشعبوي النموذجي الذي عرفناه في رئيس الفلبين رودريغو دوتيري، على سبيل المثال. فالأقرب إلى الواقع أن الرجل ما زال يصوغ سياساته ومساراته التي قد تتنوع بتنوع العوائق التي تواجهه، لكن ضمن تصميمه على نجاح، أكد مرات كثيرة تصميمه عليه.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.