هل حقاً تلطخت الرياضة في ألمانيا بالعنصرية؟

الألمان ذوو الأصول التركية يعربون عن استيائهم لما حدث مع أوزيل

أوزيل قاد آرسنال إلى فوز ودي ساحق على سان جيرمان السبت (أ.ف.ب)  -  أوزيل بعد الهزيمة من كوريا الجنوبية وتوديع مونديال روسيا  مبكراً (أ.ف.ب)
أوزيل قاد آرسنال إلى فوز ودي ساحق على سان جيرمان السبت (أ.ف.ب) - أوزيل بعد الهزيمة من كوريا الجنوبية وتوديع مونديال روسيا مبكراً (أ.ف.ب)
TT

هل حقاً تلطخت الرياضة في ألمانيا بالعنصرية؟

أوزيل قاد آرسنال إلى فوز ودي ساحق على سان جيرمان السبت (أ.ف.ب)  -  أوزيل بعد الهزيمة من كوريا الجنوبية وتوديع مونديال روسيا  مبكراً (أ.ف.ب)
أوزيل قاد آرسنال إلى فوز ودي ساحق على سان جيرمان السبت (أ.ف.ب) - أوزيل بعد الهزيمة من كوريا الجنوبية وتوديع مونديال روسيا مبكراً (أ.ف.ب)

بينما كان هاكان غوموز، البالغ من العمر 17 عاماً، يخرج من الملعب مطأطئ الرأس بعد مباراة قوية في إحدى ليالي الصيف شديدة الحرارة في العاصمة الألمانية برلين، وقف الجمهور تعبيراً عن دعمه للاعب الشاب، الذي كان فريقه «برلين أتليتيك كلوب» تحت 19 عاماً قد خسر إحدى مبارياته الودية استعداداً للموسم الجديد. لكن دائماً ما يكون الشعور بمرارة الهزيمة أقل عندما تظل روح الفريق المعنوية عالية. وقال غوموز: «عندما ترتكب خطأً واحداً ثم تتم معاقبتك عن طريق سخرية جمهور ناديك منك أو تضطر إلى الانسحاب من الفريق، فهذا شيء محزن، أليس كذلك؟».
وكان «الخطأ» الذي يشير إليه غوموز هو قيام اللاعب الدولي السابق بصفوف المنتخب الألماني مسعود أوزيل، بالظهور في صورة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبل شهر واحد من انطلاق بطولة كأس العالم 2018 في روسيا.
أما «العقوبة» فتمثلت في الاستفزازات والإساءات التي تعرض لها اللاعب في المباريات التي تلت ذلك، وتزايُد الاتهامات من قبل الشخصيات العامة بأن هذه الصورة التي تحمل طابعاً سياسياً كانت أحد الأسباب الرئيسية في خروج المنتخب الألماني من دور المجموعات لكأس العالم. وبناءً على ذلك، أعلن أوزيل اعتزاله اللعب الدولي بسبب ما وصفه بالعنصرية وعدم الاحترام، وهو ما أدى بالتالي إلى دخول البلاد في نوبة من البحث عن الهوية الوطنية.
وانتقد الشعبويون اليمينيون الجدل الدائر حول أوزيل، الذي وُلد في مدينة غيلسنكيرشن الألمانية لأبوين تركيين ويحمل الجنسية الألمانية، ورأوا أن ذلك يعد دليلاً على أن الأشخاص ذوي الخلفية الإسلامية لا يمكنهم أبداً أن يندمجوا في المجتمع الألماني.
ووصفت أليس فايدل، رئيسة الكتلة البرلمانية في حزب «البديل من أجل ألمانيا»، لاعب خط وسط آرسنال الإنجليزي بأنه «مثال نموذجي على الاندماج الفاشل لعدد كبير جداً من المهاجرين من الأوساط الثقافية الإسلامية التركية».
لكن صدمة اعتزال أول نجم كرة قدم ألماني ذي جذور تركية اللعب الدولي مع المنتخب الألماني تردد صداها بقوة في كيانات مثل نادي «برلين أتلتيك كلوب»، الذي يعمل على تعزيز اندماج المهاجرين في المجتمع الألماني. وقد تأسس نادي «برلين أتليتيك كلوب» عام 1907 في حي فيدينغ للطبقة العاملة في برلين، وبالتالي كان يستقطب المواهب من بين أكثر من 200 ألف شخص من ذوي الأصول التركية الذين يعيشون في العاصمة الألمانية. وفي موسم 2006-2007 دخل النادي في شراكة مع نادٍ يتخذ من العاصمة التركية أنقرة مقراً له وغيّر اسمه إلى «برلين أنقرة سبور كلوب 07»، وهو القرار الذي وصفه المسؤولون بعد ذلك بأنه كان خاطئاً.
وقال بوراك اسيكاجليوغلو، مدير تطوير الشباب في نادي «برلين أتليتيك كلوب»: «إذا كنت تريد أن يكون لديك فريق كرة قدم يشجع الاندماج، فيجب أن يكون له اسم ألماني أيضاً». وفي الوقت الحالي، تحمل الحافلة الخاصة بالنادي شعار «التنوع هو قوتنا»، ويتألف الفريق من لاعبين من مجموعة واسعة من الخلفيات الأوروبية والأفريقية والشرق أوسطية.
وخلال المباريات التي تقام على ملعب الفريق، كانت العائلات تجلس بجوار الملعب تتناول النقانق التركية ويتنافس الأطفال الصغار فيما بينهم وهم يرتدون قمصان نادي غالطا سراي التركي.
لكن ما حدث مع أوزيل قد ألقى بظلاله على كل شيء. ففي حين رفضت الأندية الأخرى التي يديرها أتراك في المدينة، مثل نادي توركيمسبور التعليق على الأمر، نشر نادي «برلين أتليتك كلوب» بياناً مطولاً على موقعه على شبكة الإنترنت. وقال اسيكاجليوغلو: «كانت الرياضة هي القلعة الأخيرة التي لم تتسمم بالعنصرية. لكنها قد تلطخت الآن بالعنصرية التي تلقى قبولاً اجتماعياً، وهذا أمر محزن في حقيقة الأمر». وتجب الإشارة أيضاً إلى أن شغف اسيكاجليوغلو بالسياسة لا يقل عن شغفه بالرياضة، فهو عضو سابق في الحزب الديمقراطي الاشتراكي في ألمانيا، لكنه ترك الحزب الذي ينتمي إلى تيار اليسار الوسط عام 2010 بسبب إخفاقه في طرد الكاتب المثير للجدل تيلو سارازين بسبب هجومه على الأقلية التركية في البلاد.
وانضم اسيكاجليوغلو لاحقاً إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لأنه أُعجب بموقفهم القانوني والتنظيمي، قبل أن يتقدم باستقالته من هذا الحزب أيضاً بعد دعم الحزب اقتراحاً برلمانياً بشأن الإبادة الجماعية للأرمن. ورغم أنه لم ينضم إلى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان، فإن اسيكاجليوغلو قال إنه وجد نفسه يدعم الرئيس التركي الذي أُعيد انتخابه مؤخراً في ظل تدهور العلاقات التركية الألمانية بعد سلسلة من الخلافات الدبلوماسية، بدءاً من حظر على السياسيين الأتراك الذين يقومون بحملات في ألمانيا وصولاً إلى اعتقال الصحافي الألماني التركي دنيز يوسيل في أنقرة.
وقال اسيكاجليوغلو إن اللغة القوية التي استخدمها أوزيل في بيان اعتزاله اللعب الدولي -والتي اتهم فيه مسؤولي الاتحاد الألماني لكرة القدم بعدم احترام «جذوري التركية» و«الدعاية السياسية»- كان يجب فهمها في سياق العلاقات الأخيرة بين البلدين. وفي حين انتقد رياضيون ألمان آخرون من أصول تركية أوزيل، فإن لاعب كرة القدم دينيز ناكي دعا أوزيل لإظهار رد فعل مماثل على الهجمات على الأقليات الكردية في تركيا. وقال محمد أوزتورك المدير الرياضي لنادي «برلين أتليتك كلوب»، إنه «بينما كان هناك تغيير في الموقف تجاه الأقليات التركية عندما ظهر أوزيل على الساحة الدولية لكرة القدم عام 2010، كان لا يزال لدينا بعض الشكوك».
وأضاف: «قلت قبل ثماني سنوات إنه عندما يلعب مسعود بشكل جيد فهو ألماني ويتم قبوله، لكن اخرج إلى الشارع واعثر على عامل بناء اسمه علي واسأله عما إذا كان يتم قبوله كألماني بنفس الطريقة!»، وتابع: «عندما كنت لاعباً، كان يتعين عليّ أن أكون أفضل من أي لاعب ألماني بثلاث مرات لكي أحصل على بعض الوقت في المباريات. كان ذلك قبل 30 عاماً، لكنني لا أعتقد أن الأمور قد تغيرت كثيراً منذ ذلك الحين».
وقبل أربع سنوات، عندما فشل نادي «برلين أتليتك كلوب» في الصعود لدوري الدرجة الأولى في ألمانيا بفارق هدف وحيد، وصفت إحدى القنوات التلفزيونية الفريق بأنه «يلعب بقمصان حمراء وشعر أسود»، في إشارة إلى الخلفية غير الألمانية للاعبي الفريق. (وقد اعتذر المحرر في وقت لاحق ووصل الأمر بأنه كان خطأ). وقال أوزتورك: «لقد عشت في ألمانيا لمدة 48 عاماً، ولديّ جواز سفر ألماني وكنت متزوجاً من ألمانية، لكنني لا أستطيع أن أقول إنني أفتخر بأنني ألماني. ولماذا أفتخر بذلك؟ ولا يمكنني أن أنكر أصولي. ولماذا لا يمكنني أن أحب ألمانيا وتركيا معاً؟».
وتفرض ألمانيا سياسات متشددة نسبياً في ما يتعلق بالجنسية المزدوجة للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي.
ورغم أنه يمكن للأطفال المولودين لأبوين تركيين في ألمانيا الحصول على الجنسيتين، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه أنجيلا ميركل، دعا إلى تشديد هذا القانون. ومن بين أكثر المؤيدين لتشديد هذا القانون رينهارد غريندل، الذي يترأس الآن الاتحاد الألماني لكرة القدم. وداخل ملعب التدريب بنادي «برلين أتليتيك كلوب» هناك إجماع على أن العلاقات التركية الألمانية داخل ألمانيا لا يمكن أن تتعافى إلا إذا سار غريندل على نهج أوزيل واستقال من منصبه.
وأعرب جوركيم - ألب زرين، البالغ من العمر 17 عاماً والذي يلعب في الدفاع إلى جانب هاكان غوموز، عن تعاطفه مع قرار أوزيل، قائلاً: «أنا مثله لديّ ثقافتان تعيشان في داخلي، ولن أشعر بالراحة إذا تم انتقادي بسبب ذلك». وعندما سُئل عما إذا كان ما حدث مع أوزيل خلال الصيف الجاري قد يثنيه عن اللعب لمنتخب ألمانيا، رد زرين قائلاً: «في هذا الفريق يحلم الجميع باللعب لألمانيا، لذلك لا أعتقد أن هذا هو الحال».


مقالات ذات صلة

ماتيوس: ينبغي منح كيميتش شارة قيادة بايرن لإقناعه بالتجديد

رياضة عالمية لوثار ماتيوس (رويترز)

ماتيوس: ينبغي منح كيميتش شارة قيادة بايرن لإقناعه بالتجديد

قال لوثار ماتيوس، أسطورة فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم السابق، إنه ينبغي أن يتم منح جوشوا كيميتش شارة قيادة الفريق من أجل إقناعه بتجديد عقده.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة سعودية موسيس توراي (منصة إكس)

«الاستدامة المالية» تعطي الرائد الموافقة لتسجيل موسيس توراي

أفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن لجنة الاستدامة المالية أعطت الموافقة لنادي الرائد لتسجيل اللاعب موسيس توراي، جناح منتخب سيراليون، لاعب مواليد.

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة سعودية علي معلول (نادي الأهلي المصري)

جماهير ضمك تصنع الفارق... وعلي معلول «انتظار»

سجل فريق ضمك رقماً مميزاً في الحضور الجماهيري خلال منافسات الدوري السعودي للمحترفين بالموسم الحالي 2024 - 2025.

فيصل المفضلي (أبها)
رياضة عالمية خولن لوبيتيغي (رويترز)

وست هام يلغي مؤتمراً لمدربه لوبيتيغي مع انتشار شائعات إقالته

ألغى وست هام المؤتمر الصحافي للمدرب الإسباني خولن لوبيتيغي، المقرر عقده الأربعاء، في ظل انتشار تقارير تُشير إلى استعداد النادي لإقالة مدربه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية يوهان باكايوكو (أ.ف.ب)

باكايوكو لن يرحل عن آيندهوفن الهولندي هذا الشهر

أكد وكيل أعمال لاعب نادي آيندهوفن الهولندي يوهان باكايوكو أنه لن يرحل عن النادي هذا الشهر.

نواف العقيّل (الرياض)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.