البشير يوجه دعوة الى سلفا كير لتوقيع اتفاقية سلام جنوب السودان

TT

البشير يوجه دعوة الى سلفا كير لتوقيع اتفاقية سلام جنوب السودان

بعث الرئيس السوداني عمر البشير، دعوة إلى نظيره رئيس جنوب السودان، سلفا كير، لحضور مراسم توقيع اتفاقية السلام النهائية المقررة الأحد، وينتظر أن يشهد الحفل قادة دول هيئة «إيغاد» الراعية مفاوضات السلام الجنوبية. وفي حين ناشد كير معارضيه الرافضين للتوقيع، إثبات روح القيادة الجادة بقبول الاتفاق وإنهاء النزاع المستمر منذ خمس سنوات، أكدت مصادر المعارضة أنها متمسكة بموقفها، حتى تضمين مطالبها في الاتفاقية.
وقال الوزير في مكتب رئيس جنوب السودان مايك دينق، في تصريحات للتلفزيون الرسمي في جوبا، إن الرئيس سلفا كير تسلم دعوة من البشير لحضور مراسم التوقيع في الخامس من الشهر الحالي، سلمها له مبعوثا البشير، وزير الدفاع عوض بن عوف، ومدير الأمن والمخابرات الوطني صلاح عبد الله قوش. من جانبه، قال مدير جهاز الأمن السوداني صلاح قوش، لتلفزيون جنوب السودان، إن الرئيس عمر البشير حمّله رسالة إلى سلفا كير، مبرزاً أن القضايا الخلافية بين أطراف النزاع يمكن حلها بتقديم التنازلات للوصول إلى سلام نهائي لشعب جنوب السودان. وقال «سنتابع سير تنفيذ اتفاق السلام مع جميع الأطراف».
من جانبه، قال سلفا كير في بيان، إن حكومته تواصل محادثاتها مع المجموعات التي رفضت توقيع الاتفاق، لسد الثغرات حول بعض القضايا العالقة قبل توقيع الاتفاق النهائي في الخرطوم. وأوضح، أن حكومته عازمة على تحقيق السلام في أسرع وقت ليتجه الجميع لإعادة بناء الأمة بشكل جماعي، مناشداً قادة المعارضة إلى إظهار قيادتهم الجيدة بقبول إنهاء الصراع دون شروط. وقال «استمرار الخلافات يطيل من معاناة المواطنين». من جهتها، رهنت مصادر مطلعة في المعارضة بجنوب السودان، توقيعها على الاتفاق النهائي للسلام الذي ترعاه الخرطوم والمزمع في 5 أغسطس (آب) الحالي، بإجابة مطالبها، مشيرة إلى أن الحكومة المرتقبة تحتاج إلى 2.5 مليار دولار لتسير الدولة. وأكد الدكتور كاستيلو قرنق، رئيس الحركة الوطنية بجنوب السودان، ثاني أكبر مجموعة عسكرية في التحالف المعارض بالدولة، رفض المعارضة للشمولية والهيمنة على مؤسسات الدولة؛ ما يتطلب استعادة مؤسسات دستورية وعدلية تسري أحكامها على الحكام، مشدداً على أن أي اتفاقية السلام تحتاج إلى بصمة من الدول المانحة، وبخاصة أميركا.
وقال قرنق «إن سلطة الرئيس سلفا كير أصبحت الآن مطلقة، ونحن نعرف أنه لا ينوي فعل الشر، لكنه أيضاً لا يعرف كيف يفعل الصواب فتكون النتيجة الحتمية خاطئة». وأضاف: «نادراً ما يكون لسلفا كير رأي محدد في أي معطيات... وإن رأي من حوله، هو رأيه»، وأضاف «أصبحت الدولة تعادل الرئيس ومن له رأي آخر فهو خائن... فمن أين لـ(إيقاد) (الهيئة الأفريقية التي تقود الوساطة) أن تفهم مثل هكذا نقاط مهمة».
وقال قرنق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعارضة الجنوبية كانت تتوقع مقترحات من صلب العبقرية السياسية السودانية التي تعرف جذور أزمة جنوب السودان من دون الرجوع إلى محاولات فاشلة سابقة جرت من سياسيين لا يعرفون قضية الجنوب».
وأوضح، أن «مقترح عنتيبي معناه ببساطة أن يكون رئيس جنوب السودان ونوابه الـ4 كلهم من الحركة الشعبية بطريقة مباشرة أو غير مباشر»، مشيراً إلى أن المقترح الأوغندي الأخير قدم للمعارضة مراراً وتكراراً في محادثات أديس أبابا، وتم رفضه من جميع الأطراف المعارضة.
وقال قرنق، إن تحالف المعارضة رفض التوقيع على الاتفاقية الانتقالية، واشترط تضمين ملاحظات التحالف المعارض. وذكر أن على الوسطاء السودانيين العارفين بتفاصيل أزمة الجنوب الدفع بمقترحات سودانية أصيلة، تفاجئ الدول الأفريقية المجاورة، وتبرهن على أن الخرطوم هي الأدرى بالملف.
وأفاد بأن تحالف المعارضة ناضل بأن يعطى السودان دوراً محورياً في ملف المفاوضات بين أطراف جنوب السودان؛ لأن التحالف كان على ثقة في قدرة الخرطوم على كسر الجمود وليس من عنتيبي.
وأوضح قرنق، أن الرئيس البشير أقر بأن تقسيم دولة الجنوب إلى 32 ليس جيداً؛ لأنها كثيرة ويصعب تحديد حدودها، كما أن أي اتفاق حول السلطة لا بد أن يتناول قضايا أساسية مثل قضية «مملكة الشلك»، التي لم تطرح في المقترحات.
وعاب قرنق رفع عدد مقاعد البرلمان إلى 550 مقعداً في دولة لا يتجاوز تعداد سكانها 10 ملايين نسمة، وتسأل «كم سيكون عدد نواب البرلمان في دولة مثل الصين إذا أعطوا كل 10 ملايين نسمة 550 عضواً».
وأضاف، أن دولة مانحة مثل ألمانيا عدد سكانها 82 مليون نسمة، لا يتجاوز عدد نواب البرلمان فيها 700 عضو، قائلاً «الدول المانحة لن تدفع مرتبات أعضاء البرلمان في جنوب السودان.. هذا ما تقوله المعارضة».
وأبان، أن كسب المانحين يضمن إنجاح التسوية عبر الوصول إلى الاستقرار الاقتصادي بجنوب السودان، قائلاً «لتحقيق ذلك سنحتاج بحسب معلومات إلى متخصصين لنحو 2.5 مليار دولار لتسير الدولة»، مؤكداً أن هذه المبالغ لا يمكن أن تأتي من إنتاج البترول.
من جهته، كشف استيفن لوال نقور، الأمين العام للهيئة القومية لدعم السلام بجنوب السودان، عضو وفد التفاوض بمنتدى تنشيط السلام أديس أبابا - الخرطوم، عن أن التحالف المعارض جاهز للتوقيع في حال تضمين ملاحظاتهم المهمة والتحصينية في الاتفاق. وقال نقور لـ«الشرق الأوسط»، إن «إيقاد»، قدمت مهلة للتشاور مع مجموعة التحالف ومجموعة المعتقلين السياسيين السابقين من أجل الوصول إلى نقاط توافقية. وأفاد بأن التحالف المعارض ومجموعة المعتقلين السابقين ما زالوا في التفاوض، مشيراً إلى أنهم يسيرون بخطى واثقة لتثبيت المبادئ الأساسية لعملية التفاوض بين القوى السياسية والوسيط السوداني وستحدث اختراقات حقيقية في مقبل الأيام.
وأضاف «هذا سيؤدي إلى إلحاق الملاحظات الرئيسية في الاتفاق، وهذا ما تطلبه قوى التحالف المعارض التي تضم أكثر من 10 مجموعات من القوى السياسية، بما فيها مجموعة المعتقلين السابقين».
وعن نقاط الاختلاف، أوضح نقور، أن الاختلاف في مفوضية IBC المعنية بالولايات التي جاءت على أساس التنازل من قوى التحالف؛ وذلك لدفع عملية السلام والتوصل إلى اتفاق، وكانت مشروطة بـ4 ملاحظات مهمة. ونوه بأن مواقف التحالف في نقاط الاختلاف معروفة لدى الوسيط السوداني وتتمثل في عدد الولايات البالغ 32 الذي جاء مخالفاً للمواد 6.1، و15.2، و15.3 من الفصل الأول من اتفاقية حل النزاع التي وقعت في عام 2015.
وأبان نقور بأن التحالف المعارض ركز على أن تكون قرارات المفوضية بتوافق الآراء أو بأغلبية بسيطة على أن تضم عضوية المفوضية كل الأطراف الجنوبيين وغير الجنوب سودانيين، وأن يكون قرار المفوضية هو القرار النهائي وملزماً لكل الأطراف الجنوبية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.