القيادة المركزية الأميركية: مستعدون لمواجهة أي هجوم يستهدف الملاحة في باب المندب

TT

القيادة المركزية الأميركية: مستعدون لمواجهة أي هجوم يستهدف الملاحة في باب المندب

أكدت الولايات المتحدة دعمها لمساعي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، كما عبرت عن إدانتها لمحاولات تهديد الملاحة في البحر الأحمر في أعقاب الهجوم الحوثي الأخير على ناقلة نفط سعودية.
وقال مصدر رفيع المستوى في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تدعم مساعي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن لإنهاء الأزمة، كما أنها تحث جميع الأطراف على العمل مع غريفيث من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يحقق السلام والازدهار والأمن لليمن. وأشار المصدر من جهة أخرى إلى أن واشنطن تدين بشدة أي عمل يهدد حرية الملاحة، إذ إنها قلقة من التقارير التي تحدثت عن شن الحوثيين هجوماً على ناقلة النفط السعودية، مؤكداً أن هذه الهجمات على النقل البحري المدني لا تؤدي إلا إلى تفاقم النزاع وتتسبب في تدهور الحالة الإنسانية السيئة في اليمن. كما أكد تأييد واشنطن لإعلان الرياض وقف شحنات النفط مؤقتاً عبر مضيق باب المندب نتيجة الهجوم الأخير. وقال المصدر «إننا قلقون بشأن النتائج البيئية الكارثية المحتملة إذا استمرت الهجمات على السفن، لا سيما تلك التي تحمل النفط».
بدورها، أكدت القيادة المركزية الأميركية استعدادها لمواجهة أي هجوم يستهدف الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، وحماية الحركة التجارية للسفن الناقلة للنفط، وذلك في رد على استهداف ميليشيات الحوثي الناقلة السعودية الأربعاء الماضي، أثناء عبورها مضيق باب المندب، ما استدعى السلطات السعودية لإيقاف حركة السفن والناقلات التجارية للنفط مؤقتاً حتى يتم تأمين حركة الملاحة البحرية في المنطقة. وقال النقيب بيل أوروبان المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية لمجلة «فورين بيلوسي» إن الولايات المتحدة على علم بالهجوم الحوثي على ناقلة النفط السعودية عند مضيق باب المندب، مؤكداً أن القوات الأميركية لا تزال يقظة ومستعدة للعمل مع شركائها للحفاظ على التدفق الحر للتجارة في جميع أنحاء المنطقة.
بدوره، أرجع دبلوماسي أميركي سابق، فضّل عدم ذكر اسمه، سبب الاعتداء على ناقلة النفط السعودية من قبل ميليشيات الحوثي إلى التصعيد المتبادل بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، إذ إن الحادثة الأخيرة والرد السعودي، مرتبطان، برأيه، بالصراع الإقليمي بين السعودية وإيران، وكذلك التوترات المتصاعدة بين طهران وواشنطن، والتي تعد أكثر من علاقتها الفعلية بوقف شحنات النفط، متوقعاً ارتفاع أسعار النفط الخام بعد الهجوم الأخير. كما توقع لجوء السعودية في المستقبل إلى شحن النفط عبر الأنابيب في البحر الأحمر التي تصل إلى البحر الأبيض المتوسط لتجنب العبور من باب المندب. وقال خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» إن إيران تسعى إلى إيجاد طرق للرد على جهود الولايات المتحدة للحد من صادراتها النفطية بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في ربيع العام الحالي، كما أن نقاط العبور الدولية مثل باب المندب ومضيق هرمز الأكثر أهمية في الخليج، تعد أهدافاً أساسية داعية إلى استخدامها للضغط على أميركا وحلفائها. وأضاف: «جددت طهران هذا الشهر تهديدها الدائم بإغلاق مضيق هرمز إذا تضررت صادراتها النفطية من العقوبات الأميركية، وكرر الرئيس الإيراني حسن روحاني هذا التهديد بأن المعركة مع إيران تعد أم المعارك، ومن هذا المنطلق لا يمكننا تفسير الحدث الأخير إلا أنه اعتداء إيراني على حلفاء أميركا». وأشار إلى أن التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ليست جديدة، إذ انخرطت إيران في ثمانينيات القرن الماضي أثناء حربها مع العراق إلى استخدام ما يسمى بـ«حرب النواقل» في الخليج، وتم جرّ البحرية الأميركية إلى ذلك».
من جهته، اعتبر الدكتور حسين إبش الباحث السياسي في معهد الخليج للدراسات والأبحاث بواشنطن، أن المجتمع الدولي يدين الاعتداء على ناقلة النفط السعودية، وتوقع أن تعتبر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتداء ضمن تكثيف جهود إيران السلبية في المنطقة على واشنطن وحلفاؤها. وأضاف إبش لـ«الشرق الأوسط» أن إيران و«حزب الله» تدخلا كثيراً في دعم الميليشيات الحوثية في الحرب اليمنية. ولفت إلى أن الميليشيات الحوثية قد تلجأ بعض الأحيان إلى التصرف بمفردها في شن الهجمات دون الرجوع إلى طهران، وقد تفعل العكس في أحيان أخرى، لكن في نهاية المطاف فإن النظام الإيراني متورط بدعمه الحوثيين. وأضاف: «من المستحسن أن تتحد الرياض وواشنطن وغيرهما من الأطراف الأخرى، في تكثيف الحماية البحرية من أجل الحفاظ على حرية الحركة وسلامة الملاحة في البحر الأحمر ومياه الخليج، خاصة في نقاط الاختناق الرئيسية مثل باب المندب ومضيق هرمز، كما أن تهديد إيران الأخير بإغلاق المضيق يعد مثالا جيدا على نوع من الفوضى البحرية التي تعتقد طهران أنها يمكن أن تخدم مصالحها».
وخلص إلى القول: «أعتقد أن من الممكن تخفيف هذا التهديد أو مجابهته أمنياً عبر حركة تعاونية بحرية واسعة النطاق وبقوة، وإذا لم يفعلوا ذلك، سيكون الندم كبيراً خلال الأيام القادمة».



تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
TT

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة، طوال السنوات الماضية، على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية، وذكر أن عدداً من كبار المسؤولين فيما يُسمَّى «جهاز الأمن والمخابرات»، شاركوا في استهداف العاملين في مجال حقوق الإنسان وتعطيل المشاريع الإنسانية في سبيل جني الأموال وتجنيد عملاء في مناطق سيطرة الحكومة، بهدف إشاعة الفوضى.

التقرير الذي يستند إلى معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، وأعدَّه مركز مكافحة التطرف، ذكر أن كثيراً من كبار المسؤولين في المخابرات الحوثية شاركوا في استهداف العاملين بمجال حقوق الإنسان، ونشر التطرف بين جيل من اليمنيين (بمن في ذلك الأطفال)، وتعطيل المشاريع الإنسانية في البلاد من أجل جني مكاسب مالية شخصية، وإدارة شبكات مالية ومشتريات غامضة، وتجنيد العملاء لزرع الفوضى والدمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

عبد الحكيم الخيواني رئيس جهاز مخابرات الحوثيين مجتمعاً مع رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط (إعلام حوثي)

ورأى التقرير أن المنظمات الدولية فشلت في صدّ مسؤولي المخابرات الحوثية الذين يمارسون السيطرة على مشاريعها أو ينسبون الفضل إليهم. وقال إنه، ومع أن الوضع الإنساني حساس للغاية؛ حيث يحتجز الحوثيون شعبهم رهينة ولا يعطون قيمة كبيرة للحياة البشرية، من الواجب اتخاذ تدابير إضافية للكشف عن مسؤولي المخابرات ومنعهم مِن استغلال أنشطة المنظمات الإنسانية.

واستعرض التقرير الدور الذي يلعبه جهاز مخابرات الحوثيين في التحكُّم بالمساعدات الإنسانية. وقال إن الحوثيين قاموا بحل الجهة المكلَّفة السيطرة على المساعدات، المعروفة باسم مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونقلوا مسؤولياتها إلى وزارة الخارجية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الانقلابية غير المعترَف بها.

وأكد أن جهاز المخابرات الحوثي كان شريكاً رئيسياً لذلك المجلس في جمع المعلومات عن المنظمات الإنسانية وأنشطتها، وكذلك في فرض مطالبهم عليها. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن حل المجلس لا يشير بالضرورة إلى نهاية مشاركة جهاز المخابرات في السيطرة على المساعدات وتحويلها.

استمرار السيطرة

نبَّه التقرير الدولي إلى أنه، وقبل أقل من شهرين من نقل مسؤوليات هذا المجلس إلى وزارة الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، تم تعيين عبد الواحد أبو راس نائباً لوزير الخارجية، وكان يشغل في السابق منصب وكيل المخابرات للعمليات الخارجية.

وبيّن التقرير سيطرة جهاز المخابرات على مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية من خلال تسلُّل أفراده إلى مشاريع المساعدات، واحتجازه للعاملين في مجال المساعدات، وتعيين رئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني عضواً في مجلس إدارة المجلس.

عبد الواحد أبو راس انتقل إلى خارجية الحوثيين مع نقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية معه (إعلام محلي)

ورجَّح مُعِدّ التقرير أن يكون نَقْل أبو راس إلى وزارة الخارجية مرتبطاً بنقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية إلى هذه الوزارة، ورأى أن ذلك سيخلق رابطاً جديداً على مستوى عالٍ بين المخابرات والجهود المستمرة التي يبذلها الحوثيون لتحويل المساعدات الإنسانية، بعد انتهاء ولاية مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن حل المجلس الحوثي الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قد يكون نتيجة لضغوط دولية متزايدة على المنظمات الإنسانية لوقف التعاون مع هذه الهيئة الحوثية المعروفة بتعطيل وتحويل المساعدات.

ولاحَظَ التقرير أن مشكلة تحويل المساعدات من قبل الحوثيين كانت مستمرة لمدة تقارب عقداً من الزمن قبل إنهاء عمل هذا المجلس. وقال إنه ينبغي على الأقل استهداف هؤلاء الأفراد من خلال العقوبات وقطعهم عن الوصول إلى النظام المالي الدولي.

ومع مطالَبَة التقرير بانتظار كيف سيؤثر حل المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية على جهود تحويل المساعدات التي يبذلها الحوثيون، توقَّع أن يلعب أبو راس، المسؤول الكبير السابق في المخابرات العامة، دوراً رائداً في ضمان تخصيص أي موارد تدخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لتعزيز مصالح سلطتهم.

استراتيجية أوسع

بشأن القيادي الحوثي، منتظر الرشيدي، الذي يشغل حالياً منصب مدير جهاز المخابرات في محافظة صنعاء، يذكر التقرير أنه يحضر الفعاليات الترويجية الحوثية الكبرى، مثل الافتتاح الكبير لمنشأتين طبيتين جديدتين في صنعاء (بتمويل من اليونيسيف) وافتتاح مشروع تنموي لبناء 20 وحدة سكنية جديدة.

طوال عقد وجَّه الحوثيون المساعدات الإنسانية لما يخدم مصالحهم (إعلام محلي)

وقال إنه من المرجح أن يكون هذا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للحوثيين تهدف إلى الحصول على الفضل في أعمال البنية الأساسية، التي يتم تمويل كثير منها من قبل منظمات الإغاثة الإنسانية، بينما في الوقت نفسه يبتز جهاز المخابرات هذه الهيئات ذاتها ويضطهد موظفيها.

أما زيد المؤيد، فيشغل (بحسب التقرير) منصب مدير جهاز المخابرات الحوثية في محافظة إب؛ حيث يتخذ الحوثيون إجراءات وحشية بشكل خاص بسبب شكوك الجماعة تجاه سكان هذه المحافظة المختلفين مذهبياً.

ويورد التقرير أن الحوثيين وعدوا بالعفو عن أولئك الذين فرُّوا من حكمهم، فقط لكي يعتقل جهاز المخابرات ويعذب بعض العائدين. وقال إنه في حالة أخرى أصدروا مذكرة اعتقال بحق أطفال أحد المعارضين لهم في المحافظة.

وبحسب هذه البيانات، أظهر المؤيد مراراً وتكراراً أنه يدير إب وكأنها «دولة مافيا». وقال التقرير إنه في إحدى الحالات، كانت إحدى قريبات المؤيد تخطط للزواج من رجل من مكانة اجتماعية أدنى، وفقاً للتقسيم العرقي لدى الحوثيين، إلا أنه أمر جهاز المخابرات باختطاف المرأة لمنع الزواج.

الحوثيون متهمون بأنهم يديرون محافظة إب بطريقة عصابات المافيا (إعلام محلي)

وفي قضية منفصلة، يذكر التقرير أنه عندما أُدين أحد المنتمين للحوثيين بارتكاب جريمة قتل، اتصل المؤيد بالمحافظ للتأكد من عدم تنفيذ حكم الإعدام. وذكر أن المؤيد شغل سابقاً منصب مدير جهاز المخابرات في الحديدة؛ حيث ورد أنه أشرف على تهريب الأسلحة عبر مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف).

وفقاً لما جاء في التقرير، قام زيد المؤيد بتجنيد جواسيس للتسلل إلى الحكومة اليمنية، خصوصاً الجيش. وذكر التقرير أن الجواسيس الذين جنَّدهم كانوا مسؤولين عن بعض محاولات الاغتيال رفيعة المستوى ضد مسؤولين عسكريين يمنيين، بما في ذلك محاولة اغتيال رئيس أركان الجيش اليمني.

وسبق المؤيد في منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب العميد محمد (أبو هاشم) الضحياني، ويرجّح التقرير أنه خدم بسفارة الحوثيين في طهران قبل أن يتولى منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب.