نظم القياسات البيولوجية... مزايا وعيوب

توظف في شتى الأجهزة الإلكترونية لأغراض الأمن الرقمي

نظم القياسات البيولوجية... مزايا وعيوب
TT

نظم القياسات البيولوجية... مزايا وعيوب

نظم القياسات البيولوجية... مزايا وعيوب

يمكن لمختلف الخبراء تقديم بعض الحجج المقنعة حول فعالية أدوات ونظم القياسات البيولوجية أو المقاييس البيولوجية Biometrics، في المجال الأمني، ولكن لهذه التقنية عيوبها أيضاً.
وقد أخذت الشركات القلقة حيال أمنها الرقمي التفكير باعتماد هذه المقاييس في أعمالها الأمنية الإلكترونية، سواء للحفاظ على سرية بياناتها بعيداً عن المنافسين والقراصنة الإلكترونيين، أو لحماية زبائنها من التهديدات الخارجية. وترتكز تقنية المقاييس البيولوجية، والتي تزداد شيوعاً يوماً بعد يوم، على وسائل مصادقة أو تعريف تعتمد على جزء من الجسد البشري كبصمة الإصبع والوجه أو أي ميزة فريدة فيه.
قد تبدو فكرة فتح الباب عبر مسح شبكية العين، أو السماح للزبائن بتسجيل دخولهم عبر استخدام شكل أذنهم متطورة جداً، ولكن هل هذا التطوّر هو ما نحتاجه فعلاً على جبهة الأمن الرقمي؟
- مزايا المقاييس
وجدت بصمتا الإصبع والوجه طريقهما نحو الانتشار بين المستهلكين العاديين بفضل ميزات الهواتف الذكية المتطورة التي تسمح لهم باستخدامهما. والحقّ يقال، إن هاتين البصمتين تتفوقان في بعض مزاياهما على وسائل المصادقة والتعريف التقليدية.
> فرادة التوقيع هي الميزة الأوضح والأهمّ. تعتبر بصمة الإصبع النموذج الأمثل في هذا المجال، حيث إنه لا يمكن لبصمتي إصبع أن تتطابقا أبداً، أي إنّه يمكنكم أن تتأكّدوا عند نجاح عملية مسح بصمة إصبع أحدهم من أنّكم تتعاملون مع الشخص الصحيح. والأكيد أيضاً أنّ معظم التدابير الأمنية التي تعتمد على المقاييس الحيوية لا يمكن تزويرها بسهولة.
> المقاييس البيولوجية تريح الأشخاص الذين يستخدمونها. إذ وبدلا من حفظ لائحة مرهقة من كلمات المرور أو حمل بطاقة تعريف معيّنة لإثبات هويتكم، يمكنكم ببساطة أن تقدّموا ابتسامة أو عينا أو أذنا أو بصمة إصبع، تحملونها جميعها معكم في أي مكان وزمان. هذا فضلاً عن أن ضبط وإعداد أي تقنية تعتمد على المقاييس الحيوية أمر بسيط جداً.
> الدقّة. على الرّغم من أن أجهزة المسح البيولوجية ليست دقيقة مائة في المائة، فإننا أصبحنا على عتبة تقنية تكاد تكون مضمونة أمنياً. فقد أظهرت آخر الدراسات الشاملة التي أجريت حول دقّة مسح بصمة الإصبع، أنّ دقّة مسح بصمة إصبع واحد بلغت 98.6 في المائة، مقابل 99.6 في المائة لمسح الإصبعين، و99.9 في المائة لمسح أربع أصابع وأكثر.
> الكلفة. صحيح أن كلفة أعداد وضبط نظام أمني يعتمد على المقاييس البيولوجية قد تكون باهظة بعض الشيء، إلا أنّ كلفة إدارتها على المدى الطويل أقلّ بكثير من كلفة النظم التقليدية. إذ يساعد اعتماد المقاييس الحيوية الشركات تقليص استخدامها للعمل الورقي وتفادي جميع التكاليف الناتجة عن عملية تجديد كلمات المرور. هذا بالإضافة إلى أنّ تفوّق المعايير الحيوية على الأنظمة التقليدية في حماية الشركات من عمليات الاحتيال الرقمي، من شأنه أن يوفّر ملايين الدولارات على الشركات.
- العيوب
ولكن ما ذكر أعلاه لا يعني أن المعايير الحيوية خالية من العيوب فيما يتعلّق بالأمن الرقمي:
> محدودية الجهاز. يعتبر الهاتف الذكي الوسيلة التقنية الأولى التي تتيح للمستخدم التعامل مع المقاييس البيولوجية بشكل مستمر، ولكن الهواتف الذكية تعاني من بعض المحدودية. إذ إنّها مثلاً توفّر مساحة صغيرة جداً لمسح بصمة الإصبع، أي إنّها تستخدم بصمة إصبع جزئية. وأظهرت الدراسات أن هذه المحدودية في الهاتف الذكي تتيح لما يعرف بـ«البصمات المصممة» خداع النظام الأمني؛ في الواقع، نجحت خمسة تصميمات حتى اليوم في اختراق ما يقارب 65 في المائة من الأنظمة الحيوية الأمنية.
> التعديلات. تعتمد المعايير الحيوية بشكل رئيسي على دوام ملامحكم، ولكن ماذا إن حدث أي تغيير في هذه الملامح؟ وماذا إن استطاع أحدهم الحصول على نسخة من ملامحكم؟ قد يكون من الصعب التوصل إلى صنع نسخة مطابقة عن قزحية العين، أو عن شكل الأذنين، ولكن إن حصل، سيكون من المستحيل أن تغيّروا التدبير الأمني الذي اعتمدتموه. وإن حصل وتوفرت حيلة واحدة متطوّرة لسرقة البيانات الحيوية، سيشكّل هذا الأمر تهديداً خطيراً.
> إعادة الضبط. إنّ واحدة من أهمّ ميزات تدابير الأمن الرقمي التقليدية هي إمكانية تعطيلها عن بعد؛ ففي حال اكتشفتم مثلاً أنّ أحداً ما يستخدم بطاقة الدفع المصرفية أو واحدا من حساباتكم الإلكترونية، يمكنكم أن تستخدموا كلمة مرور وجهازا شخصيا لإبطال العملية أو تغيير كلمة المرور. أمّا في حال أردتم التحقق من هويتكم بعد تمكّن أحدهم من سرقة بياناتكم البيولوجية، فعليكم أن تقوموا بهذا التحقق شخصياً، وحتى ذلك الوقت، يكون الضرر غالباً قد وقع.
> محدودية النظام. حتى اليوم، تعتمد المقاييس البيولوجية على قواعد البيانات، وقواعد البيانات حساسة وقابلة للاختراق. فقد عملت الولايات المتحدة على حفظ وجوه حوالي نصف مواطنيها في قاعدة بيانات ضخمة أنشأها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، مع غياب أي وسيلة تضمن أمان هذه القواعد. وعندما يتمكن أحدهم من الوصول إلى هذا النظام واختراقه، سواء عبر محاولة قرصنة فعالة، أو بسبب ضعف كلمة المرور التي وضعها أحد الموظفين، سيحصل على بيانات يمكن استخدامها للتلاعب بملايين الحسابات.
> ما هو دور المقاييس البيولوجية في الأمن الرقمي؟ تتمتع المقاييس البيولوجية بنقاط قوة لا يمكن أن ترقى معايير الأمن الرقمي التقليدية إليها، ولكن هذا لا يعني أننا يجب أن نعتبرها ثورة كاملة. بل يجب التعامل معها على أنها أحد التطورات في سلسلة من الأدوات التي يجب أن نستخدمها مجتمعة لتعزيز وتمتين الأمن المشترك.
> وكقاعدة عامة، لا ينبغي لأي شركة أن تعتمد على وسيلة واحدة لتخزين جزء كبير من بياناتها؛ فحتى اليوم لا يمكن اعتبار أنّ أي وسيلة أمنية عصية على الاختراق، لهذا السبب، علينا أن نستخدم عدّة حلول مجتمعة للحصول على أفضل حماية ممكنة.


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«أبل» تعمل على إطلاق هاتف نحيف وآخر قابل للطي

هاتف «آيفون 16» من «أبل» (أ.ب)
هاتف «آيفون 16» من «أبل» (أ.ب)
TT

«أبل» تعمل على إطلاق هاتف نحيف وآخر قابل للطي

هاتف «آيفون 16» من «أبل» (أ.ب)
هاتف «آيفون 16» من «أبل» (أ.ب)

تستعد شركة «أبل» لإجراء سلسلة من التغييرات في تصميم هواتف «آيفون»، بالإضافة إلى منتجات أخرى، في محاولة لإنعاش النمو بعد سنوات من تقديم ترقيات طفيفة.

وصرَّحت مصادر مطلعة على خطط شركة «أبل» بأنه بدءاً من العام المقبل، تخطط «أبل» لتقديم هاتف «آيفون» سيكون أنحف من النماذج الحالية بنحو 8 ملِّيمترات، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال». ومن المتوقع أن يكون هذا الطراز أقل تكلفة من طرازات «برو»، مع نظام كاميرا مبسط لتقليل التكاليف.

وأضافت المصادر أن الشركة تخطط أيضاً لإنتاج جهازين قابلين للطي، أحدهما كبير ومصمم ليعمل كـ«لابتوب»، بشاشة قابلة للفتح تصل تقريباً إلى حجم نحو 19 بوصة، بينما سيكون الطراز الأصغر أكبر من «آيفون 16 برو ماكس»، ويعمل كهاتف قابل للطي.

يقول جيف بو، محلل في شركة «هايتونغ» الدولية للأوراق المالية في هونغ كونغ، إن الهواتف القابلة للطي المتاحة حالياً في الأسواق ليست نحيفة أو خفيف الوزن، ولا تحوي كماً مناسباً من الطاقة بما يكفي لتلبية معايير «أبل»، وهو ما يفسر بطء دخول الشركة إلى هذا القطاع.

هاتف «غالاكسي زيد فولد 6» القابل للطي

أجرت شركة «أبل» تجارب على تصاميم مختلفة، مثل وجود شاشة على الجزء الخارجي للجهاز عند طيه؛ لكنها تفضل الآن تصميم الطي الداخلي، حسبما أفاد أشخاص مطلعون على تطوير الأجهزة.

كانت «أبل» تهدف لطرح الجهاز الأكبر أولاً لقياس استجابة السوق؛ لكن يبدو الآن أن هاتف «آيفون» القابل للطي سيكون جاهزاً قبله، ويدفع المسؤولون في «أبل» نحو إصداره في عام 2026؛ لكن الشركة قد تحتاج إلى عام آخر لمعالجة التحديات التقنية، وفقاً للمصادر.

هاتف «رازر» القابل للطي من «موتورولا»

أما بالنسبة للهاتف النحيف، فهو موجَّه للمستهلكين الذين يحبون الأجهزة ذات المظهر الأنيق، ولا يمانعون في التخلي عن بعض الميزات المتاحة في نماذج «برو»، كما تبحث «أبل» عن إصدار منتجات جديدة خارج نطاق «آيفون» لتحقيق بعض النمو.

الشركة متعطشة لإيجاد طرق جديدة لتسريع النمو. لا تزال مبيعات «آيفون» تمثل نحو نصف الإيرادات الإجمالية، وهو في حالة تراجع في المبيعات؛ حيث نمت إيراداته في السنة المالية 2024 بأقل من 1 في المائة. كانت آخر موجة كبيرة من مكاسب المبيعات في عام 2021، عندما قامت شركات الاتصالات بدعم شراء «آيفون» لدعم بنية شبكات الجيل الخامس المتنامية.

«فيجين برو» من «أبل» تجربة الواقع المختلط بدقة عالية وتصميم فاخر... لمحة عن المستقبل الافتراضي (أ.ف.ب)

كان مينغ-شي كو (محلل لدى شركة «تي إف إنترناشيونال» للأوراق المالية) من بين المجموعة الأولى من المحللين الذين توقعوا طرح الأجهزة الجديدة، وقال إن مسؤولي «أبل» يحثون على تقديم التصاميم الجديدة في وقت أقرب.

العديد من منافسي «أبل» يصنعون بالفعل أجهزة قابلة للطي؛ لكن تمثل هذه التغييرات أهمية أكبر في الشكل والوظيفة مما قامت به الشركة منذ سنوات عديدة.

ويقول كليف مالدونادو، المحلل الرئيسي في «باي ستريت للأبحاث» التي تدرس سوق الهواتف الذكية: «حدث آخر تطوير في التصميم لهاتف (آيفون) مع (آيفون X) الذي صدر في عام 2017».

هاتف «هواوي مايت إكس تي» الجديد القابل للطي 3 مرات معروض في حفل إطلاقه بمتجر الشركة في مدينة شنتشن الصينية (أ.ف.ب)

أثبتت الأجهزة القابلة للطي أنها منتج صعب البيع، ومن المتوقع أن تشكل مبيعاته نحو 1.5 في المائة من إجمالي سوق الهواتف الذكية هذا العام، وفقاً لشركة أبحاث السوق «تريندفورس».

تاريخياً، كانت التصاميم الجديدة للأجهزة محركاً رئيسياً لنمو مبيعات «أبل». قبل 10 سنوات قدمت «أبل» حجم هاتف جديد مع «آيفون 6 بلس»، مما أطلق موجة من النمو للشركة في ذلك الوقت.

تسعى «أبل» للعمل على منتجات جديدة خارج نطاق «آيفون» لتحقيق نمو. في وقت سابق من هذا العام، أصدرت «أبل» نظارة الواقع الافتراضي «فيجين برو»، بسعر 3499 دولاراً، ولكن مع سعرها المرتفع، كانت مبيعاتها بطيئة حتى الآن.