إردوغان: تركيا لن تتراجع في مواجهة العقوبات الأميركية

نفى وجود صفقة لمبادلة القس... ولوّح بالتحكيم الدولي في قضية مقاتلات «إف 35»

إردوغان: تركيا لن تتراجع في مواجهة العقوبات الأميركية
TT

إردوغان: تركيا لن تتراجع في مواجهة العقوبات الأميركية

إردوغان: تركيا لن تتراجع في مواجهة العقوبات الأميركية

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أول تعليق له على التهديدات الأميركية فرض عقوبات على بلاده إذا لم تفرِج على الفور عن القس الأميركي أندرو برونسون المحتَجَز قيد الإقامة الجبرية على ذمة محاكمته بتهم تتعلق بالإرهاب والتجسس، أن موقف تركيا لن يتغير، كما نفى وجود صفقة لمبادلته بمواطنة تركية محتجزة في إسرائيل.
وقال إردوغان، في أول تصريح علق فيه على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونائبه مايك بنس بفرض عقوبات شديدة على تركيا ما لم يتم الإفراج عن القس المحتجز، إنه لا أحد يستطيع أن يجبر تركيا على أي شيء، خصوصا في تطبيق عقوبات اقتصادية على إيران امتثالاً للطلب الأميركي. وفيما اعتبر ربطاً من جانب إردوغان بين الضغوط التي تُمارَس على بلاده في قضية القس وموقفها الرافض للانضمام إلى منظومة العقوبات الأميركية الجديدة على طهران، التي سيبدأ تنفيذها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ونفى إردوغان، في تصريحات للصحافيين المرافقين له في جولة أفريقية شملت جنوب أفريقيا وزامبيا نقلتها وسائل الإعلام التركية، وجود أي مباحثات لمبادلة برونسون بالمواطنة التركية إبرو أوزكان التي كانت محتجزة لدى إسرائيل، وأفرج عنها بشروط. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد نشرت الجمعة تقريراً حول صفقة مفترضة بين أنقرة وواشنطن للإفراج عن أوزكان مقابل إطلاق سراح برونسون. وسجنت أوزكان (27 عاماً) لأكثر من شهر في إسرائيل بتهمة نقل مئات الدولارات لصالح منظمة «إرهابية» (في إشارة إلى حركة «حماس»)، لكنها عادت إلى تركيا في 16 يوليو (تموز) الحالي. وقالت الصحيفة إن الاتفاق أُبرم «شخصيا» من جانب ترمب، لكنه انهار عندما تقرر وضع برونسون قيد الإقامة الجبرية الأربعاء الماضي.
ورد إردوغان على تقرير الصحيفة مؤكداً أن تركيا «لم تجعل القس برونسون ورقة مقايضة أبداً»، لكنه قال إن أنقرة طلبت مساعدة واشنطن في ضمان عودة أوزكان. وتابع الرئيس التركي: «لم نقل مقابل هذا سنعطيكم برونسون. لم تتم مناقشة أي شيء كهذا». وأضاف إردوغان أن «الصداقة بين الولايات المتحدة وتركيا باتت على المحك في هذا الخلاف، وإن قرار تركيا (بشأن القس) لا رجعة عنه. لن نأخذ خطوة إلى الوراء عندما نواجه العقوبات. عليهم ألا ينسوا أنهم سيخسرون شريكاً مخلصاً. هذه المواقف لا تعدو كونها حرباً نفسية».
في السياق ذاته، أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مباحثات هاتفية مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، الليلة قبل الماضية، بشأن برونسون. وقالت الخارجية الأميركية في بيان إن الوزيرين أكدا التزامهما بمواصلة المباحثات لحل القضية والتعامل مع قضايا أخرى. وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين حاول أول من أمس التخفيف من حدة التوتر قائلا إن البلدين يمكنهما إنقاذ العلاقة بينهما، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة اتخذت في السنوات الأخيرة خطوات من شأنها إضعاف شراكتها الاستراتيجية مع تركيا، وإن إدارة ترمب أبقت على علاقتها بحزب العمال الكردستاني، بعد أن وعدت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بأن تكون تلك العلاقة مؤقتة وتكتيكية.
وانتقد عدم رغبة إدارة ترمب باتخاذ خطوات ملموسة للتحقيق في الدور المفترض لحركة الداعية التركي فتح الله غولن المقيم بالولايات المتحدة في محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016.
وقال إنه «قد يكون للرئيس ترمب نيات حسنة بشأن العلاقات مع الرئيس إردوغان وتركيا، وهذا بالتأكيد سيكون بالمثل عندما تكون العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة».
ووضعت تركيا القس الأميركي أندرو برونسون، الذي يقيم ويعمل فيها منذ نحو 25 عاماً، رهن الإقامة الجبرية بعد أن احتجز 21 شهراً في سجن بإزمير (غرب) حيث اتهمته أنقرة بمساعدة جماعة غولن (حركة الخدمة) في محاولة الانقلاب الفاشلة ودعم حزب العمال الكردستاني المحظور والتجسس السياسي أو العسكري.
ويواجه برونسون حكماً بالسجن يصل إلى 35 عاماً في حال إدانته. وقد رفض التهم المنسوبة إليه ويشدد المسؤولون الأميركيون على براءته. وقال إردوغان في سبتمبر (أيلول) العام الماضي إن تركيا يمكن أن تطلق سراح برونسون في حال قامت الولايات المتحدة بتسليم الداعية غولن، وهو ما رفضته واشنطن.
وفي الملف ذاته، لوح إردوغان بأن تتوجه بلاده إلى التحكيم الدولي إذا لم تزودها الولايات المتحدة بمقاتلات «إف - 35». وقال: «الآن بدأوا يهددوننا بشيء ما، وماذا كان هناك؟ لن يكونوا قادرين على إعطاء (إف - 35)، إذا لم تعطونا، فهناك شيء مثل التحكيم الدولي، سنذهب إلى التحكيم الدولي، إذا وصل الأمر إلى ذلك، فهناك بدائل».
وأضاف: «في رأيي هذه حرب نفسية، ولن نتراجع مع العقوبات، ونحن لم نساوم في قضية برونسون. ينبغي على الولايات المتحدة، ألا تنسى، أنها قد تفقد حليفاً وثيقاً».
في السياق ذاته، قال دولت بهشلي، رئيس حزب الحركة القومية شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب» إن على الرئيس الأميركي التفكير في إعادة عناصر حركة غولن الذين يستضيفهم في بلاده إلى تركيا عوضاً عن انشغاله بالقس أندرو برونسون. وأضاف بهشلي في تغريدات على «تويتر» تعليقاً على تهديد ترمب بمعاقبة تركيا: «إذا كانت محاكمة القضاء التركي المحايد المستقل لقسٍ متهم بالتجسس تُعرّض العلاقات التركية الأميركية إلى الخطر وتخلق أزمة بين البلدين فلا جدوى من الحديث في هذا الشأن».
وأضاف أن الولايات المتحدة تهدد تركيا «بتحريض من المبشّرين»، واعتبر أن هذا «عيب وانتهاك لقواعد الأخلاق، ويلقي بظلاله على الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتجاوز للحدود. تركيا لن ترضخ للتهديدات نهائياً... والتاريخ لم يسجّل رضوخ تركيا للتهديدات». وأشار بهشلي إلى أنه «يمكن أن تتشكل ظروف تبادل، إن قبلت الولايات المتحدة تسليم (الخائن) فتح الله غولن القابع في ولاية بنسلفانيا إلى تركيا، مقابل القس الذي تريد الإفراج عنه»، مضيفاً: «هناك عمليات تبادل حدثت بين الأطراف إبان الحرب الباردة، حيث جرى تبادل المجرمين والعملاء والخونة».
ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ عام 1999، وتطالب تركيا بتسليمه، من أجل المثول أمام العدالة، بدعوى تورط حركة الخدمة التابعة له في تنفيذ محاولة انقلاب فاشلة بتركيا في منتصف يوليو 2016.



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».