العبادي يطيح وزير الكهرباء إرضاء للاحتجاجات الشعبية

الفهداوي يدعو إلى تحقيق شامل بعد تعليق مهامه

TT

العبادي يطيح وزير الكهرباء إرضاء للاحتجاجات الشعبية

على الرغم من وصفها بـ«المتأخرة»، فإن الخطوة التي أقدم عليها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، بـ«سحب يد» وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، بدت محاولة منه لتطويق أزمة المظاهرات والاحتجاجات الشعبية، التي توشك على إكمال شهرها الأول، وتسجيل هدف في مرمى خصومه الذين عدوا أن المواصفات التي حددها المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة لرئيس الوزراء بأن يكون «قويا وحازما وشجاعا»، أنهت حلم العبادي بولاية ثانية.
وفي حين بدا قرار العبادي منسجما مع رغبة جماهيرية في محاسبة كبار المسؤولين، خصوصا بعد دعوة السيستاني إلى تطوير أساليب احتجاج جديدة لـ«فرض إرادة الشعب» في حال نكث الوعود، فإن تأخر مثل هذه الخطوة 4 سنوات كاملة، هي مدة حكومة العبادي التي دخلت الآن في مرحلة تصريف الأعمال فقط، مرشح لأن يفتح، مثلما يرى مراقبون وسياسيون، بابا يصعب غلقه لجهة القول إن التقصير في ملف الكهرباء لم يكن وليد الصيف الحالي ولا كل مواسم الصيف التي سبقته؛ سواء طوال عهد حكومة العبادي التي أنهت منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي عمرها الافتراضي، أو الأعوام الخمسة عشر من عمر التغيير في العراق بعد عام 2003 وإطاحة نظام صدام حسين.
من جانبه، دعا وزير الكهرباء «مسحوب اليد»، قاسم الفهداوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «إجراء تحقيق شامل وشفاف بالأسباب التي أدت إلى تردي خدمة الكهرباء». وأعلن الفهداوي ترحيبه بقرار العبادي سحب يده قائلا إن «هذا إجراء طبيعي أقدم عليه رئيس الوزراء بوصفه إجراء إداريا طبيعيا، وسوف نتعاون مع كل من يحاول الوصول إلى الحقيقة». ونفى الفهداوي الاتهامات الموجهة إليه في ما يتعلق بتردي خدمة الكهرباء، قائلا إن «هناك من يقول بوجود تردٍّ في خدمة الكهرباء، وأنا أقول إننا حققنا تقدما في ملف الكهرباء، والجميع يعرف ذلك، وبالتالي فإنه لكي نعرف حقيقة وضع الكهرباء فلا بد من هذا التحقيق الشامل الذي أدعو له؛ حيث للآخرين حججهم، ولنا نحن حججنا».
إلى ذلك، تباينت ردود الفعل بين مرحب بقرار العبادي ورافض له. وفي هذا السياق، يقول أحمد الجبوري، عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن قرار العبادي «فضلا عن كونه جاء في الوقت بدل الضائع، فإنه يمثل مفارقة بحد ذاته، لأن وزير الكهرباء الحالي كان قد عمل بجد ولا يتحمل وزر سنوات طويلة من الفشل». وأضاف الجبوري أن «ما يلفت النظر حقا هو أن العبادي نفسه وحتى وقت قريب كان يشيد بسقف الإنتاج من الكهرباء وبأداء الوزير، وكان يعتبر أن المشكلة ليست في عدم وجود كهرباء؛ بل عدم وجود ترشيد في استخدامها من قبل المواطنين». وأوضح الجبوري أن «إجراء العبادي هذا ليس أكثر من محاولة منه لإضفاء صفات الحزم والشجاعة في شخص رئيس الوزراء».
في مقابل ذلك، يرى رحيم الدراجي، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي السابق، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزير الحالي قاسم الفهداوي لم يكن وزيرا ناجحا بأي من المعايير، وبالتالي، فإن سحب يده من قبل العبادي ليس لكونه غير ناجح؛ بل لأن العبادي فاشل في تشخيص المشكلة منذ البداية؛ حيث إن وزير الكهرباء لم يتسلم منصبه الآن؛ بل هو وزير في هذه الحكومة منذ تشكيلها قبل 4 سنوات». وأضاف الدراجي أن «الكهرباء لم تتحسن في عهد الفهداوي؛ حيث إننا كنا ننتج نحو 14 ألفا إلى 15 ألف ميغاواط والآن ننتج المعدل نفسه، وهو أمر يعرفه العبادي الذي صار شجاعا الآن في إقالة الوزير لكي يظهر أمام المرجعية وأمام المتظاهرين بأنه شجاع وصاحب قرار بينما هي مسألة مفضوحة جدا». وعما إذا كان هذا القرار سيعزز فرص العبادي في ولاية ثانية، قال الدراجي إن خطبة ممثل السيستاني الجمعة الماضي «أنهت آخر أحلام العبادي، ولم يعد ممكنا معالجة الأمور في قرارات، حتى وإن بدت ظاهرا صحيحة، لكن كان ينبغي أن يتم اتخاذها قبل سنوات».
إلى ذلك استمرت المظاهرات في كثير من المحافظات والمدن الجنوبية أمس رغم اللقاءات التي يجريها العبادي مع عدد من ممثلي المظاهرات من شيوخ العشائر ولجان التنسيق في كثير من المحافظات. ففي محافظة المثنى نظم مئات المواطنين اعتصاما مفتوحا أمام مبنى المحافظة مطالبين بإقالة عدد من مديري الدوائر ومحاسبة الفاسدين. وفي محافظة البصرة نظم عدد من المواطنين اعتصاما مفتوحا أمام المحطة الثامنة في غرب «القرنة1» على الطريق المؤدية لحقول الرميلة للمطالبة بتشغيل العاطلين، وسط انتشار أمني مكثف، فيما أعلنت مفوضية حقوق الإنسان أن «القوات الأمنية تمنع المتظاهرين من الاعتصام في البصرة والمثنى».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.