البرلمان التونسي يمنح الثقة للحكومة بعد جلسة عاصفة

البرلمان التونسي يمنح الثقة للحكومة  بعد جلسة عاصفة
TT

البرلمان التونسي يمنح الثقة للحكومة بعد جلسة عاصفة

البرلمان التونسي يمنح الثقة للحكومة  بعد جلسة عاصفة

في الوقت الذي كان فيه التونسيون يتابعون عبر الشاشة جلسة صاخبة جداً وغير مسبوقة من حيث الانتقادات الموجهة إلى رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد من الوزراء، فاجأت قيادة حزب نداء تونس الجميع بمؤتمر صحافي داخل البرلمان تعلن فيه عن تراجعها، في آخر لحظة، عن مواقفها المعارضة لرئيس الحكومة ووزير الداخلية الجديد.
وكانت الرسالة السياسية أقوى حيث إن هذا المنعرج حصل بعد زيارة مفاجئة أداها إلى البرلمان نجل رئيس الجمهورية والمدير التنفيذي للحزب الحاكم حافظ قائد السبسي برفقة قياديين في الحزب بينهم رؤوف الخماسي والمستشار السياسي للرئيس نور الدين بن نتيشة. وبعد مشاورات هؤلاء القياديين مع ممثلي الحزب في البرلمان المقسمين من حيث ولائهم لرئيس الحكومة، أعلنوا للصحافة منح الثقة لوزير الداخلية الجديد ولاستقرار حكومة الشاهد، مع المطالبة بتعديل شامل للحكومة لاحقاً.
وفي الوقت نفسه، زار زعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من مساعديه البرلمان وأعلنوا للصحافة دعماً كاملاً لرئيس الحكومة ووزير الداخلية الجديد، وفسروا موقفهم بحاجة البلاد إلى الاستقرار. ورغم الاتهامات المتبادلة منذ مدة بين قيادات الحزبين الكبيرين المشاركين في الحكومة، منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية العامة في مايو (أيار) الماضي، أدت خطوة نزول المسؤولين الكبار في الحزبين إلى البرلمان ثم لقاءاتهم بالصحافيين، إلى احتواء الأزمة السياسية التي تؤرق الجميع منذ مدة، بما كشف قابلية النخب السياسية لحسم خلافاتها تحت قبة البرلمان وعبر المؤسسات الدستورية المنتخبة.
* مضاعفات خطيرة
لكن المراقبين يتوقعون أن تفجر الجلسة العامة التي عقدها البرلمان التونسي للتصويت على منح الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي وعلى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد أزمة سياسية ودستورية جديدة أخطر من الأزمة التي تؤرق صناع القرار الاقتصادي والسياسي في البلاد منذ أشهر. وقد اعتبر زعيم حزب التيار الديمقراطي المعارض غازي الشواشي والبرلماني عماد الدايمي القيادي في حزب الحراك الذي يتزعمه الرئيس السابق المنصف المرزوقي، أن المعركة المفتوحة بين رأسي السلطة التنفيذية وأنصار كل منهما سوف تستفحل بعد أن عمقت الجلسة العامة للبرلمان التناقضات بين الفريقين وتطورت إلى تبادل الاتهامات. كما حذر النقابي والناشط السياسي المعارض عدنان الحاجي من ترحيل سيناريو الانفجار الاجتماعي وثورة المهمشين والشباب والفقراء رغم ما وصفه بالتوافق السياسي المغشوش بين الزعماء الكبار حول الحكومة الحالية.
في المقابل رحب غالبية البرلمانيين المستقلين والمنتمين إلى أحزاب الوطني الحر والنهضة، وآفاق والكتلة الوطنية ببراغماتية خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد وبشجاعته السياسية عندما قبل أن يحاسب في البرلمان في جلسة عامة صاخبة وعلنية دامت يوما كاملا. وقد حرص الشاهد على تجنب الوقوع في فخ المعارضين له الذين تتهمهم الحكومة بتهويل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
واعتبرت كلمة رئيس الحكومة التي توجه بها إلى الشعب والبرلمان بالمناسبة أن الوضع الاقتصادي للفترة الحالية شهد تطورات إيجابية مقارنة بالأعوام الماضية، من بينها ارتفاع نسبة النمو لتبلغ لأول مرة منذ أعوام 3 في المائة.
وأورد الشاهد أن تحسن نسبة النمو الاقتصادي في البلاد يحسب لصالح حكومته ونجاحها في تحسين مؤشرات التصدير والاستثمار وقطاعات السياحة والفلاحة والصناعة، إلى جانب تضاعف مواطن الرزق الجديدة للشباب العاطل عن العمل. وحول تطور مؤشرات الاستثمارات الأجنبية أورد رئيس الحكومة التونسي أنه قدر بنسبة 20 في المائة وبـ24 في المائة في قطاع الصناعة و63 في المائة في قطاع الخدمات، بينما ارتفعت صادرات النصف الأول من العام الجاري بنسبة 43 في المائة.
ولعل القطاع الأكثر الذي حقق تحسنا حسب رئيس الحكومة هو القطاع السياحي الذي شهدت مداخيله ارتفاعا بنسبة 46 في المائة بينما ارتفع عدد السياح مقارنة بالعام الماضي بنسبة 63 في المائة، وتجاوز عددهم لأول مرة منذ 3 أعوام الـ3 ملايين سائح.
لكن متى ستنتصر براغماتية يوسف الشاهد وحلفائه داخل حزبه وخارجه؟ وهل ستستفيد الحكومة من موسم الإجازات الصيفية، وبينها عطلة البرلمان خلال الشهرين القادمين، حتى تعزز موقعها وفرص رئيسها في لعب دور سياسي أكبر في الأعوام القادمة؟ كل السيناريوهات واردة، إذا لم تضطرب علاقات الحكومة مجددا بالنقابات والأطراف التي تحرك الإضرابات والاعتصامات.



السلطات اليمنية تضبط قارباً يُقل العشرات من المهاجرين الأفارقة

المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
TT

السلطات اليمنية تضبط قارباً يُقل العشرات من المهاجرين الأفارقة

المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)

ضبطت دورية لقوات خفر السواحل اليمنية قارباً يُقل العشرات من المهاجرين غير الشرعيين كانوا قادمين من القرن الأفريقي، ضمن الإجراءات التي اتخذتها السلطات للحد من تدفق المهاجرين من تلك المناطق، وذلك بعد وصول أكثر من 15 ألفاً منهم إلى البلاد خلال أول شهر من العام الحالي.

الحملة الأمنية المشتركة للقوات الحكومية التي تعمل في سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت أن إحدى الدوريات التابعة لها تمكنت في اليوم الأول من شهر رمضان من ضبط أحد القوارب في المياه الإقليمية، وكان على متنه 164 من المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي، من بينهم 37 امرأة.

وبيّنت الحملة أن العملية تمت بعد عملية رصد ومتابعة مكثفة، حيث اشتبهت الدورية البحرية بتحركات القارب الذي كان قادته يحاولون التسلل إلى الساحل اليمني.

ووفق ما أوردته الحملة، فإنه عند اقتراب الدورية من القارب وتفتيشه، تبيّن أنه يحمل عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تم تهريبهم في ظروف غير إنسانية، وأن هؤلاء لا يحملون أي وثائق رسمية أو تصاريح لدخول البلاد.

رغم الإجراءات الأمنية وصل إلى اليمن أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

وأفاد البيان بأنه تم ضبط القارب وحجز المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم وفق الإجراءات القانونية المتبعة.

وألقت الدورية الحكومية القبض أيضاً على طاقم القارب المكون من 3 أشخاص، وأودعتهم السجن تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة بتهمة المتاجرة بالبشر، وفتحت تحقيقاً موسعاً مع المهربين والضحايا للكشف عن شبكة التهريب والمتورطين في مثل هذه العمليات غير القانونية، بوزصفها خطراً يهدد الأمن والاستقرار، وفق ما جاء في بيان الحملة الأمنية.

ونبّهت قيادة الحملة الأمنية إلى أن الهجرة غير الشرعية إلى اليمن باتت تمثل تحدياً أمنياً وإنسانياً كبيراً، حيث يتم استغلال حاجة المهاجرين وظروفهم الصعبة من قِبل شبكات التهريب التي تجني أموالاً طائلة على حساب أرواحهم، دون أي حساب للمخاطر التي يواجهونها في عُرض البحر أو عند وصولهم.

وأكدت أن المهربين المقبوض عليهم سيواجهون تهماً عدة، من بينها تعريض حياة المهاجرين للخطر أثناء الرحلة عبر البحر، حيث يواجه هؤلاء ظروفاً قاسية واحتمال الغرق، إلى جانب الاشتراك في أعمال الجريمة المنظمة وشبكات التهريب التي تستغل هؤلاء الأشخاص لتحقيق مكاسب غير مشروعة. كما سيواجهون تهمة تهديد الأمن والاستقرار نتيجة محاولة الدخول إلى الأراضي اليمنية بشكل غير قانوني.

ومع تأكيد الحملة استمرارها في التصدي لعمليات التهريب وعزمها على ملاحقة شبكات التهريب، ذكرت أنها سوف تتخذ جميع الإجراءات لضبط أي محاولات مماثلة، بهدف حماية الأمن الوطني ومكافحة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار.

ودعت السكان إلى الإبلاغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بتهريب البشر، لما لهذه الظاهرة من تأثيرات خطيرة في المجتمع والأمن.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن 15,400 مهاجر غير شرعي وصلوا من القرن الأفريقي إلى اليمن خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وأكدت أن هذا العدد يمثل انخفاضاً بنسبة 25 في المائة عن العدد الإجمالي المُبلَّغ عنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، حيث وصل البلاد حينها أكثر من 20 ألف مهاجر.

القوات اليمنية أغلقت سواحل محافظة لحج أمام تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)

ووفق هذه البيانات، فإن غالبية المهاجرين (89 في المائة) قدموا من موانئ جيبوتي، ووصلوا إلى مديرية ذوباب بمحافظة تعز بالقرب من باب المندب، وعددهم (13,642 مهاجراً)، بينما وصل البقية (11 في المائة) إلى سواحل محافظة شبوة شرق عدن، قادمين من الموانئ الصومالية.

وطبقاً للبيانات الأممية، فقد بلغ إجمالي عدد الوافدين خلال عام 2024 نحو 76,297 مهاجراً، من بينهم 21 في المائة من الأطفال، و22 في المائة من النساء، و57 في المائة من الرجال.

وكان معظم هؤلاء من حملة الجنسية الإثيوبية بنسبة (98 في المائة)، بينما كان 2 في المائة فقط من الرعايا الصوماليين. في حين لم يتم تسجيل وصول أي مهاجرين إلى سواحل محافظة لحج خلال هذه الفترة، وأُعيد سبب ذلك إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية لمكافحة التهريب منذ أغسطس (آب) 2023، في سواحل المحافظة التي كانت أهم طرق تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي خلال السنوات السابقة.