البرلمان التونسي يجدد الثقة اليوم في حكومة الشاهد

بعد أسابيع من تعمّق الأزمة السياسية بين قصري الرئاسة وأجنحة الحزب الحاكم

TT

البرلمان التونسي يجدد الثقة اليوم في حكومة الشاهد

بعد أسابيع من الشد والجذب وتعمق الأزمة السياسية في تونس بين قصري الرئاسة في قرطاج والحكومة في القصبة، وبين أجنحة الحزب الحاكم وقياداته العليا، ظهرت مؤشرات خلال الساعات القليلة الماضية توحي بنجاح النخب التونسية مجددا في احتواء الخلافات وحسمها سياسيا، مع استبعاد سيناريوهات التصعيد والعنف والقطيعة.
ورغم تعاقب صدور التصريحات، التي توحي باستفحال الأزمة بين الأطراف السياسية والنقابية، فقد شهد قصر رئاسة الجمهورية وقبة البرلمان أمس تحركات ماراثونية توحي بمنح البرلمان اليوم الثقة لوزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي، ما سيعني التمديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي تطالبه عدة قيادات نقابية وسياسية وحزبية بالاستقالة منذ مطلع العام الجاري.
واستقبل الرئيس الباجي قايد السبسي، أمس في قصر قرطاج شخصيات سياسية من الصف الأول، بينها محسن مرزوق الأمين العام لحزب نداء تونس، وراشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة، ومصطفى بن أحمد رئيس الكتلة الوطنية اليسارية في البرلمان.
في غضون ذلك، تعاقبت تصريحات قياديين في حزب نداء تونس، بينهم البرلماني والمسؤول السابق في الإدارة العامة للحرس الوطني جلال غديرة، تعلن دعمها لوزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي. كما أدلت المستشارة سعيد قراش، الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، بتصريح جديد أكدت فيه على احترام رئاسة الجمهورية للدستور، ولحق رئيس الحكومة في تعيين وزير الداخلية، موضحة أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد تشاور حول اسم المرشح لوزارة الداخلية مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.
وجاء هذان التصريحان ليفندا تصريحات مناقضة، صدرت قبل يومين عن المستشار السياسي لرئيس الجمهورية نور الدين بن نتيشة، وعن الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم البرلماني المنجي الحرباوي، حيث أعربا عن اعتراضها واعتراض قيادة حزبهما على وزير الداخلية الجديد، واتهما رئيس الحكومة بتعيينه دون التنسيق مع قيادة حزب نداء تونس، أو مع رئيس الجمهورية.
في المقابل، نوه سياسيون آخرون، بينهم نور الدين العرباوي رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة، والوزير السابق عبد الكريم الهاروني، بدور حكومة الوحدة الوطنية الحالية، وطالبا بدعمها والتراجع عن الدعوات لإسقاطها مقابل إعلان رئيسها عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة العام القادم. كما سار في نفس الاتجاه سياسيون من تيارات مختلفة، بينهم رؤوف الخماسي القيادي في حزب نداء تونس، ومقربون من الرئيس قائد السبسي.
وكشفت تصريحات محسن مرزوق ومصطفى بن أحمد وراشد الغنوشي عقب لقاءاتهم مع الرئيس الباجي قايد السبسي أن المحادثات جاءت في سياق الحرص على الاستقرار السياسي للبلاد، وعلى الدور التوفيقي لمؤسسة رئاسة الجمهورية في مرحلة الأزمات بهدف إصلاح الأوضاع العامة، وضرورة تضافر كلّ الجهود من أجل تحقيق الصالح العام وتنشيط الحياة الاقتصادية. وحسن سير المؤسسات الوطنية.
لكن إذا سلمنا أن غالبية البرلمانيين سيمنحون اليوم الثقة لوزير الداخلية الجديد، ولرئيس الحكومة الذي اختاره، فهل يكون يوسف الشاهد قد تجاوز نهائيا الخلافات السياسية وضمن مصالحة مع رئيس الجمهورية، الذي طالبه قبل أسبوعين في حوار تلفزيوني بالاستقالة؟
كل الفرضيات واردة، خاصة أن التصويت على وزير الداخلية الجديد تفرضه معطيات موضوعية، من بينها استحالة التمديد في مرحلة الفراغ على رأس أهم وزارة سياسية وأمنية في تونس منذ 62 عاما. كما رجح بعض المراقبين أن يصوت كثير من البرلمانيين على وزير الداخلية الجديد تقديرا لاستقلاليته عن كل الأحزاب واللوبيات المالية والسياسية التقليدية، وأيضا لخبرته الطويلة في إدارة الوزارة دون التورط المباشر في الملفات الأمنية.
والسؤال الكبير في ظل استمرار التنافس السابق لأوانه حول قصر الرئاسة في قرطاج: هل ستمنح الثقة التي سيفوز بها وزير الداخلية الجديد اليوم نفسا جديدا لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي تضاعف أنصاره وخصومه مؤخرا؟ أم ستكون مجرد هدنة تنتهي مع انتهاء العطلة البرلمانية في نهاية هذا الصيف؟
في كل الحالات فإن جل المؤشرات توحي أن النخب التونسية ستختار مجددا حسم خلافاتها وأزماتها سياسيا، عبر صناديق الاقتراع، وليس عبر صناديق المتفجرات والأسلحة.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.