فيضانات وسيول تضرب مناطق متفرقة في السودان

قتلت العشرات ودمرت آلاف المنازل

TT

فيضانات وسيول تضرب مناطق متفرقة في السودان

أدت الأمطار الغزيرة التي ضربت السودان إلى حدوث سيول وفيضانات، تسببت في مقتل عدد من الأشخاص وفقدان آخرين، وتدمير منازل ومنشآت في عدد من المدن، فيما حذرت هيئة الأرصاد الجوية من أمطار غزيرة يتوقع هطولها في سائر أنحاء البلاد.
وتسبب ارتفاع منسوب سد ترابي في ولاية شمال كردفان بغرب البلاد، أمس، في خسائر مادية فادحة بالقرب من محلية «شيكان» التابعة للولاية، وفاضت المياه عن السد المستخدم لتخزين المياه، مسببة انهيار أكثر من 175 منزلاً ما بين انهيار كلي وجزئي، وانهيار أكثر من 40 محلاً تجارياً، ونفوق عدد من رؤوس الماشية، وقدرت الخسائر بنحو مليون جنيه.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن الفاضل محمد، معتمد (حاكم) محلية شيكان، أن فرقاً صحية وعدداً من المنظمات يتوقع وصولها إلى المكان لتقدير الخسائر وتقييم الأوضاع، قصد تقديم الدعم اللازم للأهالي، فضلاً عن معدات إيواء ومواد غذائية قدمتها لهم منظمات وصلت إلى المنطقة رفقة حاكم المحلية.
وشهدت مدينة النهود، إحدى أكبر مدن ولاية شمال كردفان قبل يومين، أمطاراً غزيرة وسيولاً عنيفة، أدت لمقتل 7 أشخاص وفقدان 3 آخرين، وانهيار ما بين 1500 و2000 منزل.
وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي صوراً عن إتلاف السيول طريق أم درمان - بارا حديثة الإنشاء، التي تربط بين العاصمة السودانية وولاية شمال كردفان، وولايات غرب البلاد الأخرى.
وفي شرق السودان، اجتاحت سيول أحد الأودية الموسمية «خور الأميري» عدة أحياء في مدينة كسلا، حاضرة الولاية الاثنين، فيما تتخوف الولاية من تهديد نهر القاش، الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية، والذي يتسبب في فيضانات كبيرة كلما زاد معدل هطول الأمطار في إثيوبيا.
وناشدت هيئة الأرصاد الجوية السودانية المواطنين توخي الحذر، ونشرت تحذيرات على موقعها على الإنترنت أمس، من احتمالات هطول أمطار غزيرة في معظم أنحاء البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة، داعية السكان القريبين من مجاري السيول والمناطق المكشوفة لأخذ التدابير اللازمة لمواجهة الأمطار الغزيرة المتوقعة.
وسجلت تقارير المراقبة النيلية ارتفاعاً ملحوظاً في مناسيب نهر النيل الرئيسي، ورافده نهر عطبرة، عند محطة عطبرة، بلغت 13.77 متر على النيل الرئيسي، مرتفعة بنحو 28 سم عن معدلها في الفترة ذاتها العام الماضي، فيما سجلت في نهر عطبرة 13.80 متر بزيادة قدرها 54 سم عن الفترة ذاتها من السنة الماضية.
وتنبئ التوقعات بحدوث فيضانات كبيرة لشواطئ النيل الأزرق ونهر النيل، وذلك بسبب زيادة معدلات هطول الأمطار في الهضبة الإثيوبية، فيما أعلنت سلطات الدفاع المدني استعدادها لمواجهة ما تطلق عليه «طوارئ الخريف»، وهي تصريحات روتينية تطلقها عادة. بيد أن خطر الفيضانات يظل يواجه البلاد بصورة دورية، دون أن تفلح السلطات المحلية في درئه عن المواطنين، والحيلولة دون كوارث إنسانية ومادية تواجه المواطنين، لا سيما في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تشهدها البلاد.
وتجتاح الفيضانات السودان سنوياً في موسم الأمطار، وقد شهد فيضاناً عنيفاً سنة 2016، لقي خلاله أكثر من 76 شخصاً مصرعهم، إضافة إلى انهيار عدد كبير من المنازل والمؤسسات الحكومية والخدمية، قدرها الهلال الأحمر بفقدان نحو 60 ألفاً و350 مواطناً لمنازلهم جزئياً، وكلياً في 13 ولاية من أصل ولايات البلاد البالغة 18 ولاية.
ويعد فيضان عام 1988 فيضاناً مرجعياً، إذ اجتاحت السيول والفيضانات مناطق واسعة من البلاد، وتسببت في كارثة بيئية وإنسانية طاحنة، قتل جراها مئات الأشخاص ودمرت آلاف المنازل والمنشآت، وأدى الفيضان الشهير إلى إضعاف حكومة رئيس الوزراء وقتها الصادق المهدي، وإلى إسقاطها بعد أقل من عام بانقلاب الإسلاميين بقيادة العميد وقتها عمر البشير، واستمراره في السلطة منذ ذلك الوقت.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».