عمران خان يخترق الطبقة السياسية التقليدية ويحتاج إلى شريك في السلطة

قبل إعلان لجنة الانتخابات العامة عن نتائج التصويت في باكستان، إثر تعطل آلية العد والبث الإلكتروني لدى اللجنة، أعلن عمران خان زعيم «حركة الإنصاف» فوز حزبه في الانتخابات العامة، مؤكداً أن حزبه سيتمكن من تشكيل الحكومة القادمة بالتعاون مع الأحزاب الصديقة التي تقبل التحالف معه، مستبعداً بذلك إمكانية التحالف مع حزب الشعب بزعامة الرئيس السابق آصف زرداري ونجله بيلاوال زرداري – بوتو، أو حزب الرابطة الإسلامية بزعامة شهباز شريف (شقيق رئيس الوزراء السابق نواز شريف).
وتقدمت «حركة الإنصاف» حسب النتائج المعلنة حتى الآن في أكثر من مائة وعشرين مقعداً، فيما أظهرت النتائج تقدم «الرابطة الإسلامية» بما يصل إلى خمسة وستين مقعداً، في مقابل 45 مقعداً لحزب الشعب، وذلك من أصل 270 مقعداً تم التنافس عليها الأربعاء.

تراجع حزب شريف

كما أظهرت النتائج الأولية تقدم حزب عمران خان في مقاعد برلمان إقليم خيبر بختون خوا المجاور لأفغانستان بأغلبية الثلثين، وحصوله على قدر مساوٍ من المقاعد لما حصلت عليه «الرابطة الإسلامية» في برلمان إقليم البنجاب حيث معقل آل شريف، وهو ما قد يحرم «الرابطة» من تشكيل حكومة الإقليم ويجعلها في موقع المعارضة في الإقليم والبرلمان المركزي.
وتحدث عمران عن انتصار حزبه وتفويض الشعب له، إلا أنه نفى أن يكون مناوئوه قد تعرضوا لعملية اضطهاد أو ضغوط من أي جهة، وذلك في رده على ادعاءات الأحزاب التقليدية التي رفضت نتيجة الانتخابات الباكستانية. ووعد عمران خان بتقديم الدعم المطلوب للتحقق من نتائج الانتخابات ومن الادعاء بتعرضها إلىلتلاعب، وكرر وصفه الانتخابات بأنها «كانت الأكثر نزاهة وشفافية وحرية في تاريخ باكستان».

عمران والعلاقات الإقليمية

ودافع عمران خان في «خطاب النصر» عن علاقة قوية بين باكستان وإيران بالقول إنها «دولة صديقة وجارة ويجب أن نحتفظ بعلاقات قوية متنامية معها»، كذلك دافع عن العلاقة مع الصين، الحليف الاستراتيجي لباكستان. واعترف بمواقف المملكة العربية السعودية الداعمة لباكستان في الظروف كافة، مشيراً إلى أن باكستان ممتنّة لها وأنّ على باكستان الوقوف مع المملكة ورد الجميل، وأن باكستان بقيادته على استعداد للمساهمة في حل مشكلات الشرق الأوسط. كما دعا إلى تغيير طبيعة العلاقة بين بلاده والولايات المتحدة، وأن تكون على قدم المساواة وليس علاقة التابع المأمور. وحول الوضع الأفغاني، عزا عمران خان ما يجري في أفغانستان إلى مرحلة الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال السوفياتي، محمِّلاً تلك الفترة كل ما تمر به باكستان وأفغانستان من مشكلات أمنية وعدم استقرار. ودعا إلى تحسين العلاقات بين البلدين وفتح الحدود، كما دافع عن علاقات وتعاون مع الهند، مطالباً بحل قضية كشمير العالقة بين الدولتين حتى تتمكنا من إنهاء الفقر لدى شعبيهما. ووعد في حال تجاوب القيادة الهندية مع رؤية باكستان بالمضيّ خطوتين مقابل كل خطوة تخطوها الهند لتحسين العلاقات.

مكافحة الفساد

وفي ما يخص الوضع الداخلي في باكستان، أشار لاعب الكريكيت السابق إلى عزمه القيام بمحاسبة شاملة لكل السياسيين بدءاً من حزبه ونفسه، وأنه سيغير طبيعة الأداء الحكومي ويقلل من المصاريف لدعم الجهود لسداد ديون باكستان، مشيراً إلى أن حكومة حزبه ستعمل على إيجاد ملايين الوظائف للشبان خريجي الجامعات، وتحسين الأداء الحكومي في المجالات كافة.

معارضة شاملة من الأحزاب

في غضون ذلك أعلنت غالبية الأحزاب الباكستانية معارضتها وعدم اعترافها بنتائج الانتخابات العامة، واتفقت هذه الأحزاب على عقد مؤتمر لها صباح اليوم (الجمعة)، في العاصمة إسلام آباد، وبينما تطالب «الرابطة» والجماعات الدينية برفض النتائج كلياً ومقاطعة البرلمان الجديد، فإن أحزاباً أخرى مثل حزب «الشعب» مع انتقاده لنتائج الانتخابات قد لا يمضي في طريق التصعيد خشية فتح ملفات تنظر فيها هيئة مكافحة الفساد في باكستان. وقالت قيادات حزبية إن الرئيس السابق زرداري قد يتمكن من التوصل إلى تسوية للمشاركة في حكومتي المركز والبنجاب مع عمران خان مقابل إسقاط التهم الموجهة إليه وإلى شقيقته فريال تالبور بغسل الأموال. ودافعت لجنة الانتخابات الباكستانية عن النتائج المعلنة، وأكد الناطق باسم اللجنة ورئيسها في مؤتمرين صحافيين منفصلين أن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة ولم يكن هناك أي تلاعب فيها. وعزا رئيس اللجنة توقف عملية الفرز وتأخر إعلان النتائج إلى عطل في البرنامج الذي تستخدمه اللجنة لبث نتائج الفرز وأن هذا العطل قيد الإصلاح حالياً.
وقال وزير الإعلام السابق مشاهد حسين، مستشار رئيس حزب «الرابطة» شهباز شريف، إن العطل في برنامج بث نتائج الانتخابات نتيجة لقطع الكهرباء عن جهاز البث وتدخل جهات عليا «الجيش والاستخبارات» في عملية الفرز، بعد أن أمرت القوات التي تشارك في حماية عملية الاقتراع بإبعاد مندوبي أحزاب المعارضة عن قاعات الفرز وعدم تمكينهم من متابعته والتأكد من عدم وجود أي تلاعب فيه.
ورأى عبد الغفار عزيز، الناطق باسم تحالف الأحزاب الدينية «مجلس العمل المتحد»، أن التحالف لن يقبل نتائج انتخابات واضحة التزوير وأن العديد من الأحزاب اتخذ نفس الموقف، لكن الخطوة القادمة للأحزاب المعارضة لنتائج الانتخابات تعتمد على ما يتفق عليه قادتها في اجتماع الجمعة في إسلام آباد، ورفض عزيز تأكيد إمكانية الدعوة إلى عصيان مدني في الأيام القادمة لإجبار لجنة الانتخابات والجيش على التراجع عن النتائج التي صبت كلها في صالح حزب واحد.