تراجع الاستثمارات الخارجية في السندات الروسية إلى أدنى مستوى خلال عام

تراجع حجم مشاركة المستثمرين غير المقيمين (الأجانب) في سندات قروض الدين الفيدرالي الروسي إلى أدنى مستويات منذ عام ونصف، وأشار المركزي الروسي في تقرير أمس إلى أن هروب رؤوس الأموال الأجنبية من السندات الفيدرالية بدأ منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي، على خلفية فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة ضد مجموعة من الأغنياء الروس المقربين من الكرملين، والذين يسيطرون على جزء كبير من شركات استراتيجية، بينهم الملياردير الروسي أوليغ ديرباسكا.
وفي الوقت الذي دخلت فيه السوق الروسية مرحلة تأقلم وتعايش مع تلك العقوبات وتداعياتها، تواصل شركات روسية كبرى جهودها للتخلص من العقوبات، وكشفت تقارير إعلامية أمس عن خطة تم عرضها على هيئة مراقبة الأصول المالية الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية، لإلغاء عقوبات أبريل عن «يو إس روسال»، ومجموعة «En+» العالمية لإنتاج الطاقة الكهربائية والألمنيوم، التي يسيطر عليها الملياردير الروسي أوليغ ديرباسكا.
ومع أن الأمر يبقى مجرد «خطة» بانتظار الموافقة الأميركية، إلا أن الحديث عن إعفاء الشركة من العقوبات أدى إلى انتعاش أسهمها في الأسواق.
وقال المركزي الروسي في تقرير أمس إن حصة المستثمرين الأجانب في سندات الدين الفيدرالي الروسي تراجعت بحلول الأول من يوليو (تموز) الحالي حتى 1.982 تريليون روبل (نحو 33 مليار دولار)، أو حتى 28 في المائة من إجمالي سندات الدين الفيدرالي والتي بلغت قيمتها في التاريخ ذاته (الأول من يوليو) 7.033 تريليون روبل (نحو 117 مليار دولار). وهذا أدنى مستوى يُسجل منذ عام ونصف للمشاركة الأجنبية في السندات. وكانت حصة المستثمرين الأجانب تراجعت قبل ذلك في فبراير (شباط) العام الماضي، حتى 30 في المائة من إجمالي سندات الدين الفيدرالي.
وشكل شهر أبريل نقطة تحول في حجم رؤوس أموال المستثمرين الأجانب في السندات الروسية. وتشير المعطيات إلى أن حجم مساهمة المستثمرين الأجانب في تلك السندات بلغ في الأول من أبريل أعلى مستويات له منذ عام 2012، بقيمة 2.354 تريليون روبل (نحو 39 مليار دولار)، أو 34.5 في المائة من إجمالي قيمة السندات الفيدرالية في السوق حينها. إلا أن الوضع أخذ يتغير جذرياً في الأسبوع الثاني من أبريل الماضي، حين فرضت الولايات المتحدة عقوبات وصفها مراقبون بأنها «مؤلمة جداً» ضد مجموعة من الأغنياء الروس، أصحاب شركات كبرى في مجالات حساسة اقتصادياً، وبينهم أليكسي ميللر رئيس مجلس إدارة «غاز بروم» الروسية، وأوليغ ديريباسكا المسيطر على أسهم «روسال» للألمنيوم ومجموعة «En+»، و«رينوفا».
وتسببت عقوبات أبريل بهبوط حاد على أسهم تلك الشركات في السوق الروسية والأسواق العالمية، فضلا عن تراجع غير مسبوق على مؤشرات البورصات الرئيسية في موسكو، في يوم أطلق عليه المحللون اسم «الاثنين الأسود». وقد دفع هذا الوضع المستثمرين الأجانب إلى تقليص حصتهم في سندات الدين الفيدرالي الروسية، وتخلصوا خلال ثلاثة أشهر من سندات بقيمة 369 مليار روبل (6.15 مليار دولار)، لتتراجع حصتهم بهذا الشكل نحو 6.3 نقطة، أي حتى 28 في المائة.
وقالت إلفيرا نابيولينا، رئيسة مجلس إدارة المركزي الروسي، إن عملية هروب رؤوس الأموال لم تؤثر على السوق ولم تسبب أي تقلبات، ولفتت إلى أن التوقعات الأساسية للمركزي «لا تتوقع تراجعا حادا على اهتمام المستثمرين الأجانب بالأصول الروسية».
في غضون ذلك واصل القائمون على مجموعة «En+» وشركة «يو إس روسال» جهودهم للتخلص من العقوبات الأميركية. وقالت صحيفة «ار بي كا» الروسية، إن اللورد غريغوري باركر، قدم لوزارة الخزانة الأميركية خطة أو آلية تنفيذية لإلغاء العقوبات الأميركية ضد «En+»، التي يرأس باركر مجلس إدارتها. وتقوم تلك الخطة على جملة أفكار، وبصورة رئيسية تقليص حصة أسهم الملياردير الروسي أوليغ ديريباسكا وأفراد عائلته في المجموعة إلى أدنى من الحصة المتحكمة. وحسب الصحيفة الروسية فإن ديريباسكا يسيطر حاليا على 70 في المائة من أسهم «En+» وعملاق الألمنيوم العالمي «يو إس روسال». وحصلت خطة باركر على دعم مجموعات نفوذ ممثلة بشركة «ميركوري» وبنك «روتشيلد» الاستثماري، و«راسل رينولدز».
ويقول باركر إن تنفيذ هذه الخطة يتطلب بعض الوقت، ويدعو الولايات المتحدة إلى إلغاء العقوبات ضد المجموعة وشركة «يو إس روسال» قبل البدء بالتنفيذ. وحذرت مجموعة النفوذ من «ميركوري» من أن رفض إدارة ترمب للخطة المقترحة سيعني «تعرض المسؤولين الأميركيين لانتقادات من جانب المنتجين والمستهلكين في الولايات المتحدة»، وخلل في كميات الألمنيوم في السوق العالمية، و«صدمة عالمية» لقطاعي تصنيع السيارات والسفن، وتحول في السوق نحو الاعتماد على صادرات الألمنيوم من الصين، وربما تأميم «يو إس روسال»، أو بيعها لشركات استثمارية صينية.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تعلن موقفها بعد من تلك الخطة، فإن مجرد تأكيد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، أن الولايات المتحدة تدرس خطة استثناء «يو إس روسال» من قائمة عقوبات أبريل، كان كافيا لانتعاش أسهم الشركة، وارتفعت قيمة السهم في بورصة موسكو من 23.89 حتى 30 روبلاً، أو بنسبة 25.57 في المائة.