روسيا تحتج في اسرائيل على إسقاط الطائرة السورية

TT

روسيا تحتج في اسرائيل على إسقاط الطائرة السورية

بعد أن أكدت سوريا أن الطائرة التي تم إسقاطها في الجولان دخلت المجال الجوي الإسرائيلي بالخطأ، وأن روسيا قدمت احتجاجاً رسمياً لحكومة بنيامين نتنياهو على إسقاطها، بدأت تسمع في تل أبيب أصوات نقد حاد لـ«سياسة الغطرسة الإسرائيلية» السائدة، وإن كانت ستقود إلى تدهور حربي وإلى خسارة مكاسب العلاقات مع روسيا.
وأعربت أوساط عسكرية عن القلق من أن يكون الإيرانيون قد تمكنوا من فحص ركام صاروخ «مقلاع داود»، الذي سقط في الأراضي السورية، وتعرفوا على أسراره.
وكانت روسيا أرسلت احتجاجاً رسمياً لإسرائيل، عبر السفارة في موسكو ولجنة التنسيق المشتركة بين البلدين، في أعقاب إسقاط الطائرة السورية. وأوضح الروس أن الطائرة دخلت الجولان بالخطأ، ولم تكن تهدد بأي خطر. وقد حاول الضباط الإسرائيليون في لجنة التنسيق شرح ما جرى، وعرضوا على نظرائهم الروس لقطات شاشة الرادار التي أظهرت بوضوح أن طائرة «سوخوي 22» دخلت أجواء الجولان، وبسرعة شديدة، دلت على أنها ستصل إلى مدينة صفد في الجليل الأعلى لو لم يتم اعتراضها. وقالوا إن الشكوك الإسرائيلية تركزت في احتمال أن تكون تلك طائرة انتحارية.
ولم يبد الروس كمن اقتنع بالحجة الإسرائيلية، إذ واصلت وسائل إعلامهم الموجه مهاجمة إسرائيل واتهامها بالتسرع والغطرسة. فقام المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، رونين منليس، بإصدار بيان يظهر أنه «تم استخدام جهاز التنسيق مع الروس أثناء الحدث»، أي أثناء مراقبة الطائرة منذ تحليقها وحتى إسقاطها. وأضاف أن «الجيش الإسرائيلي حذر مسبقاً بعدة لغات وبعدة قنوات بخصوص المصالح الأمنية الإسرائيلية، وبموجبها أننا لن نتحمل خروقات لوقف إطلاق النار من العام 1974».
وفي السياق نفسه، أبلغ مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة داني دانون، الليلة قبل الماضية، الثلاثاء - الأربعاء، أعضاء مجلس الأمن، أن «إسرائيل لن تتسامح إزاء أي انتهاك لسيادتها، سواء من قبل سوريا أو من قبل غزة أو من قبل أي عدو آخر يهدد أمننا»، وذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي. وأضاف: «لقد أطلقت إسرائيل في وقت سابق اليوم صاروخين من طراز (باتريوت) على طائرات نفاثة سورية بعد أن اخترقت المجال الجوي لإسرائيل».
وكذلك فعل نتنياهو، أمس، إذ أعلن أن «اختراق الطائرة السورية للمجال الجوي الإسرائيلي كان انتهاكاً صارخاً لاتفاقات فض الاشتباك بيننا وبين الجانب السوري الموقعة عام 1974. لقد كررت التأكيد على أننا لن نقبل أي انتهاك من هذا القبيل، ولن نقبل أي تسلل أو تجاوز إلى أراضينا، سواء كان ذلك من الأرض أو من الجو. نحن نصر على أنه على سوريا أن تحترم تماماً اتفاقيات فض الاشتباك بيننا وبينهم».
من جهة ثانية، وبعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بفشل منظومة صواريخ «مقلاع داود» قد فشلت في اعتراض صاروخ سوري، وسقط في الأراضي السورية، كشفت مصادر عسكرية عليا عن تخوف يسود قيادة الجيش في إسرائيل من أن تصل شظايا صاروخ «مقلاع داود» إلى أيدي إيران وروسيا، حليفتي النظام اللتين يوجد لكل منهما قوات وخبراء في سوريا. ويتعلق التخوف الإسرائيلي بأن يحاول الروس أو الإيرانيون أو كلاهما الاطلاع على التكنولوجيا المتطورة للصاروخ، الذي كان قد طوره خبراء إسرائيليون وأميركيون. يشار إلى أن صاروخ «مقلاع داود» الآخر دمّر نفسه فوق بحيرة طبرية وسقط في الأراضي الإسرائيلية، أي أن هذا الصاروخ أيضاً فشل في مهمة اعتراض صاروخ.
وتثير هذه القضايا نقاشات حادة في الإعلام الإسرائيلي والأروقة السياسية. فتتهم المعارضة، الحكومة، بدفع الجيش إلى مغامرات زائدة، لا لشيء سوى للظهور بمظهر «القيادة الأمنية القوية الحازمة». وقال وزير الدفاع الأسبق عمير بيرتس: «لا يجوز للقيادة السياسية أن تدير سياسة الدولة من خلال إرضاء الغرور الذاتي وبث سياسة عربدة وعنجهية أمام الخصوم والعدو. فالمفترض أن ما يحكم سياساتنا هو الأمن والمصلحة الاستراتيجية. ولكن بهذه التصرفات يمكننا أن نستفز الروس، الذين يدافعون اليوم عن مصالحنا في سوريا بشكل غير مسبوق».
وقال الجنرال غيورا آيلاند، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، إن «إسقاط الطائرة السورية كان عملاً عسكرياً مهنياً ناجحاً، لكنه من الناحية السياسية الاستراتيجية لم يكن صحيحاً أبداً. فهذا الحدث سيجعل روسيا تبتعد عنا قليلاً لصالح النظام السوري وحليفه الإيراني. وسيترك مرارة في نفوس الروس ضد إسرائيل».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.