الحوثيون يضغطون للسيطرة على «المؤتمر» استعداداً للمشاورات

أطاحوا المسؤول عن الكتلة البرلمانية... ويخططون لوضع رئيس «حكومتهم» قائداً للحزب

طفل يمني يسكب الماء على رأسه داخل مدرسة يقطنها نازحون قرب الحديدة (رويترز)
طفل يمني يسكب الماء على رأسه داخل مدرسة يقطنها نازحون قرب الحديدة (رويترز)
TT

الحوثيون يضغطون للسيطرة على «المؤتمر» استعداداً للمشاورات

طفل يمني يسكب الماء على رأسه داخل مدرسة يقطنها نازحون قرب الحديدة (رويترز)
طفل يمني يسكب الماء على رأسه داخل مدرسة يقطنها نازحون قرب الحديدة (رويترز)

فرضت الميليشيات الحوثية على قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعة لها في صنعاء إطاحة القيادي البارز في الحزب سلطان البركاني من موقعه في رئاسة الكتلة البرلمانية للحزب بمجلس النواب، إلى جانب إطاحة عدد من القيادات الأخرى في الدوائر التنظيمية للحزب. جاء ذلك في وقت تواصل فيه الجماعة الحوثية ضغوطها على قيادات الحزب في صنعاء من أجل استكمال السيطرة عليه وتحويله إلى ذراع سياسية خادمة لأجندة الميليشيات قبل المشاورات المرتقبة، وهو الأمر الذي دفع القيادي في الحزب ورئيس البرلمان يحيى الراعي إلى الاعتكاف في منزله منذ أكثر من أسبوع وعدم حضوره إلى مقر البرلمان لترؤس جلساته غير القانونية التي كانت الجماعة أجبرت النواب على استئنافها.
وأفادت مصادر حزبية طلبت عدم الكشف عن هويتها لـ«الشرق الأوسط» بأن قيادات الميليشيات الحوثية أمروا النواب المنتمين إلى حزب «المؤتمر» في صنعاء بإطاحة القيادي سلطان البركاني من رئاسته للكتلة البرلمانية للحزب، واختيار النائب والزعيم القبلي زيد أبو علي بدلا عنه. وذكرت المصادر أن قيادات الميليشيات أبلغت نواب الحزب الخاضعين لها بأنها لا ترغب في استمرار البركاني في موقعه بسبب مواقفه المناهضة لها التي يتبناها من الخارج مع عدد من القيادات البارزة في الحزب، كما طلبت منهم اتخاذ موقف واضح من هذه القيادات، يجرم سلوكها ويتبرأ من مواقفها.
كما أفادت المصادر الحزبية بأن الجماعة الحوثية تضغط على قيادات الحزب من أجل تنصيب رئيس حكومتها الانقلابية غير المعترف بها، عبد العزيز بن حبتور، لتولي منصب الأمين العام للحزب، إلى جانب تعيين القيادي المقرب من الجماعة طارق الشامي أمينا عاما مساعدا، لغرض إكمال السيطرة على قرار الحزب بما يخدم مصالح الجماعة وتوجهاتها، خصوصا على صعيد التطابق مع موقفها خلال المفاوضات المرتقبة التي يجري التحضير لاستئنافها من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث. وبحسب تقديرات المصادر، فإن قيادات «المؤتمر» التي بقيت خاضعة للميليشيات الحوثية بعد مقتل زعيم الحزب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، حاولت الانحناء للعاصفة الحوثية، ولا تزال، ويبدو أنها لا تريد التوقف إلا بالاستيلاء الكامل على قرار الحزب واستقطاب قواعده وتحييد قيادات الخارج.
وكشفت المصادر الحزبية التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية رفضت رفضا قاطعا إعادة مقرات الحزب وأمواله ووسائله الإعلامية التي نهبتها، بعد مقتل صالح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقالت: إن المحاولات المستمرة التي بذلها القيادي صادق أمين أبو راس ويحيى الراعي، على هذا الصعيد باءت بالفشل، كما فشلت أيضا مساعيهما لدى الجماعة لوقف أعمال التنكيل المستمرة بحق قيادات الحزب وأعضائه في صنعاء وبقية المحافظات.
وكانت الجماعة الحوثية قد فرضت على قيادات الحزب بعد مقتل صالح اختيار صادق أمين أبو راس زعيما للحزب خلفا لصالح في اجتماع غير قانوني، كما فرضت تعيين عدد من الموالين لها أعضاء في اللجنة العامة للحزب (المكتب السياسي والتنفيذي) للحزب. من ضمنهم القيادي حمود عباد المنتمي سلاليا إلى زعيم الجماعة، وهو بحسب اتهامات وجهت له، أحد أبرز المشاركين في دعم الميليشيات أثناء عملية قمع انتفاضة صالح التي انتهت بمقتله والتنكيل بقيادات حزبه.
وبحسب ما ذكرته المصادر، فإن الجماعة الحوثية طلبت من قيادات «مؤتمر صنعاء» التوقف عن أي حديث بخصوص إطلاق سراح المختطفين من أعضاء الحزب، أو تجديد المطالبة بإطلاق أقارب صالح المحتجزين لديها منذ مقتله، وشددت عليهم بأن الأولوية هي للتركيز على عملية تحشيد المقاتلين والمجندين والتبرع بالأموال لصالح المجهود الحربي.
وقالت المصادر إن رئيس حكومة الانقلاب الحوثية عبد العزيز بن حبتور، المحسوب على الحزب استدعى قبل يومين، القيادي والنائب في البرلمان والزعيم القبلي زيد أبو علي الذي فرضته الجماعة خلفا للبركاني في موقع رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، للتشاور معه في كيفية حشد تأييد القيادات لتعيينه هو الآخر في منصب الأمين العام للحزب، وهو الموقع الشاغر منذ مقتل الأمين العام السابق والقيادي البارز عارف الزوكا برفقة صالح على أيدي الجماعة الحوثية.
وعلى الرغم من أن القيادي في الحزب زيد أبو علي من عناصر الحزب الذين تعرضوا لمضايقة الميليشيات وانتهاكاتها أكثر من مرة، سواء في صنعاء أم في مسقط رأسه في محافظة المحويت، فإن مصادر مقربة منه أفادت بأنه توصل أخيرا إلى تفاهمات مع الجماعة الحوثية، منحته الإبقاء على نفوذه وأمواله مقابل الولاء والخضوع لها وتلبية ما تطلبه منه.
وأكدت المصادر أن أغلب قيادات الحزب في صنعاء، باتوا غير قادرين على رفض أي طلب من الجماعة الحوثية، في الوقت الذي انخرط كثير منهم في خدمتها طمعا في الإغراءات المالية التي تقدمها وخوفا من بطشها في الوقت نفسه.
وبخصوص توحيد المواقف بين هذه القيادات وقيادات الخارج في الجناح الحزبي الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح، كشف أكثر من مصدر في الحزب، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في صنعاء، أن هناك تنسيقا تاما مع قيادات الخارج، بخصوص المواقف المتعلقة باستئناف المفاوضات، إلى جانب التنسيق غير المعلن مع قيادات الحزب المؤيدة للشرعية.
وقالت المصادر إن قيادات صنعاء يطلعون قيادات الخارج على كل جديد، يتعلق بضغوط الميليشيات الحوثية، كما أنهم يخبرونهم أن أغلب قراراتهم مفروضة عليهم من قبل الجماعة، وهو الأمر الذي يلقى تفهما من قيادات الخارج التي ترى أن كل تصرفات رفاقهم في الداخل مبررة تماما بحكم الإرهاب الذي تمارسه الجماعة الحوثية عليهم.
في غضون ذلك عقد قادة «المؤتمر» في صنعاء، اجتماعا، قبل يومين في صنعاء، برئاسة صادق أمين أبو راس، وبحضور يحيى الراعي، وقيادات أخرى، مع قيادات فروع الحزب في صنعاء وفي المحافظات والجامعات، بعد أن أذنت لهم الجماعة الحوثية بالانعقاد تحت مراقبة أمنية منها.
وذكرت المصادر الرسمية للحزب أن الاجتماع استعرض الجهود المبذولة من أجل وقف انتهاكات الجماعة الحوثية ضد أعضاء الحزب وإطلاق المعتقلين واستعادة المقرات والوسائل الإعلامية، وأكد أنها جهود مستمرة، كما استعرض الاجتماع «آخر التطورات على الساحة الوطنية والتنظيمية».
على صعيد متصل، قال القيادي في الحزب أبو بكر القربي، وهو وزير خارجية أسبق أيام حكم صالح، ومن قيادات «المؤتمر» البارزين في الخارج، إنه غادر القاهرة بعد لقاءات مع قيادات الحزب، جعلته واثقا أن مساعي خصوم الحزب من أجل شقه قد فشلت.
وأوضح القربي في تغريدة على «تويتر» أن «حزب المؤتمر أكثر تماسكا وأصلب عودا وأن قيادات الداخل والخارج موحدة في الانتماء والهدف... وأن ما يروج له من خلافات بينها لا صحة له إلا في عقول المتآمرين عليه» على حد قوله.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

فريق تابع للبعثة الأممية لتنفيذ اتفاق الحديدة بعد انتزاع الألغام المحيطة بمؤسسة غذائية يمنية (الأمم المتحدة)
فريق تابع للبعثة الأممية لتنفيذ اتفاق الحديدة بعد انتزاع الألغام المحيطة بمؤسسة غذائية يمنية (الأمم المتحدة)
TT

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

فريق تابع للبعثة الأممية لتنفيذ اتفاق الحديدة بعد انتزاع الألغام المحيطة بمؤسسة غذائية يمنية (الأمم المتحدة)
فريق تابع للبعثة الأممية لتنفيذ اتفاق الحديدة بعد انتزاع الألغام المحيطة بمؤسسة غذائية يمنية (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع كشف الأمم المتحدة عن مقتل وإصابة قرابة 100 مدني في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية من محافظة الحديدة اليمنية خلال العام الماضي، رصدت دراسة استقصائية مقتل العشرات من المدنيين والمسافرين والمزارعين في محافظة مأرب خلال العامين الماضيين.

وأفادت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق ستوكهولم الخاصة بالحديدة (أونمها) بمقتل وإصابة 93 مدنياً في الحديدة خلال العام الماضي، بواقع 41 قتيلاً و52 مصاباً إصاباتهم متفاوتة الخطورة.

وبحسب البعثة الأممية التي تأسست مطلع عام 2019، فإن المناطق التي تصل إليها ولايتها في المحافظة شهدت خلال تلك الفترة 61 حادثة انفجار ناجمة عن الألغام التي زرعتها الجماعة الحوثية ومخلفات الحرب، وبلغت نسبة النساء والأطفال من ضحايا تلك الانفجارات 40 في المائة.

وتوزعت حوادث الانفجار على 10 مديريات في المحافظة، وشهدت مديريات الدريهمي والحالي والحوك، القريبة من مركز المحافظة باتجاه الجنوب، غالبية تلك الانفجارات.

فريق عسكري سوداني يمني أثناء إزالة قرابة 5 آلاف لغم في محافظة الحديدة بدعم سعودي (أ.ف.ب)

وعدّت «أونمها» محافظة الحديدة من أكثر المحافظات اليمنية تلوثاً بالألغام، نتيجة كثافة زراعتها العشوائية بالألغام الحوثية، خصوصاً في مناطق مأهولة بالسكان، ما يُمثل تهديداً مستمراً لحياة المدنيين، وعائقاً أمام عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية.

وشهد العام الماضي انخفاضاً في عدد الحوادث والضحايا إلى النصف تقريباً مقارنة بالعام السابق له، بناءً على تقرير البعثة التي حذرت، رغم ذلك من أن اليمن لا يزال متأثراً بشدة بالمخلفات المتفجرة.

وكانت البعثة أعلنت عن مقتل وإصابة 31 مدنياً بينهم 8 أطفال، جراء 7 حوادث انفجار ألغام أرضية ومقذوفات من مخلفات الحرب في المحافظة، خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

حصار سكان مأرب

وثقت مؤسستان محليتان في محافظة مأرب اليمنية (173 كيلومتراً شرق صنعاء) 68 حالة قتل وإصابة بسبب الألغام خلال الفترة منذ مطلع العام قبل الماضي، وحتى نهاية الثلث الثالث من العام الماضي.

آلاف الإصابات التي أدى الكثير منها إلى إعاقات دائمة ليمنيين بسبب الألغام (أ.ف.ب)

وبينت دراسة استقصائية نفذتها كل من مؤسسة «سد مأرب للتنمية الاجتماعية» و«تحالف ميثاق العدالة لليمن» ضمن «مشروع ساند لمناصرة ضحايا الألغام» أن الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) من عام 2023 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي شهدت 29 واقعة انفجار، تسببت في 68 حالة قتل وإصابة منهم، بواقع 22 حالة وفاة 46 إصابة متفاوتة الخطورة لمدنيين من المسافرين والمزارعين.

وتصدر الأطفال فئات الضحايا الذين تم توثيقهم بعدد 31 طفلاً، ثم الرجال بعدد 30 رجلاً، و6 نساء، ومسن واحد، وتسببت الإصابات في 12 حالة إعاقة.

وأظهرت الدراسة أن 26 فرداً من الضحايا هم من أبناء محافظة مأرب، و25 ضحية من النازحين إليها بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية، و12 من المسافرين في طرق المحافظة، كما أن من بين الضحايا 4 من المزارعين.

عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

وسقط الضحايا في 6 مديريات من مديريات المحافظة، وفقاً للدراسة التي بينت أن 69 في المائة من حوادث انفجارات الألغام والذخائر من مخلفات الحرب تقف خلفها الجماعة الحوثية، بينما تقف أطراف مجهولة أو موالية للجماعة خلف 31 في المائة من الانفجارات.

كما أُصيب طفل في الحادية عشرة من عمره بجروح بليغة جراء انفجار جسم متفجر من مخلفات الحوثيين جنوب غربي محافظة مأرب، بعد يومين من مقتل أحد السكان في انفجار جسم غريب من مخلفات الحرب عثر عليه بالقرب من منزله.

وطبقاً للمصادر، فإن أحد سكان مديرية صرواح عثر على جسم غريب من مخلفات الحرب قرب منزله، فسارع إلى محاولة إبعاده عن المنزل لحماية عائلته منه، إلا أن الجسم انفجر متسبباً في مقتله في الحال.