اللاجئون الفلسطينيون ينظمون صفوفهم في «قوة أمنية» بالتنسيق مع الدولة اللبنانية

الرئيس الفلسطيني رصد 75 ألف دولار لإطلاقها في «عين الحلوة».. ومصاريف شهرية بقيمة 35 ألف دولار

عناصر من القوة المدنية الفلسطينية المشتركة قبيل بدء الانتشار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان أمس (رويترز)
عناصر من القوة المدنية الفلسطينية المشتركة قبيل بدء الانتشار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان أمس (رويترز)
TT

اللاجئون الفلسطينيون ينظمون صفوفهم في «قوة أمنية» بالتنسيق مع الدولة اللبنانية

عناصر من القوة المدنية الفلسطينية المشتركة قبيل بدء الانتشار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان أمس (رويترز)
عناصر من القوة المدنية الفلسطينية المشتركة قبيل بدء الانتشار في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بجنوب لبنان أمس (رويترز)

نجحت الفصائل الفلسطينية في لبنان، وللمرة الأولى منذ عشرات السنوات، بإنشاء قيادة سياسية موحدة، وبعدها لجنة أمنية عليا، وبتحقيق اتفاق كامل على إنشاء قوة أمنية مشتركة تضم عناصر يمثلون جميع التنظيمات يتولون حفظ الأمن في مخيم «عين الحلوة» على أن يسري ذلك أيضا على باقي المخيمات الـ11 المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، لمواجهة مخاوف من استعمال المتشددين المخيمات الفلسطينية في البلاد قواعد خلفية لعملياتهم الأمنية.
وكانت القيادة السياسية الفلسطينية واللجنة الأمنية الفلسطينية العليا في لبنان بدأتا قبل نحو ثلاثة أشهر بالعمل على إعداد خطة لضبط الوضع الأمني في المخيم الذي طالما كان مسرحا لاشتباكات وعمليات اغتيال، خصوصا أن عددا كبيرا من المطلوبين للسلطات اللبنانية يقيمون فيه.
ووصف مسؤول حركة حماس في لبنان علي بركة انتشار القوة الأمنية في «عين الحلوة» بـ«الإنجاز الفلسطيني في سياق المحافظة على المخيمات والسلم الأهلي في لبنان»، موضحا أنها «خطوة أولى على طريق إمساك أمن كل المخيمات في لبنان». وقال بركة لـ«الشرق الأوسط» إنه سيجري «تقييم الخطة بعد ثلاثة أشهر على أن تنتشر بعدها قوة أخرى في مخيم آخر، رجح أن يكون مخيم البداوي الواقع شمال البلاد على أن توجد القوة في كل المخيمات دون استثناء بإشراف اللجنة الأمنية العليا والتنسيق التام مع الأجهزة الأمنية اللبنانية».
وشدد بركة على أن القوة الأمنية «ليست بسياق سعي لأمن فردي فلسطيني، بل لتحقيق تكامل مع الأجهزة اللبنانية، فلا تكون المخيمات عبئا على لبنان»، وقال: «مشروعنا العودة إلى أرضنا ولا نسعى لأن نكون مرتزقة عند أي طرف أو تكون مخيماتنا صندوق بريد».
بدورها، كشفت مصادر حركة فتح في «عين الحلوة» لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم لعبا دورا أساسيا في نجاح الخطة، لافتة إلى أن عباس (أبو مازن) رصد مبلغ 75 ألف دولار أميركي لإطلاق القوة المشتركة، كما جرى تخصيص مبلغ 35 ألف دولار مصاريف شهرية.
وبدأ عشرات المسلحين الفلسطينيين يجوبون أرجاء «عين الحلوة» الذي لا تتخطى مساحته الكيلومتر المربع الواحد، بعد احتفال نظمته الفصائل لإطلاق عمل القوة المشتركة يوم أمس. وارتدى العناصر الـ150 زيا موحدا عسكريا، وحملوا أسلحة أمّنتها لهم الفصائل التي فرزتهم.
وجرى تخصيص سيارتين رباعيتي الدفع وأربع دراجات نارية للعناصر الذين سيكون لهم أربعة مقرات داخل المخيم؛ الأول في سوق الخضراوات، والثاني قرب جامع الصفصاف، فيما الثالث عند مدخل المخيم الشمالي لجهة حي الطوارئ، والرابع في بستان القدس حيث المركز الرئيس للقوة.
وكانت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان أطلقت نهاية مارس (آذار) الماضي مبادرة للتصدي للفتنة المذهبية ومنع وقوع اقتتال فلسطيني - لبناني أو فلسطيني - فلسطيني، جددت فيها التزامها بسياسة الحياد الإيجابي ورفض الزج بالفلسطينيين في التجاذبات والصراعات الداخلية اللبنانية.
وأوضحت المصادر أن القوة الأمنية نتاج المبادرة السابق ذكرها، لافتة إلى أنها ستكون أشبه بـ«شرطة مجتمعية» تحظى بغطاء سياسي فلسطيني، كما بغطاء لبناني سياسي وقانوني.
وقد جرى، وبحسب المصادر، إعطاء السلطات اللبنانية كامل التفاصيل عن هويات العناصر الـ150 لتأمين الغطاء القانوني لهم، أي أنه وفي حال اشتبكوا مع أحد المطلوبين أو المخلين بالأمن داخل المخيم، لا يُعاملون كطرف مخل بالأمن أيضا.
وبدا معظم اللاجئين الفلسطينيين في المخيم مرحبين بالقوة الأمنية الجديدة، ووقف بعضهم أمام واجهات محالهم التجارية الصغيرة والمتواضعة يراقبون عن كثب مراحل عملية الانتشار وكيفية توزع العناصر على مقراتهم. وقال أبو أحمد، وهو لاجئ في المخيم منذ 40 عاما في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «حان الوقت لوضع حد للملف الأمني كي ننصرف لتنمية اقتصادنا الذاتي، فنحن نعاني الأمرين بتأمين لقمة العيش بوصفنا ممنوعين من ممارسة عشرات المهن في لبنان».
وتوقع أبو أحمد أن تنجح القوة الأمنية بفرض الأمن داخل المخيم «كونها تحظى بغطاء سياسي أمنته كل الفصائل بخلاف العناصر الأمنيين الذين كانوا موكلين بأمن المخيم بوقت سابق».
وأكد عبد المقدح المعروف بـ«أبو بسام» مسؤول «الصاعقة» في مخيم «عين الحلوة» أن للقوة الأمنية صلاحية «الضرب بيد من حديد وتوقيف المخلين بالأمن»، مشيرا إلى أن أولويتها ستكون منع أي انعكاسات سلبية لما يحصل في لبنان والمنطقة داخل المخيمات.
وقال المقدح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ننسق بشكل كامل مع السلطات اللبنانية، وما نسعى إليه رص صفوفنا كي تكون وجهتنا واحدة، وهي فلسطين»، وعدّ أن ما يحكى عن وجود خلايا نائمة لـ«كتائب عبد الله عزام» التابعة لتنظيم القاعدة، داخل «عين الحلوة».. «أمرا مبالغا فيه».
وادعت المحكمة العسكرية الشهر الماضي على 15 شخصا قالت إنهم خضعوا لدورات تدريبية في «عين الحلوة» وفي سوريا، لصناعة المتفجرات ووصلها بأسلاك كهربائية واستعمال الأسلحة وتفخيخ السيارات، ولفتت إلى أنه جرى تفخيخ إحدى السيارات داخل المخيم.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.