رئيس «كونغرس التبو»: أقليات ليبيا تعاني التهميش

قال لـ«الشرق الأوسط» إن المتطرفين يثيرون نعرات قبلية بدعم من أطراف إقليمية

عيسى عبد المجيد («الشرق الأوسط»)
عيسى عبد المجيد («الشرق الأوسط»)
TT

رئيس «كونغرس التبو»: أقليات ليبيا تعاني التهميش

عيسى عبد المجيد («الشرق الأوسط»)
عيسى عبد المجيد («الشرق الأوسط»)

قال رئيس «كونغرس قبيلة التبو» المستشار السابق لرئيس مجلس النواب الليبي عيسى عبد المجيد، إن الجماعات المتطرفة تثير النعرات القبلية في ليبيا، مشيراً إلى أن الأقليات، ومنها قبائل التبو والطوارق الأمازيغ «تعاني من التهميش والفقر، رغم وجودها في مناطق غنية بالنفط والغاز».
وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن عسكريين من قبيلته يشاركون الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر «في مكافحة الإرهاب والحرب على الجماعات المتطرفة، لفرض الاستقرار في عموم البلاد». وحمَّل التدخلات الإقليمية وقوى الإسلام السياسي مسؤولية إثارة القلاقل القبلية في الجنوب الليبي، مشيراً إلى أن «جماعة الإخوان ومجموعات متطرفة أخرى تسعى لاستمرار الفوضى وإثارة النعرات القبلية، حتى تتمكن من تنفيذ أغراضها وخططها العابرة للحدود انطلاقاً من ليبيا».
وكان عبد المجيد معارضاً لنظام معمر القذافي، وتزعم في ذلك العهد «جبهة تحرير التبو». وشغل بعد مقتل القذافي موقع مستشار رئيس مجلس النواب. وشكَّل مع قادة آخرين، مطلع العام الماضي، «الكونغرس التباوي»، وانتخب رئيساً له، على غرار مكونات قبلية غير عربية في شمال أفريقيا لديها امتداد قبلي كبير داخل ليبيا، منها «الكونغرس الأمازيغي»، و«المجلس الأعلى للطوارق». لكنه قال إن «التبو في ليبيا ليبيون، ولدينا عسكريون يحاربون مع الجيش الوطني لتحرير ليبيا من الإرهاب».
ويتركز وجود قبيلة التبو البالغ عددها نحو نصف مليون نسمة، في مسارات للهجرة غير الشرعية في وسط شمال أفريقيا، خصوصاً في ليبيا وتشاد والنيجر والسودان. وفي داخل ليبيا ينتشر قسم منها في حوض مرزق النفطي الضخم وفي مناطق غنية بالموارد الطبيعية. ودخل الفرع الليبي من القبيلة في السنوات الماضية في نزاع مع قبائل تزاحمه على النفوذ، خصوصاً في مدينة سبها التي تعد عاصمة لإقليم فزان التاريخي (جنوب غرب)، ومدينة الكُفرة (جنوب شرق).
ويرتبط عبد المجيد بعلاقات جيدة مع زعماء في داخل ليبيا وفي تشاد والنيجر. وساهم أخيراً في حل مشاكل قبلية عدة في الجنوب الليبي. ويرى أن الأطراف الأجنبية حين تتدخل هناك، فإنها تزيد الوضع تعقيداً، لأن عيونها على النفط والغاز. وقال إن «حلحلة المشاكل، سواء قبلية أو سياسية، لا بد أن تكون من داخل ليبيا».
ووقعت معارك دامية في المنطقة الجنوبية، كان آخرها بين قبيلة أولاد سليمان وقبيلة التبو في الجنوب الغربي، وبين قبيلة الزوية وقبيلة التبو في الجنوب الشرقي. وقال عبد المجيد إن «من افتعل الصراعات القبلية في هذه المناطق جماعة الإخوان، وذلك منذ أواخر عام 2011 في مدينة الكُفرة. ثم في 2012 في مدينة سبها. وتكررت في سبها في 2014 وكذلك تكررت في الكُفرة فيما بعد».
ورأى أن «مثل هذه الجماعات التي تصف نفسها بأنها جماعات إسلامية لا تريد الاستقرار للجنوب الليبي. يضعون السم في العسل. ويحرضون بين القبائل، بينما في الحقيقة لا توجد خلافات قديمة وجوهرية بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو. وفي الوقت الراهن يتسم الوضع في سبها بالهدوء الحذر، ونتمنى السلامة والاستقرار والأمن للجنوب». وأضاف أن هذه المجموعات «لديها أجندة خاصة. استغلت فوضى ما بعد القذافي، وأتت إلى الكُفرة لتكون مركز انطلاق لها في الجنوب الشرقي. هؤلاء لهم استراتيجية للسيطرة على الحدود من أجل إدخال الأسلحة والحقائب المتفجرة وغيرها، وتحريك مجموعات متطرفة عبر حدود بلدان الجوار. ومن خلف هؤلاء هناك دول تدعم الإرهاب، وتدعم المجموعات المتطرفة».
وأدت وساطات محلية إلى تهدئة الوضع أخيراً في جنوب شرقي ليبيا. وقال عبد المجيد: «نتمنى ألا ندخل في دوامة أخرى».
وتشكو قبائل غير عربية في ليبيا «تهميش حقوقها» في مسودة الدستور الجديد، رغم مشاركتها بقوة في عمليات الجيش ضد المتطرفين. ولا يحبذ معظمها إجراء انتخابات نيابية ورئاسية في الظروف الأمنية الراهنة. وقال عبد المجيد إن مسودة الدستور ستفرز «دستوراً معيباً». وأضاف: «نحن نطالب بدستور ليس فيه إجحاف لحقوق التبو والأقليات، سواء الطوارق أو الأمازيغ. نحن لن نقبل بهذا الدستور إلا بعد تعديله».
ومن المعروف أن ضعف السلطة المركزية في ليبيا وهشاشة حدودها الجنوبية تسببا في تفاقم الوضع الأمني، وارتفاع عدد المتسللين إلى داخل البلاد، إضافة إلى الصراع بين القبائل في تلك المناطق الجنوبية. واستخدم مسلحون من قبائل في الجنوب أسلحة ثقيلة ضمن موجة من الاحتراب الأهلي المستعر. ولا توجد قوات نظامية تذكر للمساعدة في فرض السلام الدائم هناك، لا من جانب قوات المجلس الرئاسي الذي يقوده فائز السراج، ولا من قوات الجيش الذي يقوده حفتر.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.