تونس تحتفل بعيدها الوطني وسط خلافات وغموض سياسي

تعمق الهوة بين القيادات النقابية والبرلمانية ورأسي السلطة التنفيذية

TT

تونس تحتفل بعيدها الوطني وسط خلافات وغموض سياسي

تحتفل الطبقة السياسية في تونس اليوم داخل مقر البرلمان بقصر ملوك تونس القدامى بالذكرى الـ61 لإسقاط النظام الملكي، وإعلان النظام الجمهوري من قبل الزعيم الوطني الراحل الحبيب بورقيبة ورفاقه.
وخلافا للأعوام السابقة، فإن الاحتفال السنوي، الذي يحضره رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، ومئات الشخصيات السياسية، يتميز هذا العام بتوتر الأجواء السياسية بسبب تعمق الهوة بين أبرز القيادات الحزبية والنقابية والبرلمانية من جهة، وبين رأسي السلطة التنفيذية من جهة ثانية.
وتتباين التقديرات لمدى قدرة رئيس الحكومة الشاب يوسف الشاهد على الصمود أمام معارضيه في قيادة الحزب، الذي ساهم في تأسيسه قبل 4 أعوام مع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وكان وراء تعيينه على رأس الحكومة خلفا للحبيب الصيد قبل عامين.
لكن الشاهد، الذي يتوقع أنصاره أن يعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة العام القادم، دخل منذ أشهر في خلاف مفتوح مع نجل رئيس الجمهورية والمسؤول التنفيذي الأول عن الحزب حافظ قائد السبسي، والمقربين منه الذين التحقوا بالزعامات النقابية، التي تطالبه بالاستقالة، أو بإدخال تغيير واسع على تركيبة الحكومة.
وتعقد المشهد السياسي التونسي بشكل أكبر لمّا طالب رئيس الدولة شخصيا رئيس حكومته في حوار مع قناة تلفزيونية خاصة بالاستقالة، أو بطرح الثقة في حكومته أمام البرلمان. كما تعمقت أزمة الثقة بين كبار الفاعلين في الحياة السياسية منذ أن عارضت قيادة حزب النهضة، صاحبة الكتلة الأولى في البرلمان، و4 كتل برلمانية صغيرة، إقالة رئيس الحكومة السابع، بحجة دعم الاستقرار السياسي.
وفي غضون ذلك، تعاقبت مبادرات ممثلي المؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية العالمية والأوروبية، التي توحي بدعم التمديد لحكومة يوسف الشاهد والاستقرار الحكومي. وكانت أبرز تلك المبادرات الإعلان عن تقديم دعم مالي كبير للدولة، يمكن أن يخفف من آثار حدة الضغوطات الاجتماعية التي تواجهها، وبينها المطالب برفع رواتب الموظفين ومنح المتقاعدين، والاستمرار في تقديم دعم للمؤسسات العمومية، التي تواجه صعوبات مالية هيكلية.
وتعتبر حكومة الوحدة الوطنية، التي يرأسها يوسف الشاهد، العاشرة منذ ثورة الإطاحة بحكم بن علي قبل 7 أعوام ونصف العام. وقد تسلم الشاهد الحكم قبل عام و10 أشهر، حيث شكل الصيف الماضي حكومته الثانية، التي تضم 15 وزيرا من حزب نداء تونس تحت ضغط معارضيه. وقد سبق لسلفه الحبيب الصيد أن شكل بعد انتخابات 2014 حكومتين، غالبيتهما من كوادر حزب نداء تونس أيضا. كما انفتحت حكومات الحبيب الصيد ويوسف الشاهد على سياسيين ونقابيين من تيارات مختلفة، بينهم 3 وزراء من حركة النهضة، و10 وزراء من أحزاب يسارية وليبرالية متفرقة، من بينها حركة آفاق، بزعامة الخبير المخضرم ياسين إبراهيم، والحزب الوطني الحر بزعامة رجل الأعمال سليم الرياحي، وحزب المسار اليساري بزعامة الخبير القانوني سمير الطيب.
وقبل انتخابات 2014 تشكلت حكومة التكنوقراط لمدة عام واحد، بزعامة المهندس في قطاع الطاقة والمناجم، وزير الصناعة الأسبق المهدي جمعة، الذي حدد اختياره بعد أن أسقطت القيادات النقابية والمعارضة حكومتين، شكلتهما حركة النهضة وحلفاؤها من بين الفائزين في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011؛ الأولى بزعامة المهندس حمادي الجبالي ودامت عاما و3 أشهر، والثانية بزعامة المهندس علي العريض ودامت 10 أشهر فقط.
وقد تشكلت في العام الأول بعد سقوط حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي 3 حكومات: اثنتان برئاسة محمد الغنوشي، رئيس وزراء بن علي، لكنهما سقطتا في أقل من شهرين. والثالثة بزعامة الباجي قائد السبسي ودامت 8 أشهر، وأشرفت على تنظيم انتخابات أكتوبر 2011.
وتؤكد مصادر مقربة من قيادات الحزب الحاكم أنه تم استقبال غالبية ممثلي الحزب في البرلمان من قبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وذلك في سياق جهوده لإقناعهم بتوحيد كتلتهم البرلمانية، التي انقسمت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. بعد أن استفحلت الخلافات بين عدد من زعماء الحزب المؤسسين والمنشقين عنه، بينهم وزراء ومستشارون في قصر الرئاسة.
وبعد أن وجهت أطراف سياسية كثيرة اتهامات لرئاسة الجمهورية بسبب ما اعتبرته «انشغالا بملفات حزبية»، أعلن نواب من حزب النداء أن رئيس الجمهورية سوف يستقبل مختلف الكتل البرلمانية على حد سواء، ليبحث معها جميعا مقترحات ومبادرات سياسية وطنية، بعيدا عن الأزمات الحزبية الداخلية، التي تشق حزب نداء تونس والخلافات بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ونجل الرئيس حافظ قائد السبسي.
وفي خضم هذه الأزمات يطرح سؤال جوهري: كيف ستخرج مختلف الأطراف المتصارعة من عنق الزجاجة؟
قد تمنح العطلة البرلمانية والإجازات الحكومية، التي تبدأ بعد أيام، ونجاح الموسم السياحي، ونجاح قطاعات اقتصادية كثيرة، هدنة للحكومة ورئيسها ولمؤسسات الدولة، ما يعني تأجيل السباق المبكر نحو خوض الانتخابات الرئاسية إلى شهر سبتمبر (أيلول) القادم.
لكنه في الأثناء... تتعقد الأسباب العميقة لانتفاضة شباب تونس، وبينها البطالة والتهميش والفقر، ما قد يؤدي إلى انفجارات سياسية اجتماعية أكثر عنفا وحدة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.