فرنسا تضغط لإنقاذ وساطتها في ليبيا

TT

فرنسا تضغط لإنقاذ وساطتها في ليبيا

سعت فرنسا مجدداً إلى إنقاذ وساطتها في ليبيا، إذ شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي زار طرابلس، أمس، على «ضرورة المضي قدماً في العملية السياسية، وفقاً لبنود اتفاقية باريس» التي تنص على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 10 ديسمبر (كانون الأول) في البلد الغارق في الفوضى.
ولدى لقائه مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، أمس، وضع لودريان زيارته في إطار التأكيد على تفاهمات «لقاء باريس» التي تم التوصل إليها في مايو (أيار) الماضي، وتذليل العقبات أمام المسار الديمقراطي وإجراء الانتخابات. وقال إنه جاء إلى ليبيا حاملاً «رسالة فرنسا لكل الشعب الليبي، لدعم مجمل القوى الليبية التي تكافح الإرهاب على كل الأراضي الليبية، ودعم الجهود الليبية فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية والتحكم بتدفقات الهجرة ومعاملة المهاجرين داخل ليبيا وما تنتظره ليبيا من دعم المجتمع الدولي». وأكد لودريان خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية في حكومة الوفاق محمد سيالة دعم فرنسا موارد الشعب الليبي التي يجب أن تستغلها السلطات الشرعية، وأن تكون في إطار من التكافؤ والمساواة، مشيراً إلى أن «ذلك كله لا يمكن أن يتحقق إلا بالخروج من الأزمة السياسية بإجراء الانتخابات». وأضاف أن فرنسا تدعم مخرجات «لقاء باريس» الذي يقضي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وستقدم في سبيل ذلك دعماً شاملاً تقنياً ومالياً عن طريق بعثة الأمم المتحدة، قبل أن يدعو ليبيا إلى الاعتماد على جيرانها وأصدقائها والمنظمات الإقليمية في سبيل حل مختلف الأزمات التي تواجهها.
وقال إن باريس ستضغط لمساعدة الليبيين على إجراء الانتخابات لحل الأزمة، مشيراً إلى أن «القادة الليبيين تعهدوا في باريس ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وفرنسا ستضغط لمساعدة الليبيين للذهاب في هذا الطريق». وأضاف أن «هذا ما يطمح إليه المواطنون الليبيون الذين أقبلوا بكثافة على التسجيل في اللوائح الانتخابية... بالتالي هذه هي الطريق التي يتعين المضي فيها وجئت لتذكير من قطعوا هذه الالتزامات بها وبهذا الجدول الزمني، وتقاسم هذا المسار مع من شاركوا في اجتماع باريس».
وأوضح أنه سيلتقي لاحقاً بممثلين عن القوات الليبية التي تكافح الإرهاب والقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وممثلين عن مدينة مصراتة.
وقال السراج في بيان وزعه مكتبه إنه أطلع لودريان على «التداعيات السلبية لما حدث من تطورات في منطقة الهلال النفطي، ومحاولات البعض للتنصل من تفاهمات باريس»، مؤكداً التزام حكومته بالمسار الديمقراطي والعمل على تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات بتقديم الدعم والتسهيلات للمفوضية العليا للانتخابات. وأكد ضرورة التزام الأطراف الأخرى بالاستحقاق الانتخابي وإعداد الإطار الدستوري لإجرائه في الموعد المقرر وأن ينتهي «أسلوب المناورات الذي ساد في الفترات الماضية». ودعا إلى «التركيز على إنجاح المسار السياسي والعمل على إنهاء محاولات العرقلة التي تقوم بها بعض الأطراف».
وعلى خلفية زيارة لودريان، عقد أمس اجتماع عسكري ليبي - فرنسي حضره وزير الخارجية الفرنسي، إضافة إلى وزيري الخارجية والدفاع في حكومة السراج وعدد من القادة العسكريين. وتطرق الاجتماع إلى عملية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وما حدث خلال الاجتماعات التي تمت في هذا الإطار من إنجاز على صعيد الهيكل التنظيمي ينتظر نجاحاً على المسار السياسي.
وجاءت الزيارة في وقت أعلن عضوا المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني علي القطراني وفتحي المجبري انسحاب إقليم برقة من الاتفاق السياسي الذي أبرم برعاية أممية في منتجع الصخيرات المغربي نهاية 2015. وعزا الرجلان في كلمة مصورة، أمس، قرارهما إلى «الانسداد الحاصل في المشهد السياسي وتوغل الميليشيات وسيطرتها على طرابلس». وأعلنا عقد اجتماع الخميس المقبل «لاتخاذ قرارات تتعلق باتفاق الصخيرات وحقوق إقليم برقة بحضور أعضاء مجلس النواب عن برقة وحكماء القبائل وزعمائها ومؤسسات المجتمع المدني والنشطاء».
إلى ذلك، نددت حكومة السراج، أمس، بإقدام مجموعة مسلحة مجهولة الهوية على اختطاف أربعة أشخاص بينهم قاضٍ في مدينة الجفرة على بعد 650 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة. وقال جهاز الشرطة القضائية في وزارة العدل إن واقعة الاعتداء المسلح أول من أمس في محكمة ونيابة ودان الجزئية، «نتج عنها اختطاف قاضٍ ووكيل نيابة وعضوين من أعضاء الجهاز مكلفين بالحراسة». واعتبر أن «الهدف من وراء عملية الاختطاف هو تهريب متهمين موقوفين على ذمة قضية تهريب وقود من قبل عصابة إجرامية مسلحة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».