النظام ينتشر قرب هضبة الجولان... ويفاوض للعودة إلى خط فض الاشتباك

معارضون عائدون إلى حضنه يقاتلون معه ضد «داعش»

TT

النظام ينتشر قرب هضبة الجولان... ويفاوض للعودة إلى خط فض الاشتباك

نفذ النظام السوري، أمس، المرحلة الثالثة من عمليات التهجير من محافظة القنيطرة الجنوبية، وبدأ مساراً جديداً للتفاوض مع المقاتلين في بلدة جباتا الخشب الواقعة بمحاذاة خط فض الاشتباك في هضبة الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل، وهو الخط الذي عاد النظام السوري إليه أمس إثر دخوله إلى منطقة الرفيد.
ووصلت إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال السوري، أمس، الدفعة الثانية من المهجرين من محافظة القنيطرة (جنوبي غرب)، وفق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرا بين روسيا والمعارضة.
وأفادت وكالة «الأناضول» التركية بأن 47 حافلة و21 سيارة مدنية، تقل ألفين و592 شخصا من المدنيين والمسلحين، وصلت إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حماة الشمالي. ومن هناك، اتجهت القافلة إلى مراكز إيواء معدة في إدلب وريف حلب الغربي شمال البلاد.
ومع وصول هذه الدفعة، يرتفع عدد المهجرين الواصلين من القنيطرة، إلى نحو 4 آلاف و100 شخص، فيما يتوقع وصول دفعات جديدة من المهجرين من المحافظة المذكورة في الأيام القلية المقبلة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن المرحلة الثالثة من عمليات التهجير من محافظة القنيطرة قد انتهت، لافتاً إلى أن أكثر 7 آلاف و300 مدني ومقاتل تم تهجيرهم إلى محافظة إدلب في الشمال السوري.
وتوصلت المعارضة السورية وروسيا الخميس الماضي، إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار، حيث تسلم بموجبه المعارضة المناطق التي تسيطر عليها في محافظة القنيطرة. ونص الاتفاق على أن تنتشر قوات النظام السوري في مناطق سيطرة المعارضة بالمحافظة، وستعود إلى مواقعها التي انسحبت منها بعد 2011، قرب الشريط الحدودي مع الجولان، أو ما يسمى خط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل، الذي تم التوصل إليه في 1974.
وبموجب الاتفاق، فإن الشرطة العسكرية الروسية ستتسلم، بشكل مؤقت، نقاط المراقبة التابعة للأمم المتحدة على خط وقف إطلاق النار، لحين عودة الجنود الأمميين إليها. لكن النظام السوري، وصل إلى خط فض الاشتباك أمس، لأول مرة منذ 4 سنوات، حيث أفاد «المرصد السوري» بدخول قوات النظام إلى منطقة الرفيد، وهي أول منطقة تدخلها قوات النظام ضمن منطقة وقف الاشتباك عام 1974.
ويسعى النظام للدخول إلى منطقة أخرى، هي بلدة جباتا الخشب، من خلال فتح باب التفاوض مع المعارضة السورية في البلدة الاستراتيجية، حيث أفيد بمشاورات للتوصل لبنود اتفاق تضم قوات النظام من خلاله بلدة جباتا الخشب إلى مناطق سيطرتها في الجنوب السوري.
وتشمل المفاوضات الأخيرة، إلى جانب جباتا الخشب، المناطق المتبقية في منطقة فض الاشتباك 1974، للتوصل إلى اتفاق يقضي بخروج الرافضين للاتفاق نحو الشمال السوري، وبقاء من يقبل وتسوية أوضاعه، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، ومنح مدة زمنية للمتخلفين عن خدمة التجنيد الإجباري للالتحاق بها و«تسوية أوضاعهم» على أن تعود المؤسسات الحكومية للعمل في هذه البلدات.
في هذا الوقت، تواصلت معارك النظام ضد «داعش» في منطقة حوض اليرموك، وتركزت على محاور تل الجموع و«الشركة الليبية» وقرية غدير البستان، دون تسجيل أي خرق استراتيجي. وتحدث ناشطون عن أن المواجهات العسكرية ترافقت مع قصف مكثف من الطيران الحربي على المناطق السكنية في المنطقة.
وذكرت وسائل إعلام النظام السوري أن الطائرات الحربية تستمر بقصفها لمناطق سيطرة التنظيم في منطقة جلين وسحم الجولان بريف درعا الغربي.
وتحدثت وسائل إعلام المعارضة عن انضمام مقاتلين وافقوا على التسوية مع النظام، إلى قواته المشاركة في العمليات العسكرية ضد «داعش». وقال موقع «عنب بلدي» إن مجموعات تسوية تشارك إلى جانب قوات الأسد والميليشيات المساندة لها في معاركها ضد تنظيم «داعش» بحوض اليرموك في ريف درعا الغربي.
وقال مصدر مطلع من ريف درعا للشبكة إن عناصر من فصائل «جيش الثورة» و«قوات شباب السنة» و«المجلس العسكري في القنيطرة» يقاتلون إلى جانب قوات الأسد في حوض اليرموك. وأضاف المصدر أن المشاركة تتركز على معظم المحاور، دون تحديد رقم دقيق للأعداد التي دخلت في سير العمليات العسكرية. وأشار «عنب بلدي» إلى أن النظام السوري طلب من الفصائل العاملة في مدينة نوى بريف درعا الغربي أن تجهز مجموعات مقاتلة في الساعات المقبلة للمشاركة في معارك الحوض أيضاً.
إلى ذلك، وثق «مكتب توثيق الشهداء في درعا» مقتل نحو 500 شخص منذ بدء العملية العسكرية في 19 يونيو (حزيران) الماضي. وقال «المكتب» عبر حسابه الرسمي في «فيسبوك» إن من بين القتلى 341 مدنياً قتلوا تحت قصف طيران النظام السوري المدعوم من الطيران الروسي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.