ملاحقات تطال ناشطين بسبب تغريدات تنتقد عون و«حزب الله»

مصدر قضائي يدافع عن الاستدعاءات باعتبارها {إجراءات قانونية}

TT

ملاحقات تطال ناشطين بسبب تغريدات تنتقد عون و«حزب الله»

تصاعدت وتيرة ملاحقة الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تغريدات وتدوينات تنتقد المسؤولين اللبنانيين، وباتوا عرضة للملاحقات من قبل الأجهزة الأمنية، بسبب آرائهم ومواقفهم الواردة على صفحاتهم، والتي تنتقد رئيس الجمهورية ميشال عون والمقربين منه و«حزب الله»، وبعض النافذين، وهو ما أثار غضب مجموعة من الناشطين الذين تداعوا لاعتصام يقام مساء اليوم في وسط بيروت، رفضاً لما سموه «سياسة التخويف وكم الأفواه والتضييق على الحريات العامة»، علما بأن حملة الاستدعاءات وجلسات التحقيق المطوّلة مع الناشطين، لم تقف حائلاً دون مضيهم بإطلاق مواقف تهاجم المسؤولين بشدّة.
وتوالت خلال الأسبوع الماضي عملية استدعاء الناشطين من قبل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية التابع للشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي وجهاز الأمن العام، وأبرزهم الناشط عماد بزّي، على خلفية انتقاده مشروع «أيدن باي» السياحي الذي يشيّد على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت، ولم يتمكّن بزّي من الحضور يوم الجمعة الماضي إلى جلسة التحقيق بسبب خضوعه لعملية جراحية، الأمر الذي انسحب على الناشط إيلي خوري الذي جرى استدعاؤه لجلسة تحقيق مماثلة أمام مكتب المعلوماتية اليوم الثلاثاء، قبل أن يتصل به المكتب ويبلغه تراجعه عن هذا الاستدعاء.
وحملت تغريدات خوري انتقادات لرئيس الجمهورية ميشال عون. ورأى خوري أن «غاية الاستدعاءات تخويف الشباب اللبناني». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن التدوينات التي يكتبها على صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي هي «مجرّد صرخة وجع لشاب عمره 25 عاماً». وقال: «لقد أطلقت صرخة مدوية ليعلم رئيس الجمهورية بالواقع الصعب وبمعاناة الشباب في هذا الوطن، وليس للإساءة إليه ولا من موقعه». وختم خوري: «ما قلته لا يعني إطلاق ثورة، بل تعبير عن وجعي الذي يشعر به كل لبناني، ومهما بلغت حملة الاستدعاءات فإنها لا تخيفني».
وبحسب القانون اللبناني فإن دعوى الحق العام لا تتحرّك تلقائياً، إلّا في حالات النيل من رئيس الجمهورية ومن السلطة القضائية ومن المؤسسة العسكرية، أما في باقي الملفات فإن القضاء لا يتحرك إلا بناء على ادعاء شخصي.
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاء يتحرّك فوراً عندما تنال التغريدات من رئيس الجمهورية الذي يمثّل رمز البلاد»، مؤكداً أن «التحقيق مع هؤلاء يجري بإشراف النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود». ولفت المصدر القضائي إلى أن «الاستماع إلى الناشطين لا يعني تخويفهم أو ممارسة القمع وخنق الحريات، بقدر ما هو إجراء قانوني يبدأ بناء على شكوى، وينتهي بقرار يتخذه المدعي العام بناء على تقييمه لمضمون التحقيق».
وخضع الناشط محمد عوّاد لتحقيق مماثل أمام جهاز الأمن العام اللبناني، على خلفية مقالات وتغريدات طالت «حزب الله» وتورطه في الحرب السورية، وأوضح عواد أن دورية تابعة لشعبة المعلومات في الأمن العام، كانت تنتظره أمام منزله في فرن الشبّاك، وأثناء توجهه إلى عمله اقتادته إلى مركزها في المتن (جبل لبنان). وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن «المحققين بالغوا في معاملته بلياقة». لكنه لفت إلى أنهم أخذوا منه هاتفه وجهاز الكومبيوتر (لابتوب)، واطلعوا على المعلومات الموجودة فيهما، ومحادثاته عبر خدمة «واتساب».
وكان عوّاد نشر مقالاً على موقع «لبنان الجديد»، ركّز فيه على الجهد الذي يبذله «حزب الله» لـ«تغيير الهيرمونات الدماغية للشباب الشيعي، من أجل دفعهم إلى القتال والتضحية بهم في الساحة السورية».
وشدد الناشط عوّاد على أنه «ماضٍ في التصويب على أخطاء السياسيين وكلّ الأحزاب، ولا أحد فوق النقد، من (حزب الله) إلى حركة (أمل) وتيار (المستقبل) والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وكلّ أحزاب السلطة».
ودعا مجموعة من الناشطين غير المنتمين إلى أحزاب وقوى سياسية، إلى اعتصام سلمي يقام عند السابعة من مساء اليوم الثلاثاء في حديقة الصحافي سمير قصير، احتجاجاً على حملة الاعتقالات والتوقيفات لناشطين على خلفية كتابات ومنشورات على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، تتعلق بآرائهم ومواقفهم من القيادات السياسية والأحزاب الحاكمة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.