المالكي يتهم خصومه السياسيين باستثمار طاقات الشباب في التطرف والميليشيات

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في «الملتقى العربي لدور الشباب في التنمية البشرية» الذي بدأ أعماله في بغداد أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في «الملتقى العربي لدور الشباب في التنمية البشرية» الذي بدأ أعماله في بغداد أمس
TT

المالكي يتهم خصومه السياسيين باستثمار طاقات الشباب في التطرف والميليشيات

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في «الملتقى العربي لدور الشباب في التنمية البشرية» الذي بدأ أعماله في بغداد أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يلقي كلمة في «الملتقى العربي لدور الشباب في التنمية البشرية» الذي بدأ أعماله في بغداد أمس

بعد أقل من أسبوع على إعلانه الحرب على الميليشيات والخارجين عن القانون، وهو ما أثار حفيظة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس من سماهم «البعض»، في إشارة إلى خصومه السياسيين وفي مقدمتهم التيار الصدري، باتباع «عملية استثمار سيئ للشباب في التطرف والطائفية والاقتتال والميليشيات».
وكان الصدر قد رد على دعوة المالكي الأخيرة قبل أقل من أسبوع إلى نبذ الميليشيات، باتهام رئيس الوزراء (زعيم ائتلاف دولة القانون) بدعم ميليشيات معينة (في إشارة إلى «عصائب أهل الحق»). وفي معرض رده على سؤال وجه إليه من قبل أحد أتباعه بشأن تحذيرات المالكي من عودة الميليشيات، قال الصدر: «نعم لا عودة للميليشيات، فلتترك الحكومة دعم الميليشيات رسميا، وألا تؤسس ميليشيات لدعم الطائفية وحكومتها».
المالكي قال في كلمة له خلال الملتقى العربي لدور الشباب في التنمية البشرية الذي عقد في بغداد أمس، إنه «يجب أن نعيد المؤسسات الثقافية إلى الصدارة والواجهة لتأخذ دورها في رسم المستقبل الواعد والمستوحى من الواقع، من خلال استلهام التجارب البشرية التي تقدمت خطوات في هذا المجال»، مؤكدا: «لن نكون جزيرة معزولة عن تطور الفكر العالمي». وأضاف المالكي: «نحن نؤمن بأن الاستثمار في الإنسان هو خير استثمار، ومن خلال عزيمة العراقيين وما يصدر هنا وهناك من مؤسساتنا المتعلقة بالتنمية فهي باتجاه العودة المتوثبة والمستفيدة من التجربة السابقة بمرارتها ومن تجارب الآخرين بحلاوتها».
وعدّ المالكي أن «الشباب هم رصيد الأمة ومستقبلها، وفي الوقت الذي نتجه فيه نحو استثمار إيجابي في مجتمعاتنا، فهناك عملية استثمار سيئ يقوم بها البعض»، متهما هذا «البعض» بـ«السعي لاستثمار الشباب في التطرف والطائفية والاقتتال وتشكيل الميليشيات».
وشدد رئيس الوزراء العراقي على ضرورة «رفع مستوى الشباب الثقافي والتواصل مع العالم وتثقيف المواطن بأهمية أن تكون الثقافة هي الحاكمة، وليست العودة للجاهلية.. إلى ما هو مدمر لبنية المجتمع والدولة»، لافتا إلى أن «الشباب هم الطاقة المحركة للبلد ويجب التركيز على المؤتمرات التي تنميهم وتعطيهم الفرصة الكاملة للتطور والدراسة والمتابعة العلمية والتطور، حتى لا يضيعوا». ودعا المالكي جميع مؤسسات الجامعة العربية إلى أن «ترعى مؤتمرات كهذه، التي قدمت إلى حد الآن العديد من الدورات والخبرات لعدد كبير من الموظفين العراقيين».
من جانبه، كشف عدنان السراج، القيادي في ائتلاف دولة القانون ورئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المالكي، وفي إطار سعيه لإطلاق مبادرة شبابية على غرار سلسلة مبادراته في السكن والتعليم والزراعة، وجه (بيت الحكمة) بالتزام 1000 شاب من أجل أن يكونوا قاعدة أساسية في مجال العلوم والبحوث والتنمية البشرية المستدامة، وذلك في ضوء الخطط التي يعمل بها (بيت الحكمة) بوصفه مؤسسة معرفية متكاملة». وأضاف السراج أن «الهدف من رعاية هذا العدد من الشباب هو أن يكونوا ركيزة على الأصعدة العلمية والبحثية؛ حيث سيجري تنظيم دورات وورشات عمل، وذلك بهدف استيعاب جهودهم وقدراتهم في الميادين المختلفة»، مشيرا إلى أن «(بيت الحكمة) سيحدد الآليات الخاصة بذلك خلال الفترة المقبلة».
وبشأن اتهام المالكي جهات معينة باستثمار خاطئ للشباب وما إذا كان جزءا من دعوته لمحاربة الميليشيات، قال السراج إن «دعوة المالكي تأتي بهدف خلق قيادة واعية للشباب، لأن هناك من يحاول استثمار جوانب التخلف والجهل، وبالتالي، فإن تنمية الجوانب العلمية لدى الشباب من أجل أن يقطع الطريق أمام كل من يحاول العمل باتجاه مضاد». وأوضح السراج أن «العراق يريد تكاملا على صعيد الشباب العربي، وهو ما حاولت البحوث والدراسات التي قدمت خلال المؤتمر تأكيده»، مضيفا أن «قطع دابر الإرهاب إنما يجري من خلال الاستثمار الواعي لقدرات الشباب، من خلال وضع استراتيجية واضحة للابتعاد عن العنف وفكر التطرف».
على صعيد آخر، أكد رئيس الوزراء العراقي للرئيس الإيراني حسن روحاني في اتصال هاتفي أمس أن العراق سيلاحق قتلة عمال إيرانيين قضوا في هجوم مسلح شمال شرقي بغداد، حسبما أفاد بيان رسمي. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد جاء في بيان رئاسة الوزراء أن المالكي تلقى أمس اتصالا من روحاني جرى خلاله البحث في «الحادث الإجرامي الذي تعرض له عدد من العمال العراقيين والفنيين الإيرانيين العاملين ضمن شركة إيرانية» تعمل على إكمال مد أنبوب للغاز. وأضاف البيان أن الرئيس الإيراني أكد أن «هذه الجرائم لا تؤثر على مستوى التعاون بين البلدين، فيما شدد دولة رئيس الوزراء على أن التحقيقات مستمرة، وستتم ملاحقة الإرهابيين ومن تعاون معهم بارتكاب هذه الجريمة».
وقتل 15 إيرانيا وثلاثة عراقيين يعملون في موقع أنبوب للغاز بمحافظة ديالى شمال شرقي بغداد الجمعة الماضي. وغالبا ما يتعرض الزوار الإيرانيون الشيعة لهجمات في العراق لدى توجههم إلى العتبات الشيعية في كربلاء والنجف وسامراء.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.