فنان بولندي يرصد مشاهد من حياة المصريين في «كادرات ثابتة»

معرضه القاهري الأول يضم 18 لوحة

TT

فنان بولندي يرصد مشاهد من حياة المصريين في «كادرات ثابتة»

بائع السميط، بائعة الخضراوات، بائع العرقسوس، الأسواق الشّعبية والتراثية، «غية» (حظيرة) تربية الحمام، أسطح وواجهات العقارات... مفردات تقابلك بشكل متكرر في شوارع مصر وميادينها، إلا أنّها استوقفت الفنان البولندي مارسين كوربانيك، خلال إقامته في العاصمة المصرية، لينظر إليها من زاوية فنية، ويترجمها في معرضه «كادرات ثابتة». يضم المعرض، الذي يحتضنه غاليري «أركيد» في حي المعادي، 18 لوحة ترصد ملامح من حياة المصريين، وجوانب من مناطق متعدّدة في القاهرة التي حلّ عليها الفنان البولندي بداية عام 2017 لمشاركته في مشروع الحفاظ على اللوحات الجدارية القديمة في قرية سقارة الأثرية، حيث أدهشته المشاهد الحياتية والأصوات والروائح والأذواق في العاصمة والمناطق المحيطة بها، ليقرر نقل تأثره الحسي بها فنياً، لذا كانت عودته إلى القاهرة مجدداً وبشكل شخصي بداية العام الحالي لينفذ مشروع معرضه.
يقول مارسين لـ«الشرق الأوسط»، «ما رأيته في القاهرة كان مشابهاً لمشاهد الأفلام، لذا كانت فكرتي في تجسيد هذه المشاهد عبر رسمها في لقطات ثابتة تعرض كل ما رأيته فيها، وتبعاً لذلك اخترت المصطلح السينمائي (كادرات ثابتة) عنواناً للمعرض، لأنقل فيه مصر كما رأيتها، ولتكون لوحات المعرض بمثابة توثيق لصلاتي الشّخصية مع شعبها، وتجسيداً للحظات مميزة من الجمال والاندهاش عشتها على أرضها ورصدتها من خلال عينّي».
الزائر للمعرض يجد نفسه بين نماذج من المصريين، لا سيما البسطاء، والأماكن والأسواق التي يقصدونها، ومشاهد من المناظر الطبيعية في صحراء مصر الغربية وسقارة، والهندسة المعمارية للعقارات. عنها يقول صاحب المعرض: «كانت الثّقافة المصرية شيئاً جديداً عليّ، وكان عدد المشاهد المثيرة للاهتمام لا يصدق بالنسبة لي، فأهم الأشياء التي ألهمتني في القاهرة هي الناس وبيئة حياتهم اليومية، خصوصاً أن المصريين لديهم طريقة خاصة في عيشهم، لذا حاولت أن أنقل ما استكشفته بينهم».
وعن أبرز اللوحات، يضيف مارسين: «أفضل مصدر إلهام للفنان هو نقل الرؤية الحقيقية، وفي الحقيقة المصريون والأماكن جذبوني بأشكال مختلفة وكانا مصدر إلهام لي، فمثلاً في بعض الأيام خطف عيني الضوء المنعكس من الواجهات المعمارية في القاهرة، وفي أيام أخرى كان ضوء الشّمس الذي يسقط على المباني ملهماً لي، وفي حالات أخرى لفت انتباهي وشاح ملون ملفوف حول أكتاف بائعة خضراوات، ولا أنسى لوحة (الرجال بائعي السميط على كورنيش النيل)، فهي لوحة نالت كثيراً من اهتمام من رآها».
ويلفت إلى أنّ المصريين كانوا متعاونين معه، في كافة الأماكن التي كان يقصدها حتى في مجرد السير بشوارع القاهرة والإسكندرية، ورحبوا بالاهتمام الذي أظهره تجاه بلدهم وثقافتهم، وهي المشاعر التي انعكست في أعماله.
يذكر أن مارسين كوربانيك حصل على درجة الماجستير في الترميم من أكاديمية وارسو للفنون الجميلة، كما أنه حاصل على شهادة في التربية الفنية، وشارك في العديد من ورش العمل الدولية وعرضت أعماله الفنية في مدن متعددة في بولندا، كما عرضت في المعارض التي نظمتها وزارة الثقافة والتراث الوطني البولندي، ويعد «كادرات ثابتة» معرضه الأول في مصر.



التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».